آيت عميـرة.. ساكنة أكبر تجمع سكاني بإقليم اشتوكـة تتنفّس تحت “الواد الحار”
تُشكّل جماعة آيت عميرة، الواقعة جُغرافياً على بعد نحو 40 كيلومترا جنوب أكادير، والتابعة إدارياً لإقليم اشتوكة آيت باها، خزّاناً فلاحياً يساهم بشكل وافرٍ في تحقيق الأمن الغذائي للمغرب، نظراً لحجم الاستثمارات الكبرى في القطاع الزراعي المتمركزة بمجالها الترابي، والتي خلقت فرص شغل هائلةٍ وظروفاً مواتية لاستقرار الآلاف من اليد العاملة الوافدة من مختلف جهات المملكة، ما جعل المنطقة ترتقي خلال، حيّز زمني قصير، إلى مصاف الجماعات الترابية ذات الكثافة السكانية المرتفعة على مستوى جهة سوس ماسة.
ويبدو أن هذه الدّينامية الفلاحية والديمغرافية لاتُواكبها من جهة أخرى، بنية تحتية تستجيب لكلّ هذه المؤهلات، لاسيما مايرتبط بشبكة التطهير السائل التي تُعتبر على رأس المطالب ذات أهمية وراهنية قصوى لدى الساكنة المحلية التي ترزح تحت وطأة تلوث بيئي كبير، دفع بفئة عريضة منها إلى دوامة طافحة بمعاناة إنسانية لاتكاد تنتهي إلى حدود اليوم.
في هذا الصدد، أفاد بوبكر بن سيهمو، المنسق الجهوي للمركز المغربي لحقوق الإنسان بسوس ماسة ومُتتبع للشأن المحلي في آيت عميرة، بأن دوار العرب المحاذي لـ”الواد الحار”، تتسرب إليه سيول من المياه العادمة المتدفقة من الحوض الضخم الذي تُصبّ فيه مخلفات الصرف الصحي، كما يعرف انبعاث روائح كريهة تزكم أنوف القاطنين، لافتاً الإنتباه إلى كون هؤلاء، يتقاسمون الآلام المعيشية نفسها، مع ساكنة الدواوير والأحياء المجاورة.
ونبّه بن سيهمو ضمن تصريح أدلى به لموقع “سيت أنفو”، إلى الأضرار الوخيمة لـ”الواد الحار”، الذي قال بأنه لايبعد سوى بأمتار قليلة عن مؤسستين تعليميتين، محذّراً من الانعكاسات السلبية للمياه الآسنة، سواء على المحيط البيئي أو على صحة المواطنين خاصة الأطفال منهم، في حالة استمرار الوضع على ماهو عليه دون أن يجد طريقه إلى الحل.
كما شدّد الفاعل الحقوقي ذاته، على ضرورة تعجيل الجهات المسؤولة بإيجاد حل نهائي لطيّ هذا الملف الشائك الذي ظلّ في حالة جمود لسنوات، مبرزاً أن الأضرار التي يتعرض لها السكان تزداد حدّتها أكثر، خلال الفترات التي تشهد ارتفاعا في درجات الحرارة، بفعل انتشار جحافل البعوض والحشرات الضارة التي تهاجمهم في منازلهم وتقضّ مضجعهم، وفق تعبيره.
وتعليقاً على الموضوع، قال علي البرهيشي، رئيس المجلس الجماعي لآيت عميرة، إن “الواد الحار تم إنجازه بدون أية دراسة خلال ولاية المجلس الأسبق”، موضحا أن “دوره في الأول كان يقتصر على تجميع مياه الحفر قبل أن يتحول إلى قناة لتصريف مخلفات بيوت الساكنة عقب قرار تم اتخاذه سابقاً لهذا الغرض دون اكتراث بعواقبه”.
ومضى البرهيشي مسترسلاً في تصريح لموقع “سيت أنفو”، أن “الواد الحار يستقبل حوالي 360 طنا من المياه العادمة يوميا، مايتسبب في تسربها لتُشكل مجاري لمياه ملوثة في المسالك الطرقية، وهو الأمر الذي دفع الجماعة للجوء إلى حل ترقيعي يتمثل في إفراغ الحفر بشكل دوري”، مشيرا إلى أن ذلك “يُكّلف مابين 60 و80 مليون سنتيم سنويا،” الأمر الذي اعتبره “هدرا للمال العام”.
كما أكد المسؤول الجماعي نفسه، على أن المعالجة الشمولية هي الكفيلة بوضع حد للمشكل القائم؛ ذلك أن الجماعة من المرتقب أن تستفيد من البرنامج الوطني للتطهير السائل ومعالجة المياه العادمة، عن طريق الربط والتحويل في اتجاه مشروع محطة المعالجة المُنجزة داخل النفوذ الترابي لجماعة القليعة التابعة لعمالة إنزكان آيت ملول، وذلك بغلاف إجمالي يُقدّربـ18 مليار سنتيم، تساهم فيه وزارة الداخلية بـ13 مليارا ومجلس جهة سوس ماسة بـ3 ملايير، بينما سيتعين على الجماعة الترابية دفع 2 مليار سنتيم، كاشفاً أن المشروع سيستهدف في مراحله الأولى كل من دوار العرب ودوار أحمر وتجزئة الأمل ومركز المنطقة، على أن يشمل باقي دواوير وأحياء الجماعة”.
تابعوا آخر الأخبار عبر واتساب
انضم إلينا واحصل على نشراتنا الإخبارية