الداكي: الأمن الدوائي بالمغرب عنصر أساسي وتوجه ينم عن تبصر وحكمة الملك
شدّد مولاي الحسن الداكي، الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض، رئيس النيابة العامة، على الأمن الدوائي يعتبر عنصراً أساسياً في تحقيق الأمن الاستراتيجي للبلاد، وهذا التوجه ينم عن تبصر وحكمة الملك محمد السادس الذي ما فتئ يؤكد على أهميته في مختلف المناسبات، حيث أشار إلى ذلك بشكل واضح في الخطاب الذي وجهه جلالته إلى الأمة يوم 31 يوليوز 2021 بمناسبة عيد العرش المجيد الذي يصادف الذكرى الثانية والعشرين لتربعه على العرش، بقوله السامي: (وإيمانا منا بأن السيادة الصحية عنصر أساسي في تحقيق الأمن الاستراتيجي للبلاد، فقد أطلقنا مشروعا رائدا، في مجال صناعة اللقاحات والأدوية والمواد الطبية الضرورية بالمغرب).
وبمناسبة اليوم الدراسي المنظم بشراكة بين رئائسة النيابة العامة ووزارة الصحة والحماية الاجتماعية، حول موضوع: “تعزيز الأمن الدوائي بالمغرب: التحديات والآفاق”، اليوم 30 مارس 2022 بقاعة الندوات برئاسة النيابة العامة، قال مولاي الحسن الداكي، إن اختيار موضوع “تعزيز الأمن الدوائي بالمغرب: التحديات والآفاق” كمحور لهذا اليوم الدراسي، يندرج في إطار الاهتمام بالأمن الصحي للمواطنين، الذي يكتسى صبغة دستورية من خلال المادة 31 من دستور المملكة التي نصت على أن الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية تعمل، على تعبئة كل الوسائل المتاحة، لتيسير أسباب استفادة المواطنات والمواطنين، على قدم المساواة، من الحق في العلاج والحماية الاجتماعية والتغطية الصحية.
وأضاف المسوؤل القضائي، أن تنظيم رئاسة النيابة العامة لهذا اليوم الدراسي ينسجم مع جهودها الرامية للانخراط في السياسات العمومية للدولة في مجال الحفاظ على الأمن الصحي ببلادنا، وهو ما يتجلى من خلال عدة إجراءات آنية وتدابير وقائية تم اتخاذها للحد من تفشي وانتشار الوباء سواء برئاسة النيابة العامة أو بالمحاكم وذلك بتنسيق مع المجلس الأعلى للسلطة القضائية ووزارة العدل وجميعة هيئات المحامين بالمغرب.
ونوّه الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض، رئيس النيابة العامة، عاليا المجهودات التي بذلها كافة مهنيي الصّحّة، كما نعتز بالجهود الجبّارة والتّضحيات الجسام التي بذلتها، ولاتزال تبذلها، الأطر والأطقم الصحية بكل أصنافها، وتواجدها المُشرّف والبطولي في الصفوف الأمامية لمحاربة الوباء خلال جائحة كورونا، وكذا انخراطها وبنجاح في الحملة الوطنية للتلقيح بحسّ عال من المسؤولية وروح التضحية والالتزام بقيم المواطنة، في ظرفية صعبة واستثنائية.
وتابع الداكي، أن رئاسة النيابة العامة واكبت الوضعية التي عاشتها بلادنا من خلال تفعيل المقتضيات الزجرية التي جاء بها المرسوم بقانون المتعلق بسن أحكام خاصة بحالة الطوارئ الصحية وإجراءات الإعلان عنها، مشيرا إلى أن رئاسة النيابة العامة واكبت أيضاً التشريع المرتبط بالمجال الصحي عبر توجيه مجموعة من المناشير والدوريات لحث النيابات العامة على التطبيق الصارم للقانون والتصدي لبعض الظواهر المخالفة للقانون والتي تمس بالأمن الصحي والدوائي للمواطن، كما هو الشأن بالنسبة لبيع وتوزيع وصرف الأدوية والمنتجات الصحية للعموم بطرق غير قانونية، وفي هذا الإطار أصدرت هذه الرئاسة دورية تحت عدد 15س/ر.ن.ع بتاريخ 07 ماي 2021 لمكافحة وزجر بيع وتسويق الأدوية والمنتجات الصيدلية غير الدوائية بشكل غير قانوني لما لذلك من خطورة على الصحة العامة.
وبحسب الداكي، فقد نصت الدورية على مجموعة من التدابير التي يتعين على النيابات العامة الإلتزام بها ولاسيما دعوة الشرطة القضائية للتنسيق مع المصالح الجهوية لوزارة الصحة وعند الاقتضاء مع المصالح المركزية ممثلة في مديرية الأدوية والصيدلة، بغية رصد جميع صور البيع والتوزيع غير القانوني للأدوية، واطلاع النيابات العامة على نتائج ذلك ليتأتى لها اتخاد ما يلزم قانونا؛ العمل على تجهيز الملفات الرائجة أمام المحكمة للبت فيها داخل آجال معقولة؛ تقديم ملتمسات رامية إلى مصادرة المواد والمنتجات المحجوزة، والسهر على إتلافها لما لها من تأثير خطير على الصحة العامة؛ التماس عقوبات زجرية تتناسب وخطورة الأفعال المرتكبة، مع تدعيم الملتمسات بما يبرر تطبيق العقوبات الإضافية وبما يثبت حالة العود؛، الطعن في الأحكام القضائية التي تقضي بعقوبات غير متناسبة مع خطورة الأفعال أو لا تراعي حالة العود.
ولردع كل أشكال الإهانة أو العنف التي تطال بعض أطر وأطقم وزارة الصحة بعض مهنيي الصحة بمناسبة قيامهم بواجبهم المهني أصدرت هذه الرئاسة الدورية عدد 42 س/ر.ن.ع بتاريخ 15 نونبر 2021 لحث النيابات العامة للتصدي لهذه الممارسات وإيلائها العناية اللازمة لكونها تعتبر جريمة معاقب عليها بموجب القانون، فضلا عن كونها تشكل ضررا معنويا ينعكس على قيام الأطر الصحية بواجبها المهني المتعلق بتوفير الأمن الصحي للمواطنين، يقول رئيس النيابة العامة.
وأفاد الداكي، أنه مما لا شك فيه أن مفهوم الأمن الصحي أصبح يتصدر اليوم أولويات الحكومات الوطنية والمؤسسات الدولية، ليصبح العنصر الأهم ضمن منظومة الأمن الوطني والإنساني محليا وإقليمياً وعالمياً، وينبثق عن ذلك أيضا مفهوم الأمن الدوائي الذي لا يقل بحال من الأحوال عن الأمن الغذائي، فلا طعم للحياة دون صحة، والصحة لا تتحقق إلا بتوافر عنصري الغذاء والدواء، وبالتالي فهو يقتضي قدرة الدولة على تأمين كمية كافية من الأدوية الأساسية، التي يحتاج إليها المجتمع بجميع شرائحه، سواء في الأوقات العادية أو في أوقات الأزمات وبالأسعار العادلة وفي متناول الجميع، وكذلك توفير المواد الأولية للصناعة الدوائية المحلية وتشجيع ودعم تلك الصناعة بحيث تكون قادرة على المنافسة والتطوير والتوسع ضمن السوق الدوائي العالمي والإقليمي، وهذا ما يعطي لهذا اللقاء العلمي أهميته الكبرى وراهنيته الملحة.
تابعوا آخر الأخبار عبر واتساب
انضم إلينا واحصل على نشراتنا الإخبارية