حداثيو المغرب ومسار إصلاح مدونة الأسرة
أعلن الديوان الملكي، في بلاغ جديد له اليوم الجمعة، أن أمير المؤمنين الملك محمد السادس، رئيس المجلس العلمي الأعلى، أصدر توجيهاته، لدراسة المسائل الواردة في بعض مقترحات هيئة مراجعة مدونة الأسرة، استنادا إلى مبادئ وأحكام الإسلام، ومقاصده السمحة، ورفع فتوى بشأنها إلى نظر الملك.
وتفاعل المغاربة بشكل أكثر من إيجابي مع بلاغ الديوان الملكي، معتبرين أنها خطوة مهمة وجدية في مسار إصلاح مدونة الأسرة التي دعا إليها العاهل الملكي في وقت سابق، والتي تهدف بالأساس إلى تجاوز الاختلالات بعد 20 سنة من إقرار المدونة.
ومن المقرر أن يأخذ المجلس العلمي الأعلى في دراسته للمسائل الواردة في مقترحات الهيئة المكلفة بمراجعة مدونة الأسرة بعين الاعتبار الانفتاح الكبير الذي حققه المغرب في مجال حماية حقوق المرأة وكذلك الأسرة بشكل عام.
كما أن بلاغ الديوان الملكي كان واضحا حينما دعا الملك المجلس العلمي الأعلى إلى الاستناد في دراسته على مبادئ وأحكام الدين الإسلامي، والاعتماد أيضا على فضائل الاعتدال والاجتهاد المنفتح البناء، وهو ما يدل على أنه لن يكون هنالك أي تراجع للوراء بشأن الأهداف التي سطرتها البلاد تحت القيادة الرشيدة للملك والمتجلية في مواصلة حماية حقوق الأسرة المغربية بدرجة عالية وأساسية، طبعا مع استحضار القيم الحداثية التي يؤمن بها جميع المغاربة ويدافعون عنها.
فالمجلس العلمي الأعلى لن ينتصر لأي جهة ولن ينتصب في أي خندق، خصوصا في ظل الصراع الكبير الدائر بين الحداثيين والإسلاميين حول موضوع مراجعة مدونة الأسرة منذ مطالبة الملك في رسالته لرئيس الحكومة بذلك، لكن الأساسي والأهم في الموضوع هو أن دراسته للمقترحات ستكون مبنية بالأساس على حماية حقوق وحريات جميع الفئات بمختلف أفكارها وقناعاتها.
ويمكن القول أيضا أن بلاغ الديوان الملكي جاء مطمئنا للحداثيين عندما أوصى الملك المجلس العلمي الأعلى بالإجتهاد المنفتح، وبالتالي فالمجلس لن يتراجع للوراء ولن يفت بقرارات رجعية لأن هناك إسلاميون لهم رؤية حداثية وسيجتهدون في فهم مقاصد الشريعة.
أمام كل هذه المعطيات فمخاوف الحداثيين من إمكانية وجود ردة عن ما حققه المغرب من تقدم في السنوات الأخيرة في مجال حماية حقوق الأسرة بشكل عام والمرأة بشكل خاص، يجب أن تبدد لأنها صعبة التحقق في ظل ما تعيشه المملكة من تطور وتقدم وانفتاح.
ولا يجب أن ننسى أن النقاط 4 التي فرقت الاسلاميين والحداثيين في مسار إصلاح مدونة الأسرة والمتعلقة بـ(الإرث، وزواج القاصرات، وحق الولاية على الأبناء، ومنع تعدد الزوجات)، ستشهد نقاشا معمقا من طرف المجلس العلمي الأعلى الذي نثق في خلاصاته التي ستكون لا شك تصب في صالح الأسرة المغربية بالأساس.