لماذا تشتدُ شراسة الإسلاميين لإيقاف قوانين تحمي الحريات الفردية؟
بمجرد إعلان النائب البرلماني عن فيدرالية اليسار الديمقراطي، عمر بلافريج عن مقترحه للجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان بمجلس النواب التي بصدد مناقشة مشروع قانون رقم 10.16 يقضي بتغيير وتتميم مجموعة القانون الجنائي، يدعو فيه بإلغاء الفصل 489 و490 و491 باعتبارهم يتعارضون مع منطق الحريات الفردية مثل الممارسة الجنسية الحرة للأفراد الراشدين والإجهاض والاعتراف بحق المثليين جنسيا، تعرضّ لردود فعل وُصفت بالشرسة من طرف الإسلاميين بمختلف مواقعهم، خصوصا على مواقع التواصل الاجتماعي “الفايسبوك”، ولم يشفع له طلبه في نفس المقترح برفع العقوبة على مغتصبي الأطفال إلى المؤبد، مما يفتح السؤال: ما الخلفية السيكو اجتماعية لهذه الهجمة، رغم أن قادة الإسلاميين عموما كانوا ضحايا بارزين لقوانين التضييق على الحريات الفردية في المغرب؟.
وفي هذا الإطار، أوضح عادل الحسني الباحث في علم النفس الاجتماعي، أن “تحليل معارضة الإسلاميين لقوانين تحمي الحريات الفردية في المغرب يتطلبُ استحضار ثلاث أبعاد أساسية، أولها أنهم أبرز مثال صريح للتناقض الذي يعاني منه جزء كبير من المجتمع المغربي وهو يحتك بالتحولات النفس-اجتماعية التي تفرضها الحداثة، فهم ملزمون بالتقدم خطوات قاسية على معتقداتهم للحفاظ على تواجدهم وتطورهم في النقاش الاقتصادي والتربوي والثقافي العمومي، وهم – بكل درجات تشددهم – ملزمين بالبقاء في توجيه وتأطير الرأي العام بقواعد حداثية مثل المشاركة السياسية وحتمية القبول بحقوق الإنسان وفي نفس الآن يرتدون بشكل لاواعي مغلف بالدين إلى نزعة جعل خصوصيات الفرد الجنسية ملكا جماعيا تحت السيطرة”.
وأضاف في نفس النقطة السابقة أن “الإسلاميين يشتركون مع أغلب النخبة المغربية في هذا الواقع المتناقض، لكنهم الأكثر صراحة في التعبير عنه، لأنهم مضطرون للوقوع في هذا التناقض على مستوى الدعوة وليس الممارسة فقط”.
وعن الأمر الثاني، أبرز أن “تحريك الغرائز البدائية للجمهور هو مكون أساسي في الهوية النفسية للعمل السياسي والإعلامي للإسلاميين، فأي تحرك للإسلاميين في الإعلام والسياسة والتأطير وعي الجمهور لم ولن يكون على أساس مشاريع تحسين المستوى الاقتصادي والسياسي والثقافي والقيمي للمجتمع، فالإسلاميون يدركون بالتجربة مدى النجاحات التي يحصدونها انتخابيا وإعلاميا بالعبث في أوتار النزعات الوحشية للجماهير”.
وتابع: “عبر التحريض ضد الخصوم والمفكرين والنخبة بإبراز تصدرهم لحماية نزعة السيطرة على المرأة، والتخويف من إهمال الارتباط بالواجب الديني كانت دائما عوامل كبح المجتمعات المتخلفة نحو التقدم والحرية، وتأتي أرباحا ظرفية للتيارات الدينية لكنها تتسبب في تعميق التخلف الثقافي والتشريعي أصبحوا هم أبرز ضحايا كما نتابع في الدعاوى القضائية المشهورة،فكما سلطوا على خصومهم سلاح التحريض الجماهيري للأخلاق التسلطية الزائفة ، فخصومهم المفترضون يسعل عليهم اليوم الإيقاع بيهم في نفس الفخ، والخاسر دائما هو تطور المجتمع”.
وشدد أن “شراسة المعارضة التي يعبرون عنها تجاه تحرير المجتمع المغربي من القيود الحقوقية لا تعكس سوى تعطشهم الفوضوي للجنس، وتوقهم الوحشي للاستغلال الجنسي، قد يبدو هذا التحليل غريبا على من لم يقرأ ميكانيزمات التحليل النفسي، لكن استنتاج ذلك واضح بالنظر لمعطيين مهمين، أولا ، استفادة نخب الإسلاميين من ممارسات جنسية فوضوية تسمح بها أدبياتهم وهي غير معروفة وغير مستساغة عقلا لدى جمهورهم وعموم المجتمع المغربي، مثل الزواج بدون الشروط القانونية بصيغه الفقهية القديمة، كالمتعة (بصيغته السنية ) والزواج بنية الطلاق المجمع عليه من قبل كل المذاهب الفقهية والعديد من الصيغ الاحتيالية التي يعتمدونها خارج قانون الأسرة”.
وأشار إلى أن “هذا التناقض بين العلني والسري في ممارسة الجنس يضع “فضيلتهم” دائما تحت تهديد الفضيحة الشعبية، الأمر يخلق في نفسيتهم الجماعية كبتا للمرغوب، وهو تحرير الجنس، ولكنه يظهر على شكل رفض شرس مبالغ فيه جدا يفضحك الرغبة الكامنة فيه، ولكن حقيقته فوضوية وغير متحضرة، سيظل الإسلاميون يتخبطون بين رفض الحرية الفردية وممارستها بطريقة فوضوية إلى يحين وقت اعترافهم بضرورة تحقيق انسجام بين التطور الحداثي الذي يسير فيه المجتمع المغربي وبين بنيته الثقافية والقانونية والتربوية”.
تابعوا آخر الأخبار عبر واتساب
انضم إلينا واحصل على نشراتنا الإخبارية