قصتي مع كورونا.. حكاية مساعدة صيدلانية وزوجها انتصرا على الفيروس بالمغرب
كل شيء بدأ قبل ثلاثة أسابيع، وبالضبط في ذلك اليوم الذي أصبح لحظة سوداء في ذاكرة ريثا.
ريثا، كما باقي مساعدي الصيدلانيين والصيدلانيات، كان عليها أن تكون في المقدمة، لا يهم إن تسرب المرض من هنا أو هناك، مادام الواجب يقتضي المواجهة وفي الصفوف الأمامية!!.
بمنطقة شعبية بالعاصمة الاقتصادية للبلاد، تلك التي يتحدر منها كثير من أبناء البسطاء، ممن يعيشون على موائد الفقراء، وبالضبط بنفس الشارع الرئيسي الذي اشتهر بالصيدلية التي التحقت للعمل بها قبل سنوات، تحولت حياة ريثا التي اعتادت الفرح في ذلك اليوم المشؤوم إلى قلق مسترسل … خاصة حينما اختفت صاحبة الصيدلية لأربعة أيام وجاء بعدها الخبر اللعين: » أغلقوا الصيدلية، إنني مصابة بالوباء »!!
كل شيء انقلب إلى سواد في سواد، خاصة وأن ريثا، وهو بالمناسبة اسم مستعار، كانت بدورها تحس بدورها بدوار يأتي ويختفي وسعال حاد وحرارة تتزايد بدون مناسبة، انتقلت ريثا من الصيدلية إلى المشفى لإجراء التحاليل إياها.
وبين الصيدلية والمشفى، كيلومترات معدودة، أو سنوات من الرعب.
استرجعت ريثا شريط الحياة في ثواني سريعة، الأبناء والزوج والماضي الجميل … سنوات الدراسة الأولى وأيام الطفولة بشغفها والجامعة بكل مشاقها وأفراحها مرورا بالحي والأصدقاء والأحلام أيضا… وها هي دقات القلب تتزايد حينما علمت أن زوجها أصيب بالداء.
قال لي زوجها ياسين، وهو على فراش المشفى، أن كل شيء على ما يرام، وهو يدرك تماما أن الخوف الذي يقاومه هو نفسه الذي تملك كثير من الأصدقاء …
وستمضي أيام، وياسين في المستشفى، وستظل المكالمة الأخيرة ترن في الآذان، وتقتحم بين الفينة والأخرى المشاعر، لكن ريثا ظلت تستقبل أيامها الجديدة بكثير من العزم والصمود، خاصة حينما كانت الممرضات تعايدنها بابتسامة لم تفارق محياهن طيلة مدة الاستشفاء، لكن منسوب البُشرى سيتوقف في لحظة دقيقة حينما علمت أن ياسين الذي كان المرض قد بدأ يختفي من جسده عاد ليلفه من جديد!!: «نتيجة التحاليل الثانية التي أجراها بعد بضعة أيام من دخوله المستشفى كانت سلبية، لكن التحاليل المخبرية الموالية جاءت نتيجتها إيجابية».
هي معاناة خاصة في زمن استثنائي .. الفيروس اللعين الذي أزهق عددا من الأرواح، هو نفسه الذي سيصبح دافعا للتحدي والانتصار، وإذا لم يكن يهم ريثا من أين جاء الداء، لأن ذلك أصبح من الماضي، فإن الرغبة في معانقة الحياة، والانتصار على المرض، كان الهدف الأسمى، ولأنها ابنة الدار، فالطب والصيدلة أختان لا يفصل بينهما سوى خيط رفيع، فقد كانت تدرك أن الأرقام التي يحملها جهاز التنفس، تشير إلى أن القادم سيكون مغايرا.
في الأسبوع الماضي، اتصل ياسين بريثا، وهما ما يزالان تحت المراقبة الطبية، صوت مغيار مليء بكثير من الفرح، ورجع الصدى من ريثا ليس إلا سعادة ستعيش طويلا …
من قال أن الحزن قدر؟
الرغبة في الحياة والقدرة على الصمود يستطيعان أن يخلقا الحدث خاصة إذا رافقهما طاقم طبي يفيض تجربة وإنسانية.
بين الأسبوع الأول والأسبوع الثالث تغير كل شيء، مزاج القلق والخوف تغير إلى فرح سيظل موشوما في ذاكرة ريثا، الزغاريد والورود وبعض من دموع الفرح … وستتوالى الأفراح بعد أيام فقط حينما عانقت ريثا ياسين …
صفحة وطويت … إلى الأبد.
*نقلا عن أوريزون تيفي