الأمراض المزمنة والأوبئة والوفيات الناتجة عن تلوث الهواء بالمغرب.. شبكة تكشف معطيات صادمة

دقت الشبكة المغربية للدفاع عن الحق في الصحة والحق في الحياة، ناقوس الخطر بخصوص ظاهرة انتشار وتفشي الأمراض المزمنة والأوبئة الفتاكة الناتجة عن تلوت البيئة والهواء وتلوث البيئة والمياه بالمغرب، مشيرة إلى أن تلوث الهواء يُسبب أكثر من خمسة آلاف حالة وفاة في المغرب.

وأوضحت الشبكة، في تقرير لها، بمناسبة اليوم العالمي للصحة الذي يصادف 7 أبريل من كل سنة، أنه إذا كانت الوضعية الصحية بالمغرب على مستوى تقديم الرعاية الصحية الأولية والعلاجات الاستشفائية الثالثية قد شهد تحسنًا ملحوظًا في السنوات الأخيرة بإدخال تقنيات جديدة واستعمال تكنولوجيا طبية حديثة، وعلى الرغم من استمرار التفاوتات والفوارق الطبقية والمجالية في ولوج هذه الخدمات الصحية، فإن ظاهرة انتشار وتفشي الأمراض المزمنة والأوبئة الفتاكة الناتجة عن تلوت البيئة والهواء وتلوت البيئة والمياه “باتت مقلقة جدا”، وهي مسؤولية مشتركة بين جميع القطاعات والمؤسسات والمجتمع المدني والأفراد والأسر.

وأشارت الشبكة المغربية للدفاع عن الحق في الصحة والحق في الحياة، إلى أن تلوث الهواء يُسبب أكثر من خمسة آلاف حالة وفاة في المغرب، أي بمعدل 15 وفاة في اليوم، ويُكبّد الدولة ما يناهز 11 مليار درهم سنوياً وفق تقرير لمنظمة السلام الأخضر “غرينبيس” حول المغرب الذي يعتبر من بين الدول الأعلى من حيث عدد الوفيات في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وذلك بسبب اعتماده على الفحم الحجري لإنتاج الكهرباء مما يضع صحة المواطنين في خطر، لكون الفحم الحجري من بين مصادر الطاقات الأحفورية الأكثر تلوثاً، تصدر عنه ملوثات سامة تتسبب في أمراض صحية مزمنة، مثل الانسداد الرئوي المزمن وسرطان الرئة ويعرض النساء الحوامل لمخاطر الولادة المبكرة وأمراض القلب والأوعية الدموية والسكري.

وتشكّل أمراض القلب والشرايين أهم أسباب الوفيات بالمغرب، بنسبة 39.02 في المائة، ونسبة 12.23 في المائة بالنسبة للوفيات بسبب السرطان وأنواعه، كما يتسبب تلوت الهواء في 43 في المائة من الانسداد الرئوي المزمن ووفيات المرضى به في غياب العلاج ومسؤول عن 29 في المائة من حالات سرطان الرئة، وفقا لمنظمة الصحة العالمية، ويتسبب في حوالي 21% من الوفيات بالسكتة الدماغية و24% من وفيات مرضى قصور الشريان التاجي، بحسب تقرير الشبكة المغربية للدفاع عن الحق في الصحة والحق في الحياة.

وفي هذا الإطار، أفاد التقرير أن سكان جهة الدار البيضاء سطات التي تمتل 50 في المائة من النشاط الصناعي بالمغرب، معرضون أكثر من غيرهم للإصابة بالأمراض التنفسية، نتيجة لتلوث الهواء، إذ تضم هذه المدينة نحو20% من المصابين بتلك الأمراض و 52.7% من المرضى بحساسية الأنف و 16% من المصابين بالربو وضيق التنفس وسرطان الرئة وأمراض الأنف و الحساسية، ويعود ذلك أساسا لارتفاع التلوث في مدينة الدار البيضاء التي لم تجد بعد حل نهائيا لمطارح النفايات رغم خطورتها على صحة الانسان والحيوان .

أما على مستوى تلوث المياه، فإن 28 % من مصادر المياه بالمغرب مهددة بالتلوث وتشكل النفايات الصلبة والمبيدات والأسمدة الكيماوية والمواد الكيماوية التي تصب في الأودية والنهار والشواطئ أكبر تهديدا مباشر لمصادر المياه الجوفية المغربية ولصحة السكان، بحسب التقرير ذاته.

وكشف تقرير للبنك الدولي أن المغرب من بين أكبر الدول التي يرتفع فيها معدل تلوث المياه، لأسباب متعددة متعلقة أساسا باستعمال الأسمدة الزراعية ومشكل الصرف الصحي، وعوامل البكتيريا والكيماويات والمواد البلاستيكية وتحول المياه إلى مادة سامة للبشر وللمنظومة البيئية، بحسب تقرير الشبكة.

وفي نفس السياق كشف تقرير للمركز المغربي لمحاربة التسمم واليقظة الدوائية، أن أكثر من 90 في المائة من التسممات الغذائية المسجلة في المغرب بعد الأدوية تكون ناتجة عن تلوث الأطعمة بالميكروبات، وما يقرب من 10 في المائة تكون ناتجة عن مواد كيميائية.

كما كشف تقرير لمنظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة، عن ارتفاع عدد المغاربة الذين يعانون من نقص التغذية، إلى مليون ونصف وان 10.2 ملايين يعانون من انعدام الامن الغذائي سنة ،2020 كما أن انتشار الوزن الزائد يشكل مشكلة صحية عامة بالمغرب لدى 11.3 في المائة، من السكان فيما انتقلت السمنة لدى البالغين إلى 26 بالمائة عام 2016، ولدى الأطفال أقل من 5 سنوات إلى 13  بالمائة، ورصدت الوثيقة أيضا انتشار فقر الدم بين النساء ما بين 15 و49 سنة، الذي انتقل من حوالي 30   بالمائة عام 2020.

وقد سبق للشبكة المغربية للدفاع عن الحق في الصحة، ان دقت ناقوس الخطر بخصوص عدد من العوامل المؤثرة في صحة المواطن المغربي، وتتمثل في المحددات الاجتماعية للصحية ومنها تلوت البيئة والنظام الغذائي والماء الصالح للشرب ووقفت على مواطن ضعف المؤشرات الاجتماعية والبيئية المؤدية لتفشي الأمراض في المجتمع بسبب عوامل الفقر والهشاشة والعطالة والأمية، وغياب العدالة الاجتماعية و توزيع غير منصف للدخل والثروة ، مشيرة إلى أن أعداداً كبيرة جداً من الناس يعيشون في كنف الفقر والمرض وانعدام الاستقرار والسكن غير اللائق وسوء التغذية وفقدان الماء الصالح للشرب وضعف الحماية الاجتماعية والتغطية الصحية الشاملة، حيث يظل تمويل القطاع الصحي بالمغرب متواضع جدا لا يرقى إلى الانتظارات ومتطلبات المتغيرات والعوامل الديمغرافية والوبائية والاجتماعية حيث ظلت ميزانية تقشفية لا تتجاوز 6 في المائة من الميزانية العامة للدولة ولا زالت ترتكز أساسا مساهمات الأسر والتي جزءا كبيرا من النفقات الاجمالية للصحة بنسبة 54 % مصدرها جيوب اﻷفراد واﻷسر، فضلا على ارتفاع أسعار الأدوية وأسعار المصحات والمختبرات الخاصة، و انتشار ظاهرة الادوية المغشوشة والمزورة وانتشار بيع مواد غذائية ومكملات غذائية منتهية الصلاحية واطعمة ملوثة غير مراقبة وتفشي المخدرات التي تودي إلى أمراض نفسية وعقلية وتسبب في الانتحار.

وشدّدت الشبكة المغربية للدفاع عن الحق في الصحة والحق في الحياة، على أن صناع القرار السياسي الحكومي ملزمون اليوم قبل أي وقت مضى جعل حماية البيئة كأولوية مندمجة وانتقائية ضمن كل البرامج والمخططات الاقتصادية والاجتماعية ، و بناء نظام صحي عادل ومنصف وبيئة سليمة وتحسين المؤشرات و التأثير على المحددات الاجتماعية للصحة باعتبار أن نجاح مشروع تعميم التأمين الإجباري الاساسي عن المرض رهين بإصلاح شامل للمنظومة الصحية الوطنية وتحقيق التغطية الصحية الشاملة يحصل من خلالها جميع الأفراد والأسر والمجتمع على الخدمات الصحية التي يحتاجون إليها دون التعرض لضائقة مالية جراء ذلك، وهي تشمل المجموعة الكاملة من الخدمات الصحية الضرورية والجيدة، ابتداء من تعزيز الصحة إلى الوقاية والعلاج والتأهيل والرعاية الملطفة ومراعات أولويات التغطية الصحية الشاملة مـن بينهـا الـرصـد الـوبـائـي والتصـدي لـلأوبئـة العـابـرة للحـدود؛ وتعـزيـز المنظـومـات الصحيـة؛ والمسـاهمـة فـي التنميـة الاجتمـاعيـة والاقتصـاديـة ؛ وتلبيـة احتيـاجـات وتـوقعـات السكـان، فيمـا يخـص صحتهـم وتكـاليفهـا، وفق ما جاء في الرسالة الملكية في اليوم العالمي لصحة 2019 ، وبالتالي ضرورة اعتماد خيارات ســياســية جريئة على نطاق القطاعات كافة من أجل الصــحة، وبناء الرعاية الصــحية الأولية المســتدامة، و الحاجة الى تأسيس مجلس اعلى للصحة والحماية الاجتماعية.

 


تساقطات ثلجية ورياح عاصفية تضرب هذه المدن المغربية

whatsapp تابعوا آخر الأخبار عبر واتساب






انضم إلينا واحصل على نشراتنا الإخبارية




زر الذهاب إلى الأعلى