الدين والحب والجنس ثالوث التناقض في المغرب
يعيش الشاب المغربي أمام ضغطين هما العصرنة والانفتاح أو الانصياع للتقاليد المحافظة التي يفرضها المجتمع، فكثيرا ما يجد المغربي نفسه أمام مغريات العصر الجديد أو تقييد المجتمع المحافظ خصوصا فيما يتعلق بالدين والحب والجنس، فلا جدال في الدين والعذرية والمشاعر، كل هذا جعل من هذه المواضيع طابوهات تقيد المغربي بين انفتاح العصر وتضييق المجتمع.
وكشف استطلاع رأي قامت به جريدة “ليكونوميست” ومكتب “سينورجيا” أن العلاقات بالمغرب تعد من المحظورات والمحرمات، التي تنال قدرا كبيرا من التعصب وانعدام الحرية، لدرجة جعلت الشباب يتخدون أماكن بعيدة عن أنظار الحكم المسلطة من المجتمع لممارسة أريحيتهم العقيدية أو الغرامية.
واعتبر هذا الاستطلاع أن الشاب المغربي يعيش حالة من الارتباك، فهو يريد الحفاظ على عقيدته وممارسة انفتاحه وحريته في الآن نفسه، لكنه يجد نفسه داخل خانة المستحيل لعدم إمكانية التوازن بين الأمرين، فلا يستطيع التملص من نظرة المجتمع ولا التخلي عن حقه في الحرية والانفتاح.
ولوحظ في الوقت نفسه أن الميل نحو التدين في صفوف الشباب يزيد سنة بعد سنة، ظاهرة أخدت منحى آخر، فشباب اليوم أكثر تدينا من ما مضى، واعتبر البعض أنهم “لا يريدون انفتاحا أكثر من هذا، فنحن نسير على الدرب الخطأ، وابتعدنا عن ما هو مذكور في كتاب الله والسنة، ولا يجب الانفتاح في ما يتعلق باللباس المفضوح أو حرية التعبير والممارسات الجنسية”.
ويتشدد بعض الشباب حتى في ما يتعلق بما يتم الترويج له من مساواة بين الجنسين، فالغالبية تجمع على رفضها المساواة في الإرث بين الجنسين لأن ذلك مخالف للشريعة الإسلامية، كما تميل فئة أخرى إلى عدم تقبل بعض الظواهر الجديدة داخل المجتمع من قبيل المثلية الجنسية ولا يميلون حتى إلى مخالطتهم.
تختلف أوجه التناقضات داخل المجتمع المغربي حتى فيما يتعلق بالتبليغ عن الجرائم أو الدفاع عن النفس، ونخص بالذكر هنا التحرش الجنسي، فلا تزال الظاهرة في مرتبة البلاهة وعدم الإكثرات من طرف المجتمع، فلا يتم رصدها كجريمة من طرف المواطن عكس ما يفعل القانون، وكثيرا ما تتردد الضحايا في التبليغ خوفا من تلطيخ العرض والشرف.
وبذكر العرض والشرف، فلا تزال العذرية تحظى برتبة الحكم على الفتاة إن كانت صالحة للزواج وتكوين الأسرة أو لا، وقال إحدى المستجوبين إني” لا أستطيع الزواج من فتاة سلمتني نفسها”، عكس ما اعتبرهم أحدهم أنه “في علاقة مع فتاة كاملة الأركان من حب وجنس واهتمام وينوي بالفعل الزواج منها”.
وينقسم المجتمع المغربي إلى فئات أخرى تؤيد الحريات الشخصية وتسعى لتضييق الخناق الذي يمارسه المجتمع، فالعلاقات الغرامية باتت واضحة بشكل جلي خصوصا في المدن الكبرى، لكن من الصعب التعبير عن المشاعر دون خاتم زواج أو عربة أطفال تبرؤ علاقتهما.
وتختلف أوجه العراقيل التي يواجهها الشباب في ممارسة أريحيتهم الغرامية أو غيرها من الأريحيات التي يقفل عليها المجتمع المحافظ في درج الطابوهات، فليس فقط الخوف من سخط العائلة ولوم المجتمع بل حتى رصد الشرطة التي تمنع خلوة الجنسين في أماكن غير عمومية.
وأجمع أغلب الفئات على تغييب دور الدولة في هكذا ظواهر أصبحنا نتعايش معها بشكل طبيعي ومربك، فلا يوجد أي مادة تدرس للأطفال والشباب تقيهم من هذا التناقض الحاصل في المجتمع، بينما اعتبر آخرون أن للأسرة دور كبير في تفكك قيم المجتمع، فأكثرهم من يرمون أطفالهم على مسؤولية المدرسة دون متابعة أو تربية.
بسمة زماني
تابعوا آخر الأخبار عبر واتساب
انضم إلينا واحصل على نشراتنا الإخبارية