الحكومة تنتقل إلى السرعة القصوى لتدعيم ركائز الدولة الاجتماعية
انتقلت الحكومة إلى السرعة القصوى من أجل تدعيم ركائز الدولة الاجتماعية وتكريس العدالة المجالية، وذلك من خلال تنزيل جملة من الأوراش والإصلاحات التي همت مختلف القطاعات.
وتفعيلا للتوجيهات الملكية السامية، بادرت الحكومة إلى العمل على ترسيخ أسس الدولة الاجتماعية من خلال اتخاذ تدابير غير مسبوقة لدعم القدرة الشرائية للمواطنين وتحسين ظروف عيش فئات عريضة من المجتمع لحمايتهم، بالأساس، من التقلبات التي يشهدها الوضع الدولي الراهن، وتداعيات موجة الجفاف، ومخلفات جائحة كوفيد-19.
وقد اتخذت الحكومة، في هذا الصدد، مجموعة من الإجراءات التي تستهدف الأسر الفقيرة والهشة والطبقة المتوسطة، وكذا العاملين بالقطاعين العام والخاص، وغير الأجراء والمتقاعدين، خاصة من خلال تعميم التغطية الصحية، ودعم القدرة الشرائية للأسر، والارتقاء بالعرض الصحي، وتحسين الولوج إلى السكن.
تعميم التغطية الصحية الأساسية
انسجاما مع إطلاق الملك محمد السادس، سنة 2020، ورش تعميم الحماية الاجتماعية بأجندة مضبوطة ومرتكزات متكاملة، تتمثل في توسيع التغطية الصحية الإجبارية، بحلول متم السنة الجارية، لتشمل جميع المواطنين، بحيث سيتمكن 22 مليون مستفيد إضافي من الانخراط في التأمين الإجباري عن المرض، الذي يغطي تكاليف العلاج والأدوية والاستشفاء، حرصت الحكومة على الانخراط في إنجاح هذا الورش المجتمعي غير المسبوق.
وقد فتحت الحكومة، ابتداء من فاتح دجنبر الجاري، باب الانخراط أمام ما يناهز 4 ملايين أسرة في وضعية هشاشة للاستفادة، بموجب هذا النظام، من نفس سلة العلاجات ونفس شروط السداد التي يستفيد منها موظفو القطاعين العام والخاص، في جميع المؤسسات الصحية، سواء كانت عامة أو خاصة.
وتتحمل الدولة أعباء الاشتراك في التغطية الصحية الإجبارية بالنسبة للأشخاص غير القادرين على أداء واجبات الاشتراك ضمانا لولوجهم للخدمات الصحية في القطاعين العام والخاص. كما تتحمل ميزانية الدولة كافة تكاليف علاج واستشفاء هؤلاء الأشخاص غير القادرين على أداء واجبات الاشتراك في المؤسسات الصحية العمومية، لا سيما ما يتعلق منها بالأمراض المزمنة والمكلفة.
وبالموازاة مع ذلك، فتحت الحكومة، خلال السنة الجارية، باب الإدماج أمام 3 ملايين مواطن من فئة العمال غير الأجراء وذوي الحقوق المرتبطين بهم، في منظومة التأمين الصحي الإجباري عن المرض مقابل اشتراكات تضامنية تتناسب ومستوى مدخولهم، بحيث تتوزع الفئات المعنية بين الأشخاص الخاضعين لنظام المساهمة المهنية الموحدة، والفلاحين والتجار والصناع التقليديين، والمقاولين الذاتيين وغيرهم.
ولهذه الغاية، صادقت الحكومة على أزيد من 22 مرسوما متعلقا بالتأمين الإجباري الأساسي عن المرض وبإحداث نظام للمعاشات بالنسبة لفئات المهنيين والعمال المستقلين والأشخاص غير الأجراء الذين يزاولون نشاطا خاصا.
وبذلك، سيتم إدراج كل من فئتي “راميد” و”العمال غير الأجراء” في نظام التأمين الإجباري الأساسي عن المرض، لترتفع نسبة المواطنين الخاضعين لهذا النظام من 42 في المائة إلى 100 في المائة.
وتبلغ الكلفة الإجمالية لمشروع تعميم الحماية الاجتماعية، بحسب الحكومة، حوالي 51 مليار درهم، منها 14 مليار درهم لتعميم التأمين الإجباري عن المرض، و19 مليار درهم للإعانات الاجتماعية، و17 مليار درهم لتوسيع دائرة المستفيدين من المعاش والتقاعد، ومليار درهم من أجل انسيابية النظام الحالي للتعويض عن فقدان الشغل.
تفعيل الدعم المباشر للأسر
دعما للأسر التي تعاني الفقر والهشاشة، انكبت الحكومة، في إطار الورش الملكي للحماية الاجتماعية، على إعداد تصور شامل لعرض الدعم الاجتماعي للدولة، يستمد مرجعيته من الخيار الاستراتيجي الهادف لدعم ركائز الدولة الاجتماعية ولتمكين الأسر محدودة الدخل.
والتزاما بالأجندة الملكية، من المرتقب أن تعمل الحكومة مع نهاية سنة 2023 على تعميم الدعم المباشر على شكل تعويضات عائلية باستهداف الأسر التي تعاني الفقر والهشاشة، ليستفيد من هذا المشروع الوطني التضامني، حوالي 7 ملايين طفل منحدرين من هذه الأسر، و3 ملايين أسرة بدون أطفال في سن التمدرس.
وبفضل تسريع الحكومة لوتيرة الاشتغال من أجل إخراج السجل الوطني للسكان والسجل الاجتماعي الموحد سنة 2023، فإن المعيار الوحيد للاستفادة من الدعم يكون “الاستحقاق” عبر اعتماد معايير دقيقة وموضوعية باستعمال التكنولوجيات الحديثة.
تأهيل المنظومة الصحية
وإذ لا يستقيم إنجاح تعميم التغطية الصحية دون تأهيل حقيقي للمنظومة الصحية، صادقت الحكومة على مشروع القانون الإطار رقم 22.06 المتعلق بالمنظومة الصحية الوطنية، والذي يرتكز على دعامات أساسية تتجلى في تعزيز الحكامة الاستشفائية والتخطيط الترابي للعرض الصحي، والانفتاح على الكفاءات الطبية الأجنبية، وتحفيز الأطر الطبية المغربية المقيمة بالخارج، ورقمنة المنظومة الصحية، والحرص على التوزيع العادل للخدمات الاستشفائية عبر التراب الوطني.
وبذلك، حرصت الحكومة على الارتقاء بوضعية العاملين في القطاع الصحي، خاصة من خلال الاعتراف بشهادة الدكتوراه للطبيب والتأسيس لنظام الأجر المتغير حسب المردودية، وإحداث مخطط يمتد إلى سنة 2030 للرفع من تكوين عدد الأطر الصحية بمختلف مكوناتها، حيث سيتم في أفق 2025 بلوغ 94 ألف مهني صحة مقارنة مع 64 ألف حاليا. كما تم إطلاق ورش تأهيل ما يقارب ألف و400 مركز صحي أولي، فضلا عن عزم الحكومة على إحداث مستشفى جامعي بكل جهة.
ولتحسين الولوج إلى الأدوية والمستلزمات الطبية، تم اتخاذ عدة إجراءات لتأمين وتكوين المخزون الاستراتيجي الوطني من الأدوية والمنتجات الصحية، وكذا اعتماد سياسة وطنية جديدة للأدوية 2022-2026 من أجل الولوج العادل إلى الأدوية الأساسية بجودة وأسعار مناسبة.
دعم اقتناء السكن الرئيسي
تعمل الحكومة على مباشرة العديد من الإصلاحات لتيسير ولوج المواطنين إلى سكن ذي جودة، لا سيما من خلال تيسير الولوج إلى التمويل السكني والدعم المباشر للأسر، حيث أدرجت برسم مشروع قانون المالية لسنة 2023 تدابير لتقديم إعانات مباشرة لفائدة المواطنين الذين يقتنون مساكن مخصصة للسكن الرئيسي.
وعلاوة على ذلك، تحرص الحكومة على تعزيز سياسة المدينة والتأهيل الحضري من خلال تقليص الفوارق المجالية بين المدن وضواحيها والقرى، وتعزيز الخدمات وإحداث المرافق الضرورية لتحسين إطار عيش المواطنين.
كما تعمل على مواصلة تنفيذ البرنامج الوطني “مدن بدون صفيح”، وتأهيل المباني الآيلة للسقوط، والبرامج السكنية المدعمة، وذلك بغية تقليص مظاهر الإقصاء الاجتماعي والحضري.
دعم القدرة الشرائية للمواطنين
خصصت الحكومة اعتمادات مهمة لدعم بعض المواد الأساسية، وضمان توفيرها بالأسواق. وتمت، في هذا الإطار، مضاعفة ميزانية صندوق المقاصة، لتتجاوز 32 مليار درهم، برسم سنة 2022.
ولمواجهة ارتفاع الأسعار الذي فرضته الظرفية الراهنة، اتخذت الحكومة سلسلة من التدابير الرامية إلى دعم المواد الأساسية والحفاظ على القدرة الشرائية للمواطنين، وهو ما تطلب غلافا بقيمة 40 مليار درهم خلال السنة الجارية.
وبحسب الحكومة، فإن التكلفة الإجمالية لدعم المواد الأساسية تقدر بما يعادل 22,1 مليار درهم بالنسبة لغاز البوتان، و9,1 مليار درهم بالنسبة للقمح المستورد، و1,4 مليار درهم للدقيق الوطني من القمح اللين، و1,3 مليار درهم للسكر المستورد، و3,5 ملايير درهم للسكر المكرر.
كما حظيت بالدعم الحكومي قطاعات أخرى متضررة من الأزمة، والتي لها وقع مباشر على القدرة الشرائية لدى المواطنين، لا سيما قطاع النقل، وذلك بتكلفة تفوق 560 مليون درهم على أساس شهري.
خلق مناصب الشغل
أطلقت الحكومة جيلا جديدا من برامج التشغيل تسعى من خلالها إلى إدماج المتضررين من الجائحة في سوق الشغل وإلى إطلاق طاقات الشباب ومبادراتهم الفردية وتشجيعهم على الولوج إلى عالم المقاولة والابتكار والإنتاج، وذلك عبر برامج هامة مثل “أوراش” و”فرصة” وانطلاقة” و”تمويلكم” و”أوكسجين” و”إقلاع”.
مواصلة الحوار الاجتماعي
أعطت الحكومة انطلاقة الجولة الثانية من الحوار الاجتماعي مع شركائها الاجتماعيين والمهنيين، قصد الشروع في معالجة العديد من الملفات الاجتماعية الأساسية، وعلى رأسها مراجعة نظام الضريبة على الدخل، وإصلاح أنظمة التقاعد، ووضع تصور مشترك لإرساء المرصد الوطني للحوار الاجتماعي وأكاديمية التكوين في مجال الشغل والتشغيل والمناخ الاجتماعي، باعتبارها آليات مواكبة لمأسسة الحوار الاجتماعي.