حقوقيو المغرب: النموذج التنموي الجديد يستوجبُ القطع مع اقتصاد الريع
دعا الائتلاف المغربي لهيئات حقوق الإنسان إلى “ملاءمة الدستور المغربي مع القوانين والعهود الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، ورفع جميع التحفظات المرفقة بالمعاهدات والبروتوكولات الدولية، وكذا ملاءمة التشريع الوطني مع القوانين والعهود الدولية، والإقرار بأسبقية القانون الدولي على القانون الوطني”.
وطالب الإئتلاف في بيان بمناسبة الذكرى التاسعة لتأسيس الائتلاف المغربي لهيئات حقوق الإنسان توصل “سيت أنفو” بنُسخة منه، “الدولة المغربية بالعمل على الانضمام إلى اتفاقية روما الخاصة بالمحكمة الجنائية الدولية، وإلى البروتوكول الاختياري الثاني الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية المتعلق بإلغاء عقوبة الإعدام وضمان الاستقلال الحقيقي للقضاء، باعتباره ملجأ المظلومين/ات والحامي الفعلي للحقوق والحريات و النأي به عن كل سلوك يخضع لمنطق التعليمات، و يضعه في محل الشبهة”.
وساند الإئتلاف ” ما تضمنه تقرير منظمة (ترانسبرانسي-المغرب)، والذي أكد أن النقاش الحالي حول النموذج التنموي الجديد يستوجب الأخذ في الاعتبار بجدية مكافحة الفساد والقطع تماما مع اقتصاد الريع، ويدعو بدوره إلى التفعيل الحقيقي للاستراتيجيات الوطنية لمكافحة هذه الظواهر، والنهوض بالشفافية والمساءلة من خلال الإصلاح واعتماد قانون حول تضارب المصالح، وإلى ضرورة مراجعة القوانين بغية ضمان حماية الشهود والإصلاح الفعلي للنصوص القانونية المتعلقة بالتصريح بالممتلكات”.
ونبه البلاغ “الدولة بخصوص ملف الاعتقال السياسي الذي يتسع يوما بعد يوم، ولعل الاعتقالات التي طالت عددا من الحقوقيات والحقوقيين والصحفيات والصحفيين ونشطاء الفضاء الرقمي والذي يُضاف لحملات التشهير هو سلوك نكوصي يضعها أمام التزاماتها الدستورية المتجلية في الفصل 25 من الدستور، وأيضا أمام تعهداتها الدولية من خلال المادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والمادة 19 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية”.
وجدد مطالبته بضرورة القيام بـ”إجراءات استعجالية ترفع حالة الاحتقان الذي تعرفه البلاد والإسراع بالإفراج عن كافة المعتقلين/ات السياسيين/ت ومنهم معتقلي حراك الريف والحركات الاجتماعية بسائر ربوع الوطن”.
وندد بما أسماه “استمرار الممنهج للسلطات في حرمان الجمعيات من وصولات الإيداع المؤقتة أو النهائية، في ضرب صارخ لمضمون الفصل 5 من القانون المتعلق بالحق في تأسيس الجمعيات، ويطالب بوضع حد لهذه الانتهاكات ومساءلة ومعاقبة مرتكبيها”.
واعتبر أن “التلكؤ والتردد الذي يطبع العمل التشريعي يشجع على إهدار المال العام، و يفتح المجال لاستمرار تعطيل الأمن القانوني في مجال حماية وضمان وتعزيز مجال الحقوق الأساسية والحريات، وما الموقف من تنفيذ الأحكام القضائية وتعطيلها تشريعا كما هو الحال بالنسبة للمادة التاسعة من قانون المالية، والتخلف في إخراج بعض القوانين التنظيمية منذ سنوات مثل قانون الدفع بعدم دستورية القانون”.
وتابع: “والإصرار على عدم تقديم مشروع قانون المسطرة الجنائية ومشروع القانون الجنائي للمناقشة والمصادقة كاملًا وشاملًا لكل المقتضيات والاكتفاء بتقديم مشروع ناقص مشوه مع الإبقاء على عقوبة الإعدام مضافا لها فصولا جديدة تنص كذلك على هذه العقوبة، وما الإحجام عن مراجعة العديد من النصوص التي ظلت منذ إقرارها بعيدة عن التطبيق مثل قانون تقديم المواطنين للعرائض ولمشاريع في مجال القانون، وكذا التلكؤ في إصدار عدد من المراسيم التطبيقية لعدد من القوانين كالقانون المتعلق بالأمازيغية، إلا دليل على وجود خلل في المنظومة التشريعية”.
واستغرب حقوقيو المغرب من “تقاعس الدولة في استكمال تفعيل توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة المتعلقة والكشف عن الحقيقة كاملة والاعتذار الرسمي والعلني من قبل الدولة المغربية عن الانتهاكات التي مست الضحايا وعائلتهم والمجتمع برمته ووضع الاستراتيجية الوطنية حول مناهضة الإفلات من العقاب موضع التنفيذ وحفظ الذاكرة والقيام بإصلاحات مؤسساتية ودستورية وقانونية وتربوية بما ينسجم مع المواثيق الدولية لحقوق الإنسان حتى لا يتكرر ما جرى”.
وأعلن الائتلاف عن “مواصلته لمسيرته الحقوقية ملتزما بمضمون الميثاق الوطني لحقوق الإنسان الذي ارتبطت كل مكوناته بمقتضياته وسيبقى واعيا بمسؤولياته للعمل بكل الوسائل القانونية مع كل القوى الحية والديمقراطية المدافعة عن حقوق الإنسان للذود و لحماية كل حقوق الإنسان دون تمييز من أجل مغرب بدون انتهاكات؛ مغرب الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان”.
وشدد أن “بلوغ الائتلاف سنته التاسعة، وهي مناسبة نستحضر من خلالها السياقات التي أملت إنشاءه كإطار حقوقي، والمرتبطة أساسا بالظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية التي كان قد عاشها المغرب والمنطقة المغاربية والعربية، من حراكات شعبية مطالبة بالحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية والمساواة بين النساء والرجال ووضع حد للفساد والاستبداد والإفلات من العقاب”.
وأشار أن “حدث تشكيل الائتلاف المغربي لهيئات حقوق الإنسان، لحظة مفصلية من تاريخ المغرب الحديث، تأكد خلالها أن الماسكين بزمام السلطة بالمغرب، قد أهدروا فرصا تاريخية لخروج المغرب من النفق الذي يوجد فيه منذ مدة والتي جاءت حركة 20 فبراير المجيدة والداعمين لها من مختلف القوى المدافعة عن حقوق الإنسان للمطالبة بالضرورة الملحة لسن إجراءات مستعجلة لوضع اللبنات الاساسية لبناء دولة الحق والقانون”.
وأوضح أن “الائتلاف المغربي لهيئات حقوق الإنسان نبه “في العديد من المناسبات- منذ تلك اللحظة وحتى الآن- إلى الاختلالات التي لازالت تعيشها البلاد خصوصا في الجانب الحقوقي، والتي كانت أبرزها محطة 13دجنبر 2013 ، خلال المهرجان المنظم للإعلان عن تحيين الميثاق الوطني لحقوق الإنسان، والذي أكد على أن النضال من أجل إقرار دستور ديمقراطي حقيقي يتلاءم شكلا ومضمونا مع المرجعية الكونية لحقوق الإنسان؛ لا يزال ملحا و أن حماية حقوق الإنسان التزام يقع على عاتق الدولة، بحكم القانون الوطني والدولي، و أن المدخل الأساسي لزرع الثقة لدى المغاربة لا يمكن أن يكون إلا من خلال محاربة الفساد و محاكمة المفسدين و التفعيل الحقيقي لمبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة”.
وناشد “مختلف المكونات المجتمعية المدافعة عن حقوق الإنسان سياسية ونقابية وحقوقية ونسائية وشبابية وجمعوية، إلى اعتبار الميثاق الوطني لحقوق الإنسان وثيقة مرجعية لتحقيق الكرامة والحرية والعدالة الاجتماعية، و الالتزام بمبادئ حقوق الإنسان بمفهومها الكوني، وحمل الدولة على احترام حقوق الإنسان المنصوص عليها في الميثاق الوطني لحقوق الإنسان والوفاء بالتزاماتها الدولية في مجال الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية”.
تابعوا آخر الأخبار عبر واتساب
انضم إلينا واحصل على نشراتنا الإخبارية