“البام” يبرز أهمية المنتوج الوطني ويلحّ على ضرورة دعم الكفاءات المغربية
شدد الفريق النيابي لحزب الأصالة والمعاصرة بمجلس النواب على أهمية المنتوج الوطني في ضمان السيادة الوطنية والأمن الغذائي والدوائي والتقدم والرفاه الاقتصادي والاجتماعي في أي مجتمع، مؤكدا أنه إن كان من دعم للمنتوج الوطني فيجب أن يتجه لدعم الأدمغة والكفاءات والقدرات العلمية والتقنية المغربية، بدل تركها مستغلة من طرف الدول الأجنبية.
جاء ذلك في مداخلة لرشيد العبدي، رئيس الفريق النيابي لحزب الأصالة والمعاصرة في بالغرفة الأولى، تعقيبا على مداخلة لسعد الدين العثماني، رئيس الحكومة، خلال الجلسة الشهرية المخصصة لمساءلة رئيس الحكومة حول السياسة العامة، والتي خصصت هذا الشهر لسياسة الحكومة فيما يخص دعم المنتوج الوطني.
وسجل العبدي أن ” العالم شهد صراعا وتنافسا بين القوى العظمى لإنتاج لقاح مضاد لفيروس كوفيد 19، حيث تَشَكَّلَ في ظرف قياسي نادٍ ضيق ومحصور جدا للدول التي استطاعت انتاج هذا اللقاح، وبالتالي استطاعت أن تضمن لشعوبها الأولوية والسبق في التطعيم والحماية من شبح الفيروس القاتل، فيما يتوجب على باقي الدول وشعوبها الانتظار والتفاوض وطلب المساعدة للحصول على اللقاح بالشروط وفي الظروف التي تقررها الشركات والدول المنتجة، أوردنا هذا المثال فقط لنوضح أهمية المنتوج الوطني في ضمان السيادة الوطنية والأمن الغذائي والدوائي والتقدم والرفاه الاقتصادي والاجتماعي في أي مجتمع”.
وأبرز العبدي بأن ” المنتوج الوطني المعروض في السوق الوطنية لا يتجاوز، في أحسن الأحوال، نسبة 10% من حجم السوق” داعيا رئيس الحكومة، القيام بجولة خاطفة في الفضاءات الكبرى الموجودة في مختلف جهات المملكة، للوقوف عند الحقيقة ” المرة” التي يعاني منها المنتوج المغربي، ” فقطاع الصناعة التقليدية يعرف تراجعا خطيرا وتوقفا شبه تام لنشاطه، وأن العديد من الحرفيين والمهنيين منهم من يحتضر ومنهم من فضل ركوب أمواج البحر، معرضا حياته للخطر تاركا وراءه مأساة اجتماعية حقيقية”، مردفا:” فهل، السيد رئيس الحكومة، قمتم بمبادرات تشريعية أو اتخذتم قرارات تنظيمية من أجل إلزام وتوجيه، على الأقل، الإدارات والمؤسسات والمقاولات العمومية، لاستهلاك المنتوج المحلي أثناء القيام بتحضير وإنجاز صفقات التجهيز”.
فجل المغاربة والمؤسسات، يضيف العبدي، ” في ظل ضعف حضور منتوج وطني منافس وقوي، يتوجهون رأسا لاستهلاك المنتوجات المستوردة، فحتى فضاء هذه القبة التي نناقش داخلها هذا الموضوع، جل تجهيزاتها مستوردة، كما أن هناك منتوجات تصنع محليا وتكون غير قابلة للتصدير بسبب احتوائها على مكونات غير مطابقة لمعايير التصدير (صناعة الفخار وعلى رأسها الطاجين مثلا…)”.
وقال العبدي إن العديد من المنتوجات الوطنية والحرف المهنية واليدوية التي كانت، بالأمس القريب، مصدر فخر لدى كافة المغاربة لم يعد لها اليوم تمركزا، لا في السوق الوطنية ولا في الأسواق الدولية ” والأمثلة هنا كثيرة، سأقتصر على ذكر بعضها، مثل الحصيرة المغربية مثلا والنقش المغربي الأصيل… لا أذكركم، أن إقتصاد قوي قادر على التصدي لهزات السوق الدولية يتطلب أولا: عرض منتوج وطني مهم ومتكامل، وثانيا: قدرة شرائية مواكبة ومنتوج وطني تنافسي، إنها مسؤولية السياسات العمومية التي سطرتموها وعرضتموها على أغلبيتكم للمصادقة عليها”.
ويرى العبدي أنه من أجل إعطاء أهمية للمنتوج المحلي، يتعين، الحرص على إلزام المقاولات الوطنية، بحد أدنى، من استهلاك المنتوج المحلي وذلك رغم كون رئيس الحكومة التزم، إلى حد ما، بتطبيق الأفضلية الوطنية في الصفقات العمومية، مبرزا أنه ” اليوم، وبالرغم من إطلاق استراتيجية صناعية جديدة منذ سنة 2005، مبنية بشكل أساسي على المهن وما تلاها من مخططات، إلا أن التأخير الكبير الذي سجلته بلادنا على مستوى الإقلاع الصناعي، وعلى مستوى تأهيل المقاولة المغربية والرفع من تنافسيتها ومساهمتها في النمو الاقتصادي وفي خلق فرص الشغل لا زال في حاجة إلى جهد أكبر، والدليل على ذلك، هو أن التجارة الخارجية الصافية لا زالت تسجل مساهمة سلبية في النمو، بحوالي 0,3 نقطة من الناتج الداخلي الخام، وهو ما يعكس الحاجة القوية للاقتصاد الوطني إلى الاستيراد، حيث بلغت الواردات ثلاثة أضعاف قيمتها مقارنة ببداية سنوات 2000، وفق معطيات وزارة الاقتصاد والمالية”.
وأوضح أن ” الوحدات الإنتاجية تعاني اليوم من غياب الدعم والمواكبة، خاصة في هذه الظرفية الصعبة المترتبة عن تداعيات جائحة كورنا التي أدت إلى التوقف التام أو المؤقت عن النشاط لما يزيد عن 57% من مجموع المقاولات”، كما أن ” سياساتكم الاقتصادية المنتهجة لم تستطع معالجة الفقر والرفع من الدخل الفردي السنوي للمغاربة، الذي لا يتجاوز 5456 دولار، مما يجعل المغرب يحتل أحد المراتب المتأخرة عالميا (المرتبة 122 على الصعيد العالمي)، ما يفسر التواضع الكبير للقدرة الشرائية للمستهلك المغربي”، هذا فضلا عن ” إنهاككم للقدرة الشرائية للمواطنات والمواطنين، ولم تستطيعوا مراجعة السياسة الأجرية ومنظومة التقاعد، والإفراج عن الترقيات، وإصلاح منظومة الدعم الاجتماعي ومعالجة إشكالية البطالة التي وصلت لأرقام قياسية في الآونة الأخيرة (13%)، إضافة إلى غياب إجراءات وتدابير عملية تحفز على استهلاك المنتجات المغربية المنشأ من طرف المستهلك المغربي على قلتها، خاصة وأن استهلاك الأسر يعتبر المحرك الرئيسي للنشاط الاقتصادي، حيث يمثل ما يقارب 59% من الناتج الداخلي الخام، وتساهم بنسبة 2,4 نقطة في نمو الناتج الداخلي الخام بين 1999 و2019 وفق معطيات وزارة الاقتصاد والمالية”.
ومن جهة أخرى، اعتبر العبدي أن سياسة الانفتاح التي انتهجها المغرب من خلال إبرام العديد من اتفاقيات التبادل الحر، لم توازيها الحكومة بإجراءات الدعم والمواكبة للمقاولات الصغرى والمتوسطة، والعمل على تعبئة الفرص التي تتيحها لتسويق المنتوجات الوطنية وتنويع الأسواق الخارجية، وتفعيل المنظومة التشريعية المتعلقة بالحماية التجارية والتدابير المضادة للإغراق، منتقدا الحكومة كونها لم تقدم حلولا واقعية وملموسة لمعالجة إشكالية القطاع غير المهيكل، والذي لم تنجح كل التدابير الضريبية التي تم اتخاذها بهدف استيعابه إلى حد الآن، وخاصة من خلال سن نظام المقاول الذاتي.
وخلص العبدي كون دعم المنتوج الوطني ليس بقرار تقني أو سياسة قطاعية معزولة، أو مجرد تدبير روتيني وظرفي يمكن القيام به في أية لحظة، وإنما هو اختيار اقتصادي واجتماعي استراتيجي، بسياسات عمومية أفقية متجانسة ومنسجمة في الأهداف والغايات، مؤكدا أن ” واقع الوضعية الاقتصادية ببلادنا اتسم دائما بالهشاشة وبضعف الأداء والتنافسية وقلة مصادر النمو والعجوزات الهيكلية على كافة الأصعدة، وقد تضافرت عدة عوامل لإنتاج هذه الوضعية، منها ما هو مرتبط بتواضع وقصور السياسات العمومية المتعاقبة المنتهجة من قبل حكومتكم والحكومات السابقة، ومنها ما هو مستجد ومرتبط بتداعيات جائحة كوفيد 19، الذي فضح هذا الواقع بشكل صارخ”.
تابعوا آخر الأخبار عبر واتساب
انضم إلينا واحصل على نشراتنا الإخبارية