نهاية “القامرة”.. محطة جديدة للحافلات بالرباط ومصير مجهول لعشرات العمال
تنتهي بعد منتصف، ليلة اليوم الأربعاء، حكاية معلمة طرقية استقرت على أرض العاصمة الرباط لعقود طويلة من الزمن، بعدما أعلنت السلطات أن العمل بالمحطة الجديدة سينطلق اعتبارا من يوم غد الخميس فاتح دجنبر.
في ظاهر هذا المرفق الجديد الذي ينتظر أن يستقبل الحافلات في الساعات القليلة القادمة، كثير من الجمالية والتحديث وما يكفي من الإبداع الذي يسر الناظرين، لكن عمقه يحمل آهات فئة عريضة من المواطنين الذين يطاردون لسنين طويلة لقمة العيش من داخل “القامرة” وفي محيطها دون أن يؤطرهم أي قانون، هؤلاء لن يكون بمقدورهم الإلتحاق بالمحطة الطرقية الجديدة التي تشتغل في عملها بأنظمة تقنية تستغني عن اعتراض الزبناء وعرض التذاكر، كما أنها تفرض الإشتغال بصرامة تفرضها السلطات على الشركات وتلزمها بمنح التذاكر حصريا من الشبابيك دون غيرها.
رفض لـ”الوسطاء”
عددهم بالمئات وفق إفادات متطابقة، تشغلهم شركات النقل دون أية تعاقدات خاضعة لقانون الشغل، مهمتهم البحث عن زبائن لملء مقاعد الحافلات التي يؤدون هذه المهام لصالحها مقابل مبالغ مالية لا يتحكم المشغل ولا المستخدم في قيمتها، وإنما يكون نصيب الأخير الفرق الحاصل بين الثمن المحدد للتذاكر وما يمكن أن يتحصل عليه زيادة عنه بأساليب لا يمكن إلا أن تكون التوائية مادام الربح السريع وراءها.
بالرغم من ذلك يرفض هؤلاء نعتهم بـ”الوسطاء” على الأقل في ظرفية كهاته يبحثون فيها عن أذن جهة ما تنصفهم قياسا مع سنين كثيرة قضوها في فضاء ألفوه وألفهم ويرون في إنهاء عمله، إنهاءا مباشرا أيضا لقوت يومهم وقوت أسرهم.
“خالد” قضى أزيد من عقدين في المحطة، حتى قبل أن يتزوج ويؤسس أسرة، اعتبر في حديثه للموقع أن كلمة الوسطاء تحمل كثيرا من الإساءة وربما تخويفا للمسافرين، مضيفا أن هؤلاء عمال لصالح شركات نقل، يشتغلون بنبل طلبا للقمة العيش ودون الإساءة للآخرين بأي شكل من الأشكال.
مصير مجهول
تنطلق حافلات النقل العمومية في اتجاه المحطة الجديدة مع بداية أولى ساعات الخميس، تاركة وراءها بيتها المألوف بشكله الهندسي الفريد، وتاركة أيضا مواطنين كثرا ستقذفهم “القامرة” إلى الشارع كأنها لم تكن تفتح لهم أبوابها صيفا وشتاء دون أن تكل من صخبهم وصيحاتهم وأحيانا كثيرة من خصاماتهم واشتباكاتهم التي لا تنتهي إلا لتعود من جديد.
“عبد الرحيم” تحدث عن المصير المجهول لعدد كثير من العمال، وقال إنهم على أعتاب تشريد مع سبق الإصرار والترصد لهم ولعائلاتهم، “أنا الذي أتحدث إليك أعيل أسرة مكون من أربعة أفراد، لا عمل لدي ولا أثقن أي حرفة”، وزاد مناشدا المسؤولين بالتدخل من أجل تصحيح الوضع وإيجاد حل لا يقصي هذه الفئة.
محمد الصالحي، رئيس جمعية حماية وتوجيه المستهلك بالرباط سجل في حديثه لـ”سيت أنفو”، أن هؤلا العمال يتم توظيفه في الواجهة من طرف أصحاب شركات النقل العمومي، معتبرا أنهم يذلك يقحمون في صراعات مع المسافرين تصل إلى السب والشتم، زيادة على سلوكات أخرى يقفون وراءها تسيء لسمعة المحطات الوطنية ومحيطها.
في مقابل ذلك يرى الفاعل الحقوقي أن هؤلاء لا يجب أن يتم إقصاؤهم باعتبارهم شريحة مجتمعية تكابد من أجل العيش، وقال إن الحكومة عبر وزارة النقل واللوجستيك والفاعلين في مجال النفل مطالبون جميعا بالجلوس من أجل التفكير في حلول جدية من شأنها إنصافهم.
اتهام للسلطات بالإقصاء
يعيب عمال محطة القامرة على السلطات في العاصمة الرباط، اتخاذ قرار ترحيل الحافلات العمومية ابتداء من فاتح دجنبر إلى المحطة الجديدية دون إشراكهم في الأمر، باعتبارهم عنصرا فاعلا فيها ومكونا بشريا يحتل جزءا كبيرا من تركيبتها.
“إبراهيم” استغرب كيف تم اتخاذ قرار بهذا الشكل في ظرف وجيز، ودون الأخذ بعين الاعتبار الظروف الاجتماعية لهؤلاء العمل، ويأمل على غرار زملائه في التفاتة ملكية تعيد لهم الاعتبار، بالنظر إلى الرصيد الزمني الكبير الذي قضوه عمالا في المحطة.
شركة لا تعترف بـ”الوسطاء”
وضعت شركة “الرباط مسافر” التي تدبر المحطة الطرقية الجديدة التي دشنها الملك محمد السادس أول أمس، خيارين لا ثالت لهما للمسافرين من أجل اقتناء تذاكر الحافلات، يتعلق الأول بشباك آلي والثاني بالشبابيك الموزعة على طولها، ما يعني القطع مع المألوف في المحطات الطرقية المغربية.
يوسف بناني مدير الشركة، اعتبر في تصريح صحفي أن التسيير في المرفق الجديد يتم وفق نظام معلوماتي، يسمح للمسافرين بالتعرف على الحافلات وأوقات مغادرتها ودخولها في شاشات معلقة دون الحاجة إلى استفسار أشخاص آخرين، فضلا عن خدمات أخرى.
وتوفر المحطة الجديدة وفق المسؤول ذاته دخولا وخروجا سلسين، إلى جانب مراعاتها تجنيب العاصمة الإدارية مشكل الإزدحامات التي تتسبب فيها الحافلات، مع إحداث هذا المرفق في المدخل الجنوبي وفي موقع استراتيجي قريب من مدخل الطريق السيار.
تابعوا آخر الأخبار عبر واتساب
انضم إلينا واحصل على نشراتنا الإخبارية