هل يتسبب كوفيد-19 في الإصابة بمرض السكري؟.. دراسة توضح

بعد مرور أكثر من عام على التعافي من عدوى “كوفيد-19” تتكيف جينيفر هوبز مع وضعها الطبيعي الجديد: ضباب الدماغ، وآلام المفاصل، وارتفاع إنزيمات الكبد، وحاليًا، مرض السكري من النوع 2.

وكانت هوبزن قد أُصيبت بمقدّمات السكري قبل إصابتها بـ”كوفيد-19″، لكن معدلات السكر في دمها كانت تحت السيطرة، ولم تكن بحاجة إلى علاج. بيد أن الوضع تغيّر في الآونة الأخيرة.

وقالت هوبز، 36 عامًا، إنها تفحص “مستوى السكر في الدم كل صباح”. وتساءلت ومقدم الرعاية الأولية إن كان لتشخيصها الحديث بمرض السكري علاقة بإصابتها بفيروس كورونا.

وبعد مرور عامين على انتشار جائحة “كوفيد-19″، حوّل العلماء والأطباء انتباههم إلى أعراض “كوفيد-19” طويلة الأمد.

وبحسب ما أورده موقع “CNN” بالعربية، فقد أضافت دراسات حديثة مرض السكري إلى قائمة النتائج المحتملة لأعراض “كوفيد-19″ طويلة الأمد.

وأدرك الخبراء أنّ مرضى السكري أكثر عرضة للإصابة بالمرض الشديد جراء فيروس كورونا، لكن ثمة علاقة جديدة تتكشّف، وتشير إلى أن الإصابة بـ”كوفيد-19” تزيد من خطر الإصابة بمرض السكري.

وتناولت إحدى الدراسات المنشورة هذا الشهر الأشخاص الذين أصيبوا بالمرض الخفيف جراء “كوفيد-19” في ألمانيا، وتبيّن أنهم أكثر عرضة لتشخيصهم بمرض السكري من النوع 2 حديثًا بنسبة 28%، مقارنة مع الأشخاص الذين لم يصابوا مطلقًا.

وأظهرت دراسة أخرى أجريت في الولايات المتحدة الأمركية، نتيجة مماثلة، حيث كشفت عن زيادة خطر الإصابة بمرض السكري لدى الأشخاص الذين تعافوا من “كوفيد-19” بنسبة 40%، بعد عام في الحد الأدنى. وقدرّ الباحثون أن حوالي 2 من كل 100 شخص أصيبوا بـ”كوفيد-19″، سيتم تشخيص إصابتهم بمرض السكري حديثًا.

ووجدت هذه الدراسة الأمريكية، التي نُشرت الأسبوع الماضي في المجلة الطبية “The Lancet”، أنه حتى بين الأشخاص الذين لديهم عوامل خطر متدنية أو معدومة لمرض السكري، فإن إصابتهم بكورونا أدت إلى زيادة معدل خطر الإصابة بالسكري بنسبة 38٪.

وكلما كان المرض جراء كورونا أكثر شدة، كلّما ارتفعت مخاطر الإصابة بمرض السكري. وبالنسبة للأشخاص الذين عولجوا في وحدة العناية المركزة، زادت نسبة خطر إصابتهم بمرض السكري بنسبة 276%. ويرجّح الخبراء أنّ مرّد ذلك مرتبط بالستيرويدات التي تعطى لبعض المرضى خلال تلقيهم رعاية حادة في المستشفى، الأمر الذي قد يؤدي إلى زيادة مستويات السكر بالدم.

وقال الدكتور زياد العلي الباحث الرئيسي في الدراسة، ورئيس قسم البحث والتطوير لدى نظام سانت لويس للرعاية الصحية في ولاية فيرجينيا الأمريكية، واختصاصي وبائيات سريرية في جامعة واشنطن بمدينة سانت لويس الأمريكية، إنّ “هذا ليس تشخيص لمرض السكري يدوم شهرًا أو اثنين بعد الشفاء، بل لمدة عام، وهو يصيب الأشخاص الذين لم يدخلوا إلى المستشفى بالتأكيد”.

واستندت هذه الدراسة إلى البيانات الوطنية الخاصة بوزارة شؤون المحاربين القدامى الأمريكية، يهدف متابعة أكثر من 180 ألف شخص إثر إصابتهم بـ”كوفيد-19″. وقارن فريق البحث نتائج هذه المجموعة مع نتائج مجموعة مراقبة تضم أكثر من 4 ملايين شخص قبل الجائحة، بالتوازي مع مجموعة أخرى تضم أكثر من 4 ملايين شخص خلال الجائحة، ولم يُصابوا بـ”كوفيد-19″.

أما لدى الأطفال فإن تشخيص خطر الإصابة الإجمالي بمرض السكري الحديث أسوأ، إذ كشف تقرير صادر عن المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والسيطرة عليها، نُشر في يناير/ كانون الثاني، أنّ الأطفال كانوا أكثر عرضة للإصابة بالسكري بعد الإصابة بـ”كوفيد-19″ بمعدل مرتين ونصف المرة، ممّن لم يصابوا أبدًا بعد شهر من الإصابة.

التحقيق في الارتباط
وانتشرت نظريات حول تورط الالتهاب الناجم عن الأمراض الفيروسية بالإصابة بمرض السكري لسنوات طويلة. ورغم ذلك، فإن الدكتور روبرت غاباي، كبير المسؤولين العلميين والطبيين في جمعية السكري الأمريكية، رأى إن هذه المرة الأولى التي تظهر فيها الدراسات مثل هذه العلاقة الصارخة بين مرض السكري وفيروس معين.

وما برح غير واضح للعلماء العلاقة بين الإصابة بفيروس كورونا وخطر الإصابة بمرض السكري. وتشير إحدى النظريات إلى أنّ المُستَقبِل الذي يعلق به الفيروس في الرئتين، موجود أيضًا في البنكرياس.

وقالت الدكتورة سارة كرومر، مساعدة الطب في مستشفى ماس العام بقسم أمراض الغدد الصماء والسكري والتمثيل الغذائي، وغير المشاركة بالدراستين الجديدتين، إنّ “عددًا من الدراسات تظهر بالفعل أن SARS-CoV-2 يمكن أن يهاجم خلايا بيتا في البنكرياس، وقد يسبب ضررًا مؤقتًا في الحد الأدنى، إن لم يكن ضررًا أكثر ديمومة”.

وخلايا بيتا موجودة في البنكرياس وتنتج الإنسولين. ومع تلف هذه الخلايا جراء “كوفيد-19″، قد يفقد الجسم قدرته على إنتاج الإنسولين. وهذا الأمر مماثل لما يحدث مع مرضى السكري من النوع 1، أي اضطراب في المناعة الذاتية يدمّر فيه الجسم خلايا بيتا الخاصة به، ويعجز بالتالي عن إنتاج الإنسولين.

ولفتت كرومر إلى أنه “من المرجح أيضًا أن يكون هناك التهاب جراء الإصابة بكوفيد، الذي قد يكون موجودًا بمستويات متدنية لدى الحالات التي لم تظهر لديها أعراض أو أعراضها طفيفة”. مشيرة إلى أنه “يمكن أن يؤدي ذلك إلى مقاومة الإنسولين لفترة قصيرة، وقد يؤدي فعل التراكم إلى سلسلة من الأحداث قد ينتج عنها مقاومة الإنسولين على المدى الطويل”.

وقالت كرومر إن هناك عوامل أخرى يمكن أن تساهم بزيادة خطر الإصابة بمرض السكري، موضحة أنه “عندما يتم تشخيص إصابتك بـSARS-CoV-2، قد تبقى في المنزل لفترة قصيرة، وتأكل على نحو مختلف، وقد لا تمارس الرياضة. ثمة العديد من الأمور التي قد تؤثر على نمط حياتك وسلوكك، ونحن لا ندرك في الحقيقة كيف يمكنها التفاعل مع أمراض التمثيل الغذائي”.

وفي دراسة أشرفت عليها كرومر وفريقها البحثي، توصلت إلى أن الأشخاص الذين شخّصوا حديثًا بمرض السكري إثر إصابتهم بـ”كوفيد-19″ أصغر بالسن غالبًا، أو من ذوي البشرة السوداء أو من أصل إسباني، وليس لديهم تأمين صحي.

وأوضحت كرومر: “اعتقدنا أن عددًا من هؤلاء الأشخاص ربما كانوا مصابين بمرض السكري مسبقًا، ولم يتم تشخيصه لأنهم لا يستطيعون الحصول على الرعاية الصحية”.

ولكن بعد مرور 11 شهرًا من إصابتها بكورونا، تمّ تشخيص كلوديا مينديز، 45 عامًا، بمرض السكري من النوع 2 خلال زيارة رعاية عاجلة. ولوحظ أن مستوى الغلوكوز في دمها 300، أي أعلى بكثير من المستوى الطبيعي الذي يفترض أن يقل عن 140.

ولا تشير هذه الدراسات إلى أن حالات مرض السكري المحددة مثل حالات مينديز وهوبز نجمت مباشرةً عن فيروس كورونا، لكنها تغير طريقة تفكير الأطباء بشأن العلاقة بين الحالتين.

وربما، يُفترض الآن النظر إلى “كوفيد-19” على أنه عامل خطر مسبّب للإصابة بمرض السكري.


حكيم زياش يعلق على أحداث أمستردام الهولندية -صورة

whatsapp تابعوا آخر الأخبار عبر واتساب






انضم إلينا واحصل على نشراتنا الإخبارية




زر الذهاب إلى الأعلى