قصة أكبر مستشفى في شمال إفريقيا.. شيدته فرنسا وأغلقه المغرب
على بعد 80 كلمترا، من مدينة الدار البيضاء، تقع مدينة بن أحمد، المعروفة بحاضرة امزاب، والتابعة ترابيا لإقليم سطات، بلدية صغيرة، هادئة لا يتجاوز عدد سكانها حسب آخر إحصاء 21 ألف نسمة.
القادم إليها، سيلاحظ إنعدام المصانع والشركات، في مقابل ذلك وفرة الفلاحة، الى جانب كثرة المؤسسات البنكية التي وصلت إلى 13 مؤسسة تثير تساؤلات، عن مدينة مساحتها 4 كلمترات مربعة، وبها هذا العدد من الابناء، على أي ليس هذا هو الموضوع، ولكن هناك أكبر معلمة صحية في شمال إفريقيا، تحيط بها عشرات الاشجار، الحديث هنا عن مستفى داء السل، المعروف هنالك بـ”سبيطار الرية”.
فرنسا في “العلوة”
في فترة الحماية، التي وقع عليها المغرب سنة 1912، كان مستشفى داء السل ببن أحمد (العلوة)، من بين المعالم التي شيدها الفرنسيون سنة 1941، وشرع في تقديم الخدمات سنة 1945، على مساحة تبلغ 3483 مترا مربعا، مكون من 4 طوابق بما فيها الطابق تحت أرضي، وطاقة استيعابية تقارب 80 سريرا، كان يستقبل المرضى من مختلف مناطق المغرب وخارجه، وتدوم مدة الاستشفاء من أسبوعين إلى ثلاثة أشهر، تسهر عليه أطر طبية تتجاوز 24 عنصرا موزعة بين أطباء أخصائيين وممرضين وأطر إدارية وتقنية ومساعدين.
وبحسب روايات قدماء بن أحمد، في حديثهم لـ”سيت أنفو” فقد استند الفترنسيون في اختيار مكان إقامة مستشفى، إلى الهواء النقي والصحي، المعروف بـ”ميكروكليما”، بفضل الأشجار المحيطة به، كأشجار الصنوبر التي تساعد على معالجة أمراض الصدر والتنفس، لكونها تفرز عناصر تساهم في امتصاص التلوث لتنقية الهواء وحمايته من الجراثيم.
ابواب موصدة
لقد كتب على أكبر مستشفى في شمال إفريقيا أن يغلق ابوابه سنة 2004 من طرف وزارة الصحة، بعدما قدّم خدمات صحية على مدى سنوات طويلة.
مصادر مقربة من الوزارة قالت لـ”سيت أنفو” “إن إغلاقه يرجع إلى خبرة تقنية أجريت على البناية أثبتت أنها غير صالحة بفعل تهالك وتلاشي سقفها، ما يهدد سلامة الموظفين والمرضى ومرافقيهم.
بينما أضافت مصادر أخرى، أن ذلك “راجع الى تغيير الإستراتيجية الدولية الوقائية لمواجهة داء السل، وذلك بعد نجاعة تتبع استشفاء المرضى بمنازلهم دون الاحتفاظ بهم في المستشفى، مع توجيه الحالات الحرجة إلى مستشفى الحسن الثاني بسطات، أو نحو باقي المراكز الإستشفائية الجامعية كابن رشد بالدار البيضاء، في تنسيق تام بين إدارة المؤسسات الاستشفائية الجامعية بالمغرب.
أشجار متساقطة
لم يبقى اليوم، من مستشفى الرئة ببن أحمد، سوى أشجار متهالكة تنضاف للبناية، فحتى المجالس البلدية التي تعاقبت على رئاسة البلدية، أو برلمانيو الاقليم، لم يجلسو ولو دقيقة للتفكير، في حل لهذا الاهتراء الذي أصاب معلمة صحية، ومتنفسا طبيعيا (غابة)، يرتاده اليوم الممارسون للرياضة، بشكل متواصل، والمصلين في الاعياد الدينية، والكل يتحسر على الصورة القاتمة، التي ترسمها أشجار الصنوبر، التي تعيش أحلك أيامها، فقد أنصفها الفرنسيون وقتلها المغاربة
تابعوا آخر الأخبار عبر واتساب
انضم إلينا واحصل على نشراتنا الإخبارية