معمل “الخياطة الموعود” بوزان : بين الحقيقة والوهم وعلاقة ذلك ب “ريع” التكوينات وشبهة الاستغلال الإنتخابي

بعيدا عن معمل الخياطة بوزان المزمع “بناءه “، وبعيدا عن كل الجدل الذي رافق هذا الإعلان، وبعيدا عن الصراعات السياسية الخفية والمعلنة وما رافق ذلك من تبادل الإتهامات، وبعيدا عن سؤال هل أنت مع المحرشي أو ضده ، وهل أنت من مع العدالة والتنمية أو ضدها ،وهل أنت مع الأنصار أو المهاجرين ….
لنترك كل هذه التكهنات والخلافات والمواقف جانبا ،ولنطرح الأسئلة التالية بكل جرأة ومهنية ،حتى نستطيع على الأقل محاولة فهم حقيقية ما جرى وما يجري.

في البداية لا بد من التأكيد على أن لا أحد في إقليم وزان ضد انشاء هذا المعمل أو ذاك، عكس ما يحاول البعض ترويجه، والدليل على هذا هو أن جميع المستشارين بمجلس جماعة وزان صوتوا لتفويت قطعة أرضية للمستثمر (معارضة وأغلبية) كما أن السلطات المحلية والإقليمية لم تعترض على هذا القرار بل شجعت عليه، كما أن جميع أطياف المجتمع المدني والسياسي والحقوقي بالإقليم رحبت بهذا المشروع، لأن هذا المشروع سيصب في مصلحة الجميع ،إذن من حيث المبدأ لا أحد ضد هذا المشروع ولا ضد الإستثمار في المشاريع التي تساهم في خلق فرص الشغل للشباب العاطل عن العمل ،وطبعا سنكون بالمرصاد لأي مسؤول أو أي جهة تحاول عرقلة مشاريع داخل تراب الإقليم ستعود على الساكنة بالنفع والخير.

من يعرقل الإستثمار ليس فقط في إقليم وزان بل في المغرب عموما هي الجهات المستفيدة من الريع والفساد والبيوقراطية التي تنخر الإدارة العمومية والمجالس المنتخبة ،وليست الأصوات المعارضة والمنتقدة سواء تعلق الأمر بنشطاء المجتمع المدني والحقوقي أو وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي… لأن دور هذه الأخيرة هو البحث والتقصي وطرح الأسئلة المحرجة والفضح، وليس التطبيل لهذه الجهة أو ذاك أو الصراخ دفاعا عن طرف معين….

في المحصلة لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يقبل عاقل أن يقبل بما يقدم له أو يتم تسويقه دون تمحيص أو تدقيق، ومن يريد هذا الإتجاه فحتما يريد أن تسود ثقافة جيل الضباع ،ومن هذا المنطلق فإن من حق السيد المحرشي ومن حق الآخرين (بغض النظر عن مواقف الطرف الآخر من هذا الشخص أو ذاك) أن نطرح الأسئلة حتى وإن لم تعجب الكثيرين ،نعم من حقنا جميعا أن نطرح الأسئلة المتعلقة بهذا المشروع، وهل هو حقيقي أو وهمي؟ وما علاقة ذلك بقضية التكوينات ؟ ومن المستفيد الحقيقي منها ، ولأي هدف أو مصلحة؟ ولماذا الإعلان عن تلقي طلبات العمل قبل الشروع على الأقل في وضع حجر الأساس لهذا المشروع؟ وهذا لا يعني مطلقا أننا ضده ،بل بالعكس نريد أن تتجه الأمور بالشكل الصحيح، حتى لا نستيقظ  غدا على مفاجئة أو فضيحة لم تكن في الحسبان ، وتبدأ بعد ذلك مراسيم الذبح والسلخ لنا جميعا لأننا لم نقم بدورنا الرقابي بالشكل المطلوب…

العاطفة مطلوبة ، والمكان الطبيعي لتصريفها  هو المنزل والعائلة والعلاقات الإنسانية الدافئة، وليس في قضايا الشأن العام أو كل ما يهم مصلحة المواطنين وحقوقهم، وقياسا على ذلك لماذا تعامل البعض مع تصريحات السيد وزير التشغيل محمد أمكراز بالكثير من الثقة والعاطفة إلى درجة اليقين المطلق فيما يقوله الرجل، بل ذهب البعض إلى محاولة إلباس خرجته في البرلمان نوعا من القدسية في معرض رده على المستشار السيد العربي المحرشي ، رغم علامات الارتباك كانت بادية على محيا الوزير، بل تهرب من بادئ الأمر من الجواب على السؤال الموجه إليه، في المقابل يتم التهجم على المحرشي حتى دون الإلتفاف لما يقوله ولو على سبيل الإستئناس أو من باب المزاح…
لماذا يعتقد البعض أو يروج أن المحرشي ضد انشاء معمل الخياطة هذا؟ ما هي مصلحته في الاعتراض على هذا المشروع؟ لنترك هذه الأسئلة أو الأجوبة المحتلمة جانبا، لكن لماذا لم يتم تسليط الضوء حول قضية التكوينات التي تنفذها وكالة إنعاش الشغل وتشغيل الكفاءات (أنابيك) التي أثارها السيد المحرشي في عدة مناسبات، لماذا يتم تجاهل هذه القضية عمدا خصوصا وأن هناك تقارير رسمية تتحدث عن فساد كبير داخل هذه المؤسسة العمومية التابعة إلى وزير الشغل والإدماج المهني التي تناوب على تدبير شؤونها  الوزير السابق محمد يتيم والحالي السيد أمكراز، كما أن وكالة أنابيك يترأسها حاليا عبد المنعم المدني وكل هذا الثلاثي ينتمي إلى نفس الحزب (العدالة والتنمية) ،والتقارير تتحدث عن تفويتات وصفقات في مجال تكوين الشباب إلى مكاتب الدراسات خاصة يديرها مقربين أو منتمين إلى الحزب ،كما أن من بين المستفيدين من هذا الورش التكويني مكتب دراسات يوجد في ملكية مستشار في ديوان الوزير أمكراز ( هذا المستشار حصل على صفقة قبل إلتحاقه بمكتب الوزير  لتكوين حوالي 800 شاب بمبلغ 120 مليون سنتيم) علما بأن السيد المستشار ينتمي أيضا لنفس الحزب ،كما أن هناك تقارير رسمية تتحدث عن أن جل هذه التكوينات وهمية وكلفت خزينة الدولة حوالي 10 ملايير سنتيم ،وجلها منحت للمقربين من الحزب أو المنتمين له…

إذن لماذا لايتم التعاطي مع كل المعطيات والمعلومات التي تتحدث عن فساد كبير داخل أروقة هذه المؤسسة العمومية بشكل جدي ،ولماذا لا يتم إسقاط ذلك على قضية” معمل الخياطة” بوزان ولو من باب الحذر، خصوصا في الشق المتعلق بالتكوينات التي تكلف 18 ألف درهم للفرد وشبهة الاستغلال الإنتخابي ، فربما تكمن هنا كل القصة وأصل الحكاية، أما منطق نحن الملائكة والآخر هو الشيطان لم تعد ينطلي على أحد.

” فالضباع تستغل رائحتها  لإستدراج فرائسها”

* نورالدين عثمان : فاعل حقوقي


أشرف حكيمي يفضح هجوم باريس سان جيرمان

whatsapp تابعوا آخر الأخبار عبر واتساب






انضم إلينا واحصل على نشراتنا الإخبارية




زر الذهاب إلى الأعلى