الزربية الأمازيغية الزيانية مرجع حقيقي للهوية الحضارية المغربية
تعتبر الزربية الأمازيغية الزيانية من المنسوجات الفنية التي اشتهرت بها منطقة الأطلس المتوسط، فبألوانها المتنوعة والمزركشة والمفعمة بالحياة، وأنماطها الفريدة والمتناغمة، لا تزال تأسر وتغري محبي هذا الموروث العريق، والشاهد الحقيقي على الثراء الثقافي والتراثي والحضاري والإبداع الفني للصانعة التقليدية المغربية.
وتتميز الزربية بقبائل زيان، بتناسق أشكالها الهندسية وألوانها الجذابة، فهي تجسد إحدى تمظهرات تشبت الأيادي الماهرة للمرأة الأمازيغية بالتقاليد المغربية والعادات الشعبية في إعداد هذا المنتوج الأصيل الذي يؤرخ لتاريخ وطقوس وهوية قبائل الأطلس المتوسط .
فبحلول صلاة العصر من يومي الجمعة والسبت يفتتح سوق الزربية المركزي بخنيفرة أبوابه، حيث يبدأ الحمالون بالقيام بعملية ”الدلالة”، ويتنقلون بين المحلات التجارية، لبيع منتوج يترجم الهوية الثقافية الأماريغية ويساهم إلى جانب منتوجات تقليدية محلية ”الحنبل والقطيفة والجلابة”، في تحريك العجلة الاقتصادية بالمنطقة من خلال الإقبال المتزايد على اقتنائها في المناسبات والأفراح وترويجها في معارض وطنية ودولية.
ويعرف السوق توافد النساجات والحمالين والعارضين القادمين من شتى المناطق من خنيفرة ومريرت وأكلموس وكهف النسور وآيت إسحاق وواومانة ومولاي بوعزة لحضور الدلالة وقطف ثمار مجهوداتهم، بالإضافة إلى أصحاب المحلات ال 18 المتواجدة بالسوق حيث تظهر للزائر تشكيلة من الزرابي من كافة الألوان، ومجموعة من الحزم التي تنتظر دورها لتفتح في عملية تتكرر كلما حل موعد السوق الأسبوعي.
وتعد الزرابي المعروضة في سوق الزربية نتاج أسابيع بل شهور عديدة من عمل المرأة الصانعة، إذ تحولت مع مرور الزمن إلى مبدعة بالفطرة في هذه الحرفة، خاصة أنها تقوم برسم العديد من الأشكال الفنية والإبداعات الساحرة، وهو ما يجعل زرابيها تمثل لوحات تشكيلية رائعة، احتفظت بصورة لواقع التراث الأمازيغي المغربي الأصيل، وتمثل جزءا من هوية قبائل المنطقة ونشاط سكانها، الذين يستمدون خيوطها وألوانها ومفردات أناقتها من التراث القديم.
وتصنع الزربية في أغلب الأحيان من الصوف الخالص والأعشاب الطبيعية، وهي مزينة بزخارف عبارة عن رسوم حيوانات أو أشكال هندسية بسيطة مزركشة برسوم الحيوانات والمناظر الخلابة وألوان جذابة يغلب عليها اللون الأحمر، مما يعكس الحس الجمالي للنساء اللواتي يتفنن في رسم لوحة فنية وجمالية تسر الناظرين.
وتنقسم الزربية، التي تنسج بالصوف الخالص وبطريقة تقليدية ذات لمسة محلية، إلى نوعين، زرابي كبيرة الحجم بعرض يتراوح ما بين 150 و200 سنتمتر وطول يصل إلى 200 سنتمتر، تستعمل في تزيين الجدران وأرضية البيوت، وزرابي صغيرة الحجم بطول 120 سنتمتر وعرض 80 سنتمتر غالبا ما تستعمل كفراش أو تزيين غرف المنازل.
تقول الصانعة رابحة إعلامي لوكالة المغرب العربي للأنباء، إنها تقوم بشراء الصوف وخلخلتة وغزله وصباغته ونسجه، وبعد ذلك تقوم بطرح المنسج وتثبيته، ثم تبدأ عمليات نسج الزربية التي تقضي فيها مدة شهرين أو ثلاثة أشهر، بعد ذلك تتحول هذه المجهودات إلى لوحات فنية بديعة يتم بيعها في السوق.
وفي تصريح مماثل أكد أحد باعة الزربية، أن هناك أنواعا كثيرة من الزرابي تعرض في هذا السوق علاوة على منسوجات أخرى من قبيل الحنبل والقطيفة قادمة من خنيفرة ومريرت وأكلموس وكهف النسور والقباب وكروشن ومولاي بوعزة وتونفيت وبومية وأيضا من أزرو وعين اللوح.
وتبقى الزربية الزيانية بدون شك ركيزة أساسية للاقتصاد المحلي، حيث قاومت مظاهر الحداثة الجارفة للحفاظ على جزء من الهوية الحضارية المغربية مما يستدعي عناية كبيرة لهذا القطاع من خلال وضع برامج ومخططات ناجعة، لتأهيل الزربية وتثمين منتوجاتها واعتمادها لاستراتيجية ناجعة للترويج وتأهيل الحرفيات.