بلاوي: العقوبات البديلة في قضايا الأطفال خيار حضاري وأخلاقي

قال الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض، رئيس النيابة العامة، هشام بلاوي، إن النيابة العامة وإيمانا منها بدورها في حماية الأطفال في تماس مع القانون، منذ تأسيسها حرصت على إيلاء هذه الفئة عناية خاصة عبرت عنها من خلال مجموعة من الدوريات والمناشير الموجهة إلى قضاة النيابة العامة تحثهم فيها على الاهتمام بقضايا الأطفال، وتفعيل المقتضيات القانونية مع الحرص الدائم على تحري مصلحتهم الفُضْلَى.
وأوضح بلاوي في كلمة له بمناسبة اللقاء الوطني حول موضوع “تنزيل العقوبات البديلة في ضوء العدالة الصديقة للأطفال”، أن رئاسة النيابة العامة في الدورية رقم 18 بتاريخ 11 دجنبر 2024، دعت إلى استغلال الفترة السابقة لدخول القانون رقم 43.22 المتعلق بالعقوبات البديلة حيز التنفيذ لفتح نقاش لتدارس أحكامه، وتحديد الطرق المثلى لتنفيذه، واستشراف الصعوبات التي يمكن أن تُثَار بهذا الشأن.
وأكد رئيس النيابة العامة على أن نظام عدالة الأحداث يجب أن يعزز استخدام التدابير غير الاحتجازية بوصفها أداة لعدالة إصلاحية وتحويلية للتعامل مع الأطفال في نزاع مع القانون، وأن يكون استخدامها فعال بما يكفل تحقيق المصلحة الفضلى للطفل، ومصالح المجتمع قصيرة وطويلة المدى على حد سواء.
وشدد على أن الإيداع بالمؤسسات السجنية هو آخر ملاذ يُمكن اللجوء إليه في حالة الأحداث، لذا يقتضي الأمر مناقشة مختلف بدائل العقوبات السالبة للحرية كالعمل لفائدة المنفعة العامة أو التدابير الرقابية الخاصة بالأحداث الجانحين، وغيرها من البدائل التي تتيح وفقا للقانون الجديد تفادي سلب حرية الأطفال.
وتابع بلاوي: “وهذا يجعل من العقوبات البديلة أحد الحلول الناجعة التي باتت تفرض نفسها اليوم، ليس فقط كوسيلة للتخفيف من الاكتظاظ داخل المؤسسات السجنية، ولكن أيضًا كوسيلة لتحقيق العدالة الإصلاحية والإنسانية، خاصة عندما يتعلق الأمر بالأطفال، معتبرا أن السجن وسيلة لإعادة التأهيل، لكنه في حالات كثيرة، خصوصًا بالنسبة للأطفال، قد يتحول إلى بيئة للتطبيع مع السلوك الإجرامي نتيجة تأثير الأقران والاختلاط معهم الشيء الذي قد يغذي فيهم مشاعر التمرد والانفصال عن المجتمع، ولذلك فإن مفهوم العقوبات البديلة في قضايا الأطفال ليس مجرد خيار قانوني فحسب، إنمـــا خيار حضاري وأخلاقي يعكس مدى نضج المجتمع وحرصه على بناء مستقبل أفضل لأطفاله”.
وأوضح أن القانون 43.22 المتعلق بالعقوبات البديلة جاء بتصور حديث لمعالجة القضايا التي تستوجب العقوبات السالبة للحرية، وذلك من خلال منح القضاء صلاحية استبدال العقوبات الحبسية النافذة بتدابير بديلة، تتيح للطفل في نزاع مع القانون قضاء عقوبته في بيئة طبيعية ومألوفة، مما يسهم في تقويم سلوكه وتيسير إدماجه في المجتمع، بالإضافة إلى ضمان استمرارية مساهمته في الحياة الاقتصادية والاجتماعية، مع اعتماد نظام تتبع دقيق لتقييم أثر هذه العقوبات، تحت إشراف الجهات القضائية أو الإدارية المختصة وفقًا لما ينص عليه القانون الخاص بتنفيذ العقوبات البديلة.
واعتبر أن اللقاء الوطني المنظم اليوم الاثنين وغدا الثلاثاء، يُعد فرصة يجب استثمارها للوقوف مجددا على الوضعية الحالية لعدالة الأطفال بالمغرب وتقييم السبل ودراسة الحلول التي يعتمدها مختلف الفاعلين في مجال حماية حقوق الأطفال في تماس مع القانون، وفرصة أيضا لتقاسم الممارسات الفضلى ودعوة الفاعلين الوطنيين لتعميمها في انسجام مع المعايير الدولية والقوانين الوطنية ذات الصلة.
تابعوا آخر الأخبار عبر واتساب


انضم إلينا واحصل على نشراتنا الإخبارية