“روتيني اليومي”.. مغربيات يتاجرن بأجسادهن لكسب المال وجمهور يتلذذ بمتابعة حميمية غرف النوم
لا صوت يعلو هذه الأيام في المغرب، على صوت الاستياء من اعتلاء محتوى “تافه” عرش “الطوندونس” المغربي ، بمقاطع فيديو “إباحية” لسيدات مغربيات تحت عناوين عريضة تتمركز حول مفاتن الجسد، والعلاقة مع الرجل.
ففي الوقت الذي فتحت فيه الثورة الرقمية الفرصة أمام نساء من أجل إبراز مواهبهن، وإلهام المتابعين في مجالات عديدة كالموضة والماكياج والمعلوميات وغيرها، تتركز معظم فيدوهات اليوتوبورز المغربيات على اطلاع الجمهور على “روتينهن اليومي”.
ولا شك أن منصات التواصل الاجتماعي بما فيها اليوتوب، فتحت الباب أمام المرأة المغربية من فاعلات سياسات وناشطات حقوقيات وصحافيات وربات بيوت للتعبير عن أرائهن بكل حرية، والتفاعل البناء مع قضاياهن والمساهمة في النقاش المجتمعي، فإن فئة أخرى استثمرت هذه المنصات لتحصيل المال والشهرة.
فالتطور الرقمي ساهم في خلق فرص عمل جديدة غير كلاسيكية، لا تتطلب مؤهلات علمية ولا شهادات أكاديمية، فيكفي اليوم أن تتوفر على كاميرا وقدرة على التعامل معها لتصبح “مؤثرا” افتراضيا.
في هذا الصدد، يرى أستاذ علم النفس الاجتماعي، مصطفى الشكدالي، أن الخطورة تكمن في ترسيخ محتوى “روتيني اليومي” للصورة النمطية عن المرأة المغربية، ويعزز التصور الذي يختصر المرأة في المطبخ وأعمال التنظيف والجمال.
من جهته، يؤكد المدون المحترف أمين رغيب، أن منصة “الطوندونس” المغربي” الذي يضج دائما بفيديوهات”روتين اليومي” يساهم في ترسيخ صورة مشوهة للمرأة المغربية في العالم العربي خاصة.
“دعارة رقمية”
لا شك أن النجاح وكسب المال مطلب كلي يطمح إليه الجميع، لكن ما يثير غضب بعض المنتقدين، هو أن تتحول منصة اليوتوب إلى قناة لعرض الحميميات على الملأ والاستثمار بالجسد، واستغلال مغربيات لـ”مؤخراتهن” لاصطياد أكبر عدد من الفضوليين.
يعتبر الأستاذ مصطفى الشكدالي، أن محتويات “روتيني اليومي”، التي تتركز حول الأماكن الحميمية المثيرة بالجسد، إنما هي نوع جديد من “الدعارة المقنعة”، تحركها الرغبة في الظهور والشهرة.
ويرى أمين رغيب، المدون التقني المحترف، أن محترفات “الروتين اليومي” إنما يمارسن ما أسماه” العهر” العلني، فمتتبعي هذا النوع من الفيديوهات هم من الرجال والمراهقين، وصاحبات هذا المحتوى يدركن ذلك” يقول أمين رغيب.
“روتيني اليومي” ومعادلة النقرات
“شوفو راجلي باسني”، “شوف اش جاب لي راجلي”، “مقلب البوسة في حبيبي”، عناوين وأخرى تلخص العلاقة الحميمية بين الزوجين، وتختصر المرأة في أماكن معينة من الجسد، تعتلي “الطوندونس”، والمثير هو لجوء عدد من المؤثرات إلى استغلال”تضاريس” جسدهن المثيرة لاصطياد عدد من المراهقين.
ما يهم في عالم “اليوتوب” هو عدد المتابعات واللايكات، والغاية تبرر الوسيلة حسب منطق صاحبات “يومياتي”، فما دام الهدف هو ربح المال، فيمكن أن يتحول الجسد إلى سلعة للبيع، تحت عناوين مثيرة تجذب المتلصصين، وتلبي “رغبات مكبوتة” لدى متابعين كثر.
يقول أمين رغيب، إن صاحبات محتوى “روتيني اليومي” يدركن الفئة التي يستهدفنها، لذلك فإن استخدام حركات إباحية وكشف مناطق مثيرة من الجسد هي بمثابة الطعم الذي يجلب لهن أكثر عدد من المشاهدات.
ويتحدث الأستاذ مصطفى الشكدالي، عن أن “الجمهور أو المتلقي الذي يستهلك هذا النوع من الأعمال، هو الذي يدفع صانعات المحتوى إلى إنتاج المزيد، لأن ما يهم هذا المتلقي هو تلبية رغبات مكبوتة داخل ذاته.”
جمهور يتلذذ بالتلصص على أجساد اليوتوبورز
يعتبر المتلقي هو المعادلة الصعبة في أي إنتاج على منصة اليوتوب، فالإنتاجات التي تتصدر “الطوندونس”، هي تلك التي تحظى بأعلى نسبة من المتابعات، لذلك فإن المتلقي فاعل أساسي يتحكم في اعتلاء فيديوهات دون غيرها لائحة الأكثر مشاهدة.
في هذا السياق، يتساءل كثيرون عن سر تحقيق هذه المقاطع المصورة لآلاف المشاهدات والنقرات في ظرف سويعات قليلة، هل الجمهور الذي يتابعها هو الذي ينتقدها؟
يؤكد أمين رغيب أن عددا كبيرا من المنتقدين لهذه المقاطع المصورة، هم أنفسهم من يتابعونها، وهو في الغالب جمهور من الرجال والمراهقين.
أستاذ علم النفس الاجتماعي، مصطفى الشكدالي، يدق ناقوس الخطر، ويعتبر أن المشكل الأعمق هو تحول “الطوندونس” المغربي إلى وجهة للبوح بأسرار حميمية ومشاكل زوجية وأسرية، بدل التوجه إلى مختصين.
ويرجع الأستاذ الشكدالي سبب إقبال الجمهور المتلقي على هذه المحتويات الرقمية، إلى غياب المناعة الفكرية والثقافية، والانحطاط الفكري والثقافي، إضافة إلى غياب التنشئة الاجتماعية، التي من شأنها أن تحصن الفرد من الإقبال على متابعة هذه الفيديوهات.
هل يقيد التقنين حرية التعبير على اليوتوب؟
رافق الضجة التي خلقتها فيديوهات “روتيني اليومي”، نقاش الحريات الفردية المتمثلة أساسا في حرية اللباس والتعبير، حيث ظهرت أصوات تدعو إلى تقنين رفع المحتويات على منصة اليوتوب، بل دعا بعضهم إلى فرض رقابة عليها، فهل هذا هو الحل؟
يرى أمين رغيب، أن فرض رقابة أو وصاية على هذه المقاطع المصورة يضرب في العمق مبدأ حرية التعبير الذي تضمنه كل المواثيق الدولية والوطنية، داعيا إلى تخليق هذا الفضاء وجعله يتماشى والهوية المحافظة للمجتمع.
وأضاف المدون ذائع الصيت، أن القوانين التي ينتظر أن تشرع إدارة “يوتوب” في تطبيقها سنة 2020، ستمنع رفع مقاطع الفيديو التي تركز على مناطق مثيرة ذات دلالات إباحية وجنسية.
*توضيح: رأي الأستاذ مصطفى الشكدالي-استاذ علم النفس الاجتماعي أدلى به في حلقة 9 دجنبر 2019 من برنامج “بصراحة” على أثير إذاعة ميدي 1. وتم ادراجه في المقال بإذن منه.
تابعوا آخر الأخبار عبر واتساب
انضم إلينا واحصل على نشراتنا الإخبارية