لماذا يَنجَذبُ المغاربة نحو الحياة الخاصة للمشاهير.. فضول أم تطفل؟
يتجدد النقاش حول موضوع التدخل في الحياة الخاصة للأفراد ونشر تفاصيلها على منصات التواصل الاجتماعي من طرف رواد هذه الفضاءات الافتراضية، مع كل حديث عن وجود نية لتقنين النشر خاصة بعد حديث وزير العدل في أكثر من مناسبة عن عدم رضاه على استباحة الحياة الخاصة للمغاربة، ورغبته في تجريم هذا السلوك.
وعاد هذا النقاش إلى الواجهة بعد الرسالة التي وجهها عميد المنتخب المغربي لكرة القدم، رومان سايس، يطلب من خلالها عدم التدخل في حياته الخاصة بعد انتشار صور وشائعات على منصات التواصل الاجتماعي تخص حياته الخاصة، وذلك مباشرة بعد الإنجاز التاريخي الذي حققه “أسود الأطلس” في بطولة كأس العالم قطر 2022.
ويتساءل البعض في هذا السياق، ما الذي يجذب رواد منصات التواصل الاجتماعي بالمغرب نحو الحياة الخاصة للمشاهير والشخصيات العمومية؟ وهل لهؤلاء الحق في نشر وتقاسم صور هذه الشخصيات وأخبارها دون إذن، فيما يشبه اقتحام “بيوت الناس” واختراق مساحاتهم الحميمية بكثير من “الفضول” و”التطفل” أحيانا؟.
يرى الأستاذ الباحث في علم الاجتماع، زكرياء أكضيض، أن فهم ثنائية الحياة العامة والحياة الخاصة ينبغي ان يتم على ضوء التحولات التي يعرفها الإنسان المعاصر، و على وجه الخصوص نفاذ التقنية- الرقمنة إلى مختلف مفاصل الحياة الاجتماعية؛ ما يعني أن العالم الرقمي أنتج مساحة مشتركة متعالية عن المكان والزمان والحدود الاجتماعية.
ويعتبر أكضيض أن “كثافة الصور الشخصية الواردة في شبكات التواصل الاجتماعي وسهولة الولوج إليها، ضيق من حدود الحياة الخاصة وجعلها في متناول الجميع، وبالتالي إمكانية الاطلاع على المعطيات الشخصية واستخدامها أحيانا، وفق رهانات غير أخلاقية قد تمس بكرامة الإنسان”.
ويشدد الباحث على “أنه بقدر ما وسعت الرقمنة من حدود العلاقات الاجتماعية، إلا أنها أضحت منفلتة من القيم، لكونها وضعت بين يدي فاعلين يستثمرونها بهدف الرفع من نسب المشاهدة في العالم الرقمي”، مضيفا أن هذا الفعل ينم عن “حالة من الجشع الرقمي الذي ينحو صوب الربح المادي دون إعارة الاهتمام للقيم الإنسانية، فكأن الحياة الخاصة للإنسان تحولت الى مادة للاستهلاك الرقمي، ولو على حساب الحياة الخاصة للأفراد”.
ويوضح المتحدث أن الأمر لا يتعلق بالفضول أو التطفل، وإنما بطريقة استخدام تطبيقات قادرة على تزييف حقيقة الإنسان وحياته الخاصة، وترويجها في صفوف العامة، مشيرا إلى أنه “مادام الانسان في عالم رقمي مفتوح، فإنه يتوقع إمكانية الغير الاطلاع على حياته الخاصة”، مضيفا أن “الغاية في معرفة الآخر المختلف تظل كامنة في النفس البشرية، غير أن استثمار الاطلاع على الحياة الخاصة من أجل أغراض لا أخلاقية؛ من شأنه المش بكرامة الإنسان”.
تابعوا آخر الأخبار عبر واتساب
انضم إلينا واحصل على نشراتنا الإخبارية