تخليد ذكرى انتفاضة 7و 8 دجنبر 1952 بالدار البيضاء.. حدث بارز وملهم للأجيال الصاعدة
اعتبرت (مؤسسة محمد الزرقطوني للثقافة والأبحاث )، أن تخليد ذكرى الأحداث البطولية التي عرفتها مدينة الدار البيضاء يومي 7 و8 دجنبر من سنة 1952، إثر اغتيال الزعيم النقابي التونسي، فرحات حشاد، هو حدث بارز وملهم للأجيال الصاعدة.
وأوضح رئيس المؤسسة، عبد الكريم الزرقطوني، في كلمة جرى بثها على صفحة المؤسسة على الفايسبوك ، وذلك بمناسبة تخليد هذه الذكرى ( 68 )، أن الأمر يتعلق ب ” تحيين دروس هذه الذاكرة قصد تحويلها إلى رافعة لتحقيق الانتظارات الآنية لدى أجيال اليوم، في تحقيق الوحدة المغاربية المنشودة “، مشيرا إلى أن أفق المعركة واحد، وصوت المجابهة واحد، ونبل المقصد واحد.
وتابع أنه نظرا لما اكتساه الحدث من دلالات تحررية واضحة، فقد حرصت مؤسسة محمد الزرقطوني للثقافة والأبحاث دائما، على استثمار الذكرى لبلورة منتديات ثقافية وعلمية مشتغلة على سبل استحضار البعد المغاربي داخل الذاكرة التحررية المشتركة بكل من المغرب وتونس والجزائر .
وأكد أن ما حققته المؤسسة من مبادرات غير مسبوقة بهذا الخصوص، خير ما يمكن أن ” يترجم صدق نوايانا وإخلاصنا في ترجمة حلمنا المغاربي إلى حقيقة قائمة “.
وأوضح أن الأمر، يتعلق “بمبادرات متعددة تشكل محطات في مجال عطائنا المغاربي الموحد، تواصلنا من خلالها مع أشقائنا بتونس والجزائر ، واضعين لبنة في مسار تحقيق حلمنا المشترك “.
وذكر في هذا الإطار، على سبيل المثال لا الحصر، بتنظيم المؤسسة لملتقى أبناء الشهداء بالمغرب العربي، حيث ” استقبلنا في إحدى منتدياتنا السيد نور الدين فرحات حشاد نجل شهيدنا الكبير، ونظمنا ندوات فكرية وعلمية حول الموضوع بمدن الدار البيضاء وتطوان ووجدة “.
واستطرد قائلا، إن ” نهر عطائنا سيظل متدفقا، متجددا، وأصيلا، وفاءا منا للفكرة المغاربية الموحدة، خاصة في ظل ظرفية راهنة تحمل الكثير من عوامل النكوص ، مع تبلور توجهات تآمرية ضد الوحدة الترابية للمملكة المغربية وضد حقها الطبيعي في تدعيم مكانتها بين الأمم “.
وقال أيضا ” سيظل صوتنا المغاربي مرشدنا على الرغم من كل الخيبات الراهنة، وسيظل إخلاصنا لدماء الشهداء سبيلنا لتلمس الطريق، وسيظل وفاؤنا لتضحيات الآباء والأجداد ملهمنا في مسار تجسيد حلمنا المغاربي الموحد رغم كيد الكائدين وتآمر المتآمرين “.
وفي سياق متصل أبرز أن جريمة اغتيال النقابي فرحات حشاد ، ليست مجرد حدث عابر في مسار السياسة القهرية للاستعمار ، ولا مجرد انتقام بئيس من رجل ( فرحات حشاد) حمل وطنه في قلبه ووضع كفنه بين يديه متحديا آلة القتل الاستعماري، بقدر ما حمل استشهاده رسالة واضحة بمضمون جلي، قوامه الربط بين معركة التحرر من الاستعمار من جهة، وبين تحصين المجتمع بإطارات مدنية فاعلة، وقادرة على مجابهة المشروع الإمبريالي بأدوات العصر التي أنجبها العالم خلال القرن العشرين من جهة أخرى ، وعلى رأسها العمل النقابي المسؤول والمبادر، وهو العمل الذي يتجاوز في أبعاده الإنسانية النبيلة، الحدود الضيقة للدولة القطرية .
لذلك، كما قال ، كانت الجريمة تعبيرا عن حركة اليأس العارم التي أصابت دهاقنة الاستعمار، بعد أن برزت معالم النضج التي أصبحت تميز عمل إطارات المجتمع المدني بالأقطار المغاربية، خاصة وأن الشهيد فرحات حشاد كان ينظر للمعركة من أبعادها المغاربية الواسعة، الأمر الذي كان يهدد المصالح الفرنسية بكل المنطقة .
لكل ذلك ، يضيف ، أمكن القول إن العمق المغاربي للمعركة كان واضحا، وبرز في رد الفعل المباشر والسريع الذي عبرت من خلاله أطياف العمل الوطني والنقابي المغربي عن موقفها ، عبر مظاهرات واسعة شهدتها مدينة الدار البيضاء يومي 7 و8 دجنبر من سنة 1952. يومها، التحم الدم المغربي بالدم التونسي، عندما سقط الشهداء وعذب المعتقلون، ونكل بالمصابين .
وتابع أنه على الرغم من ثقل ما وقع بمدينة الدار البيضاء جراء البطش الشديد الذي اعتمدته آلة القمع الاستعماري، فإن صوت الشعب المغربي ظل قويا وصادحا بالحق وبالموقف المبدئي في التضامن مع الحركة الوطنية التونسية، وفي التنديد بجريمة اغتيال المناضل فرحات حشاد.
وتجدر الاشارة إلى أن مؤسسة محمد الزرقطوني للثقافة والأبحاث، اعتادت كل سنة تخليد هذه الذكرى من خلال عقد أنشطة حضورية تبرز المغازي والدلالات العميقة لهذه الأحداث ، ماضيا وحاضرا ومستقبلا، بالنسبة للمنطقة المغاربية برمتها.
بيد أن الإجراءات الحمائية والوقائية المتعلقة بالأزمة الصحية الناتجة عن الجائحة، فرضت التعاطي مع هذه الذكرى بطريقة مغايرة عبر الشبكة العنكبوتية، من أجل ضمان التواصل الذي يحافظ على تجديد الذاكرة التحررية المغاربية المشتركة .
تابعوا آخر الأخبار عبر واتساب
انضم إلينا واحصل على نشراتنا الإخبارية