التبرع بالدم في جهة الدار البيضاء-سطات..تعبئة كبيرة وطموحات أكبر
عطاء كبير وتعبئة غير مسبوقة، شهدتهما جهة الدار البيضاء-سطات، خلال الفترة الأخيرة، بانخراط مختلف شرائح المجتمع المحلي في حملات التبرع بالدم، لتعزيز مخزون الجهة من هذه المادة الحيوية.
فواقع الحال، أن جهة الدار البيضاء-سطات، لطالما سجلت عجزا في مخزون أكياس الدم، لعدة أسباب، على رأسها العزوف عن التبرع، والطلب الكبير الذي تعرفه هذه الجهة، بسبب عدد السكان الكبير وتوافد المواطنين من مختلف جهات المملكة على مدينة الدار البيضاء، لتوفرها على بنيات تحتية طبية مؤهلة ومتعددة.
الشباب، الحلقة الأهم في منظومة التبرع
ولترسيخ روح التبرع لدى ساكنة كبرى جهات المملكة، قام المركز الجهوي للتحاقن بالدارالبيضاء-سطات، بشراكة مع مختلف الفاعلين (مدارس، جامعات، مجتمع مدني، جمعيات..)، بتنظيم لقاءات تحسيسية على مدار السنة الماضية (2021)، همت بالخصوص تلاميذ المدارس، وطلاب الجامعات في مختلف العمالات والأقاليم التابعة للجهة، لتشجيع شباب اليوم على التبرع، وزرع ثقافة التبرع لدى الأطفال، الذين يشكلون شباب الغد.
وبهذا الخصوص، أبرزت رئيسة المركز الجهوي لتحاقن الدم بالدار البيضاء- سطات، الدكتورة أمال دريد أن الجهة، شهدت هذه السنة تعبئة كبيرة جدا من خلال تنظيم حملات تحسيسية متعددة، خاصة لدى فئة الشباب، حيث تم تنظيم حملات تحسيسية للأطفال أقل من 18 سنة باعتبارهم متبرعي المستقبل، وحملات للتبرع على مستوى الجامعات والمدارس العليا، لاستهداف فئة الشباب التي تعد مهمة جدا في منظومة التبرع بالدم.
وأشادت الدكتورة دريد، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، بالنتائج المشرفة جدا، المحققة خلال هذه الحملات، ليس فقط على مستوى عدد الأكياس التي تم جمعها، ولكن أيضا على مستوى الانخراط والتفاعل الكبير لهؤلاء الطلاب، مؤكدة أن الهدف الأساسي لهذه الحملات لا يتجلى في جمع أكياس الدم، بقدر ما يبتغي خلق جيل واع بأهمية التبرع، وغرس هذه الثقافة في أوساط الشباب.
واعتبرت أن جهة الدار البيضاء-سطات، تتمتع بخصوصيات على مستويات عدة، تتمثل بالأساس في عدد السكان الذي يبلغ حوالي 7.8 مليون نسمة، وكذا العدد الكبير للمراكز الاستشفائية الخاصة والعمومية، لاسيما على صعيد مدينة الدار البيضاء.
كما أبرزت أن المركز الجهوي للتحاقن بهذه الجهة ينفرد أيضا، مقارنة مع المراكز وأبناك الدم الأخرى في المملكة، بكونه يلبي طلبات ما يفوق بكثير 500 مركز استشفائي ودور تصفية الكلي ومصحات متعددة الاختصاصات والتي تتزايد باستمرار، مع التطور الذي تعرفه الجهة.
وأكدت أن المشكل الأساسي لا يكمن في عدد المتبرعين، بل الاستهلاك الكبير جدا، الذي يتراوح بين 33 و40 في المائة من إجمالي الاستهلاك على الصعيد الوطني، حيث على المركز توفير من 500 إلى 600 كيس يوميا، لتلبية طلبات أكثر من 610 مرفق صحي خاص وعام، بالإضافة إلى أكبر مستشفى جامعي يتوافد عليه المواطنون من جميع جهات المغرب.
وأوضحت أنه “لتوفير الطلبات التي تتوافد على المركز، نحتاج على الأقل إلى 400 متبرع يوميا”، مشيرة إلى أنه يتوافد على المركز حاليا، حسب الإحصائيات المتوفرة، من 300 إلى 350 متبرعا في اليوم.
مؤثرون، جماهير كروية، موظفون.. جميعا من أجل تبرع منتظم
وأبرزت الدكتورة دريد، أن المركز ينتهج استراتيجية تواصلية جد منفتحة على الإعلام السمعي البصري وعلى مواقع التواصل الاجتماعي التي تعد جد مهمة للوصول لفئة الشباب، حيث قام المركز بتنظيم حملات تحسيسية بشراكة مع عدد كبير من المؤثرين الذين يفوق عدد مشتركيهم مليوني شخص.
وأوضحت أن هذه المبادرة تمثلت في توافد هؤلاء المؤثرين على مركز التحاقن الجهوي، وتوثيق تبرعهم بالدم من خلال كبسولات فيديو تم نشرها على قنواتهم أو صفحاتهم في مواقع التواصل، مبرزة أن الإحصائيات التي قام بها المركز، خلال ثلاثة أشهر من إطلاق هذه المبادرة، أظهرت تسجيل تزايد ملموس في عدد المتبرعين.
ومن أبرز المبادرات التي عرفتها الجهة، تضيف السيدة دريد، تلك المتعلقة بانخراط جماهير القطبين الكرويين للعاصمة الاقتصادية، الرجاء والوداد البيضاويين، في حملة “ديربي التبرع بالدم”، والتي شكلت منافسة جميلة في جو أخوي، حيث تنافس الجمهوران على من سيتبرع أكثر.
وأكدت أن هذه المبادرة عززت مخزون المركز في ظل الأزمة، واتفق الجانبان على أن هذه المبادرات لن تقتصر على مرة واحدة في السنة ولن تكون بشكل موسمي كما كان الحال سابقا، بل سيتم العمل على تنظيم هذه المبادرة مرة كل ثلاثة أشهر.
وفي مسعاه لتعزيز مخزون الجهة، أبرم المركز اتفاقيات شراكة مع مجموعة من الأبناك، والشركات، والمؤسسات، وجمعيات المجتمع المدني التي زادت تقريبا ب 50 في المائة خلال سنة 2021، بالإضافة إلى انخراط كافة الإدارات العمومية الجهوية (الدرك الملكي، الجمارك، الأمن الوطني، القوات المساعدة، هيئة المحامين والقضاة…) في حملات للتبرع بالدم التي ساهمت بشكل كبير في رفع المخزون بالجهة.
وحدات ثابتة ومتنقلة.. من أجل تقريب الخدمات من المواطنين
ومن أجل تقريب خدمات مركز التحاقن من المواطنين الراغبين في التبرع، عمل المركز على توفير وحدات متنقلة، والتي تتنقل لمقرات الجمعيات والأبناك والمؤسسات التي تربطها اتفاقيات شراكة وتعاون مع المركز، إلى جانب تأمين وحدات ثابتة، حيث يتم وضع وحدات قرب لتقريب الخدمة من المواطن، وإلى حدود الساعة تم توفير ست وحدات بالجهة، في حين توجد ثلاث وحدات أخرى في طور الإنجاز.
وأبرزت دريد، في هذا السياق، أن المركز يعمل على تقديم هذه الخدمة في كل مدينة تابعة للجهة، وتوفير وحدة ثابتة واحدة في كل عمالة بمدينة الدار البيضاء، لكي لا يبقى هاجس التنقل وبعد المركز عائقا أمام أي راغب في التبرع بالدم.
حملات التبرع بالدم.. نحو خارطة طريق لسنة 2022
وفي إطار اتفاقية الشراكة المبرمة بين وزارة الداخلية ومراكز التحاقن الجهوية بكافة ربوع المملكة، تعقد مراكز التحاقن الجهوية اجتماعات مع العمال والكتاب العامين، من أجل وضع خارطة طريق لسنة 2022، خاصة بتنظيم حملات التبرع.
وبالنسبة لجهة الدار البيضاء-سطات، أشارت دريد إلى أن المركز قام بعقد عدة اجتماعات، على صعيد المدن التابعة للجهة، وكذا العمالات التابعة لمدينة الدار البيضاء، من أجل وضع خارطة طريق لسنة 2022 بالنسبة للموظفين التابعين للوزارة، والجمعيات التابعة لكل عمالة أو مدينة.
وذكرت أنه قد عقدت حتى اليوم، حوالي 70 في المائة من الاجتماعات المقررة، إذ تمت تغطية كافة العمالات بمدينة الدار البيضاء، وجل المدن بالجهة، مؤكدة أن باقي الاجتماعات سيتم عقدها خلال شهر يناير الجاري، ليتم بذلك وضع خارطة طريق متكاملة وشاملة لحملات التبرع برسم سنة 2022، ووضع جدول أعمال لتنظيم الوحدات المتنقلة، وإنجاز الوحدات الثابتة للتمكن من تغطية الجهة ككل.
تعبئة كبيرة.. طموحات أكبر
وخلصت الدكتورة دريد إلى أنه رغم الانخراط الكبير الذي شهدته الجهة، خلال الفترة الأخيرة، لم تصل الجهة بعد إلى النسبة المنصوص عليها من طرف منظمة الصحة العالمية، المتمثلة في 3 في المائة من عدد السكان.
وأشارت إلى أن هذه النسبة التي لم تكن تتعدى 0,99 في المائة قبل 2018، بلغت اليوم 1,74 في المائة، مبرزة أن “هدفنا هذه السنة يتمثل في الوصول إلى 2 في المائة، رغم الجائحة”.
تابعوا آخر الأخبار عبر واتساب
انضم إلينا واحصل على نشراتنا الإخبارية