محلل نفسي يُقارب “فيروس كورونا” بين التهويل والتهوين – حوار
دبّج الدكتور محمد الأمين البزاز في مقدمة أطروحته المعنونة بـ”تاريخ الأوبئة والمجاعات في المغرب بين القرنين الثامن والتاسع عشر” أصدرته كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط أن موضوع “المجاعة والوباء يقع على مفترق عدد من فروع المعرفة وميادين البحث، تتصل بالتاريخ وتتعداه إلى آفاق أخرى تلتقي فيها الأسئلة الجغرافية بالتعليلات السوسيو/اقتصادية والطبية والتحليل النفسي”، مشيرا أن “المجاعة والوباء ما يزالان اليوم يطفوان على سائر الاهتمامات في كثير من أقطار العالم ويثيران فيها ما يثيران من قلق ومخاوف”.
مناسبة هذا الكلام، الخوف والهلع والهستيريا المصاحب لانتشار فيروس كورونا الذي خلف سوى 4012 وفاة موزعين على 105 دولة بعد إصابة 114 ألفاً و151 حول العالم في وقت ثورة مواقع التواصل الإجتماعي، بالمقارنة مع مرض السل الذي حصد في عام 2018 أكثر من 1.45 مليون وفاة، كأن الدول في الوقت الحالي لا تواجه فيروس كورونا إنما تحاول تهدئة الرأي العام بأي ثمن، مما يضعنا أمام معادلة التهويل والتهوين، في هذا الصدد أجرى “سيت أنفو” حوارا مع عادل الحسني الباحث في علم النفس الاجتماعي لتسليط الضوء على هذا الموضوع.
بداية، كيف يمكن نفسيا التمييز بين التهويل المبالغ فيه والتحذير المنطقي بشأن الأخبار الواردة عن فيروس كورونا المستجد؟
يجب التنبيه بأن الانفعالات والاضطرابات النفسية الجماعية تتضاعف في هذه الظروف وليس فقط الخوف والتهويل المبالغ فيه، المجتمع معرض للإيحاء بالغضب أو التعامل السلبي أو تجاهل المخاطر أو الشك الأعمى، وذلك بالانقياد لأي ايحاء له صوت مسموع في المجتمع عبر الإعلام التقليدي أو الانترنت.
أما بشأن التمييز بين التهويل وبين التعامل بجدية مع تهديد هذا المرض، فمادمنا أمام ظاهرة تهدد المجتمع فلابد من اعتماد قيادة الانفعالات الجماعية بحس من المسؤولية، ولحسن الحظ ورغم إمكانيات المغرب المحدودة، فقد نجحت وزارة الصحة لحدود الساعة في قيادة الرأي العام نحو التعامل بشكل متوازن مع الموضوع، خصوصا مع اعتماد مبدأ الشفافية، وإعلان الحالات المصابة، وجعلت من الشفافية أداة الطمأنة الأولى.
وفي المقابل، من الإيجابي جدا التعامل بحزم مع الأخبار الزائفة في الموضوع، والمسؤولية في هذه المرحلة ملقاة على المواطن بالتزام الاحتياطات التي تنشرها وزارة الصحة، وتجنب التهويل المنتشر في الوسائط الفوضوية.
علاقة بجوابك، هل من الجيد نشر جو من الطمأنة أو بث رسائل التحذير للتعامل بمسؤولية مع خطر الوباء؟
الضروري نفسيا في هذه الظرفية هو وضع كل مواطن أمام مسؤوليته، فكما أن المطلوب منا عدم نشر أي خبر زائف أو إسقاط واقع بلدان أخرى على بلدنا، فكذلك يجب التنبيه على الحرص على النظافة الشخصية، ومادامت الوزارة المعنية قد تخطت امتحان التواصل والشفافية بمسؤوليته، فالواجب من جهتنا كمواطنين تفادي تأثير أي انتشار للهلع والمبالغة بالممارسة العملية للنظافة السليمة وتقليل الممارسات التي تهدد الصحة العامة.
ما رأيك في تأثير ادعاء عدد ممن يتم تسميتهم بـ”العشابة” أو “الرقاة” بعثورهم على علاج كورونا على سلوك المجتمع؟
من ظواهر الإيحاء في المجتمع التي تتعاظم في مثل هذه الظروف، فكما أن المجتمع معرض للتخويف المفرط، فهو قابل للتأثر بانفعالات أخرى مثل التصديق المتسرع لأي مدعي علاج، ومثل هؤلاء إذ يستفيدون من ثغرات قانونية في الموضوع، وخطرهم قد يكون بليغا حين يتسببون في نشر العدوى بسبب استخفافهم بوسائل الوقاية المعتمدة علميا من الجهات الصحية، وهذا ينطبق على كل الوثوقيين الذين قد يرفضون التزام توجيهات السلطات الصحية، فكما أنهم ينشرون تهويلا سلبيا فهؤلاء ينشرون طمأنة كاذبة مهددة للصحة العامة.
هل هناك اضطرابات نفسية جماعية أو فردية تتضاعف مع موجة التفاعل مع أخبار كورونا؟
قد تتضاعف الاضطرابات الوسواسية في هذه الفترة بين الأفراد، خصوصا مع إجراء تتبع التهديدات الوبائية في الخارج، ومشاهدة الفيديوهات المرعبة لانتشار الوباء، والتي قد تكون غير صحيحة، على مستوى الأفراد، من اللازم تتبع تصريحات المكلفين بالموضوع في المغرب ولاسيما وهم على مستوى عالي من الإقناع لتجاوز حالة الشك المرضي.
على المستوى الجماعي فقد تحدثت تضاعف تأثير الإيحاءات الجماعية في الجماهير إعلاميا، في المقابل، يمكن أن يكون فرصة إيجابية لتربية الحس الجماعي المجتمع المغربي للتعامل بنضج مع موجات القيادة الانفعالية اللاعقلانية.
هل هناك وقاية نفسية من الانفعالات السائدة السلبية حول الفيروس على غرار الوقاية بالنظافة والسلوك الصحي التي تطلقها وزارة الصحة؟
شخصيا تخوفت بشكل كبير بتضاعف أعداد المصابين في أوروبا، وخصوصا من بلدان تستقبل المغاربة بشكل كبير، ولكن هذا التخوف تبدد مع الاستماع للمسؤول الصحي المكلف بالتواصل، أولا لكونه طبيبا ملما بالموضوع، وثانيا لأنه من الناحية الواقعية أقنع بشكل كافي أن المغرب مستعد لمواجهة هذا الطارئ وأكد بقرائن موضوعية أن الخوف المتضخم غير مبرر، إذن فالوقاية النفسية تأتي بالشفافية والتواصل المستمر والعلمي والصريح، وطبعا مخاربة كل أنواع الأخبار الكاذبة والادعاءات الغير علمية.
تابعوا آخر الأخبار عبر واتساب
انضم إلينا واحصل على نشراتنا الإخبارية