“إعادة النظر في المدونة”.. مغالطات تحجب المطالب -فيديو
وفاء بلوى
جدل واسع صاحب القرار المكلي القاضي بـ”إعادة النظر في مدونة الأسرة، وتباينت الآراء بين مؤيد ومتحفظ، فيما آخرون تساءلوا عن معنى “إعادة النظر”، وهل يقصد به التعديل، أم إقرار مدونة جديدة؟
قراءة في بلاغ الديوان الملكي:
يرى جمال بن دحمان، استاذ جامعي لتحليل الخطاب، أن “البلاغ في وقته”، نظرا لمرور نحو 20 سنة على إقرار مدونة 2004، سيما وأن مدونة الأسرة بشكلها الحالي عليها “بعض المؤاخذات والانتقادات على مستوى التطبيق والممارسة”، مشيرا إلى أن “إعادة النظر في المدونة” يقصد بها التحيين، وأنه “كان من الضروري أن تطلق المبادرة من أعلى سلطة في البلاد حتى تنطلق الأمور من جديد، ويعدل ما هو قابل للتعديل”.
وفي السياق ذاته، يقول بندحمان في حديثه لـ”سيت أنفو” إنه ينبغي الثناء على مضمون البلاغ لمراعاته المنهجية الديمقراطية في “إعادة النظر في المدونة”، موضحا أن المبادرة هي من أعلى سلطة في البلاد، فيما المخرجات هي من جميع السلط، وكذا المجتمع المدني والعلماء والباحثين وذوي الاختصاص.
المغالطات والمطالب:
ضجت منصات التواصل الاجتماعي ببنود قانونية، نسبت إلى التعديلات المنتظرة في مدونة الأسرة.
ومن جملة ما راج، اقتسام ممتلكات الزوج بعد الطلاق، وأخذ 20٪ من الأجرة الشهرية للطليق، ما أذكى صراعا افتراضيا بين الرجال والنساء، بلغ حد “شيطنة” الجنس الآخر.
وفي هذا الصدد، تؤكد لبنى الصغيري، محامية بهيئة الدار البيضاء، والنائبة الأولى للجنة العدل والتشريع، أن “المدونة مازال ماخارجاش”، وكل ما يروج لا أساس له من الصحة.
من جهتها، تقول بشرى عبدو، رئيسة جمعية التحدي للمساواة والمواطنة، إن “شبكات التواصل الاجتماعي للأسف لا تفهم في نضال الحركة النسائية، لأنها لا تعيش معنا اليومي في مراكز الاستماع، حتى يتسنى لها الاستماع إلى الآلام والمعاناة” على حد قولها.
وتضيف عبدو بخصوص “شيطنة الرجل” و”العدائية اتجاهه”، “حنا مابغيناش مرا اللي غاتحكر الراجل وتاخد ليه فلوسو من جيبو وتقولو خاصك تعطيني”، موضحة أن الهدف “تكوين أسرة منسجمة يساهم فيها الطرفان بشكل متساوي وليس فقط الرجل، وهذا ما يجب تصحيحه لوسائط التواصل الاجتماعي” تقول.
بدوره الأستاذ جمال بندحمان، يقول “إننا عند الحديث عن مدونة الأسرة لم نسمها لا مدونة الرجل ولا مدونة المرأة وإنما هي للأسرة ككل.. وليس هنالك منتصر سواء مرأة أو رجل، لأن هناك عدة تمثلات مجتمعية غير صحيحة وغير سليمة كالحديث عن نسبة الطلاق والعزوف عن الزواج وإرجاع ذلك إلى المدونة”، موضحا أنه لا يعتقد أن أن السبب هو المدونة وإنما ” التأويلات” كما وصفها.
ومن جملة المطالب التي ترفعها الحركة النسائية عند الحديث عن “إعادة النظر في مدونة الأسرة” بحسب بشرى عبدو، إلغاء التععد وزواج القاصرات، وكذا الولاية على الأبناء بالتساوي، ومراجعة قيمة النفقة، وكذا إلغاء التعصيب في الإرث لغياب آية قرآنية قطعية في الموضوع، فضلا عن تقسيم الممتلكات المراكمة خلال فترة الزواج بالتساوي، سواء راكمتها المرأة أو الرجل، موضحة أن المطلب الأساسي مراعاة المصلحة الفضلى للطفل ولكل أفراد الأسرة المغربية.
مرجعيات تحترم الهوية المغربية
وعن المرجعيات التي ستعمد في تحيين مدونة الأسرة خلال الستة أشهر المقبلة، تقول لبنى الصغيري إن “مصادر القانون تتمثل في التشريع والشريعة الإسلامية والأعراف والقانون الطبيعي وقواعد العدالة” مشيرة إلى أن “أهم مرجع في المغرب هو الدستور، والفقرة 3 من الدستور تتطرق إلى الثوابت الجامعة، وأهم ما فيها الدين الإسلامي.. إلى جانب الوحدة الوطنية المتعددة الروافد، … وكذا الاختيار الديمقراطي، الذي من خلاله صادق المغرب على مجموعة من الاتفاقيات الدولية وأهمها “سيداو” واتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز”مؤكدة أن “الملكية الدستورية أهم ثابت” و أن الاتفاقيات الدولية تسمو على القوانين بحسب الدستور.
يشار إلى أن الحكومة المغربية أمام رهان الوصول إلى “تحيين ديمقراطي”، يستند على منطق التوافقات بين التيارات المحافظة والتقدمية في المملكة، فهل ستنجح؟