بحثا عن الإنجاب.. حلم موقوف التنفيذ -فيديو
داخل قاعة كتب عليها “خاص” تجلس سيدات على كراس؛ تختلف ملامحهن بين فرحة ومترقبة؛ هي في الأصل قاعة لتوليد النساء لكن حين وصولنا إلى المصحة الخاصة الكائنة بأحد الأحياء الراقية وسط العاصمة الرباط، علمنا أنها تستعمل في علاجات أخرى.
ترقب واستعداد..
سيدات في مقتبل العمر تبدو على وجوههن معالم الخوف والقلق، ينتظرن دورهن أو المناداة عليهن من قبل الممرضات؛ وهن على أتم الاستعداد لخوض غمار تجربة علمية جديدة؛ تجربة تنفيذ حلم إنجاب موقوف التنفيذ.
تتعدد طرق المساعدة الطبية على الإنجاب من سيدة إلى أخرى؛ إذ يلعب الرجل دوره أيضا، في تحديد أيُّها ستخضع لها؛ تفاصيل كثيرة تنعكس على محيا سيدات التقاهن موقع “سيت أنفو” داخل المصحة، بينهن من خاضت تجربة “أطفال الأنابيب” قبل أزيد من 10 سنوات، لتحصل وزوجها على طفل وحيد روى عطشهما لـ “الذرية”، فيما لم تكد الثانية تفرح بجنينها ذو الـ 15 يوما حتى خضعت لإجهاض حال دون تحقيق حلمها في الأمومة.
حلم يتحقق
فاطمة (اسم مستعار)، سيدة في الثلاثينات من العمر، علمت بوجود مشكلة لديها مباشرة بعد مرور عامين على زواجها.
فضولها ورغبتها في الإنجاب دفعاها إلى البحث والسؤال؛ بلغت مقصدها بالتعرف على طبيب أخبرها عن المساعدة الطبية على الإنجاب والتي باتت تحول أحلام أزواج كثيرين إلى حقيقة وأنقذتهم من أبغض الحلال.
“بعد فحوصات مطولة وأدوية متتالية، الحمد لله رزقنا بطفل؛ عاودنا التجربة مرتين، بفارق 4 سنوات على ما أذكر، غير أنها لم تنجح، لكننا شاكرين لله على الطفل الأول، الذي أسعد حياتنا”.
لا يأس مع الحياة..
قصة مريم (اسم مستعار) مختلفة عن سابقتها؛ بلغت الثلاثينات من عمرها، ربما هي في سباق مع الزمن؛ تروي أن ما يزيد من صعوبة حصولها على حمل عادي، هو تواجد زوجها خارج المغرب، إذ غالبا مع تصادف عودته لأرض الوطن فترة حيضها، الشيء الذي أجبرها على البحث عن حل.
حلول المساعدة الطبية على الإنجاب كثيرة وتتيح للزوجين إمكانية التفاؤل؛ غير أن مريم (اسم مستعار) تكاد تفقد شغفها من حين لآخر، لاسيما بعد علمها بمعاناة زوجها من مشاكل في حيواناته المنوية؛ حيث صرحت “زوجي حيواناته المنوية قليلة وضعيفة، هذا ما دفعني لتجميدها، كي أستخدمها خلال فترة إباضتي”.
“أشجع الأزواج على هذه التقنيات، جربت في المرة الأولى ولم تنجح المحاولة، وسأجرب مرة ثانية”.
سباق مع السن..
تُضاعف حظوظ المقبلين على المساعدة الطبية على الإنجاب في العشرينات من العمر، غير أنها تبدأ في التراجع مع تقدم العمر، لاسيما بالنسبة للسيدات؛ هذا ما يفهم من خلال حديث مريم وفاطمة (اسمين مستعارين).
“قبل ثلاثين سنة يتوجب على السيدات تجربة كل الطرق الممكنة للولادة، أنصح السيدات بعدم إضاعة الوقت في أمور لا جدوى منها، والتوجه مباشرة إلى أخصائيين”، تقول مريم (اسم مستعار).
أما بالنسبة لفاطمة فهي لا تفوت أي فرصة لتوجيه النصح؛ “لم أحكي لأحد عن تجربتي؛ لكنني أنصح كل من يعاني من مشاكل في الإنجاب بخوض غمار التجربة، أشجع الأزواج بشدة على البحث والاستقصاء”، تورد.
خلف الكواليس
كواليس المساعدة الطبية على الإنجاب حافلة؛ فبعد مرحلة التشخيص ومعرفة مشاكل الزوجين، ينتقل الطاقم الطبي للمختبر.
“ممنوع الدخول” عبارة تعكس خصوصية المكان، فدخول المختبر يقتصر على الطاقم الطبي المشرف على عمليات المساعدة الطبية على الإنجاب فقط، نظرا لدقة الإجراءات التي تتم داخله.
آلات طبية متعددة تختلف تسمياتها ووظائفها، بجانبها مكبرات ومبرد آلي، لكل منهما استعمال خاص ودقيق؛ الغرفة تحت درجة حرارة بادرة وكل من يتجول داخلها يرتدي لباسا خاصا (عبارة عن لباس طبي معقم).
بداية الرحلة
تستقبل ممرضة بيولوجية متخصصة بويضة سيدة لم تتمكن من الحمل فترة طويلة؛ تضع البويضة في “ميكروسكوب” تعاينها وتحتفظ بها في “علبة”، هذه أول عملية صادفناها داخل المختبر.
بجانب الممرضة الأولى، تعمل أخرى على عزل حيوانات منوية لرجل، قصد إخضاعها لبعض التمارين لمراقبة مدى تحركها؛ داخل المختبر لا هامش للخطأ.
حسب الدكتورة بهاء بن عمر، متخصصة في البيولوجيا الطبية فإن التقنيات الجديدة تهدف لتسهيل عمليات الإنجاب، وتستهل بمعالجة أمشاج الزوجين داخل المختبر.
إقبال كبير باتت تعرفه تقنيات المساعدة الطبية على الإنجاب في المغرب؛ ولعل أبسطها هو التلقيح المنوي، الدي يتم عبر تحضير السائل المنوي للزوج في المختبر، ثم زرعه في رحم الزوجة.
الكلفة المادية
إشكالية التكاليف المادية تعد بمثابة “شبح” يلاحق الحالمين بالأمومة والأبوة؛ شح في المعطيات ومعيقات قد تصادف الأزواج الراغبين في البحث في الموضوع، إلا أن الإقبال على المساعدة الطبية على الإنجاب أو كما تعرف بـ “أطفال الأنابيب”، يزيد يوما بعد يوم.
بالنسبة لفاطمة ومريم (اسم مستعار) لم يشكل العنصر المادي عائقا لهما؛ استعدتا معنويا وماديا؛ ربما حلمهما بالأمومة أجبرهما على التضحية بالغالي والنفيس، إلا أنهما أكدتا أن التكاليف المادية تختلف من سيدة لأخرى، وفقا للمشاكل الصحية التي تعاني منها.
أما الدكتور بهاء بن عمر، فترى أن “هناك سيدات يتطلبن كلفة مادية عالية، في حين أخريات يتطلبن أقل؛ ويمكننا القول إنها تتراوح ما بين 25 ألف درهم و30 ألف درهم، شاملة للأدوية والمصحة الخاصة والمختبر”، تصرح.
آمال منتظرة
“نأمل أن تشمل التعويضات الطبية العديد من الأدوية والعلاجات الخاصة بالمساعدة الطبية على الإنجاب؛ استطعنا إخراج قانون 14.47 المتعلق بالمساعدة الطبية على الإنجاب للوجود، فأصبح بإمكان الأزواج الحصول على تعويض من قبل الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي”، تقول الدكتورة بهاء بن عمر.
تعود كل من فاطمة ومريم (اسمين مستعارين) لتقولا إن الأطفال يقيان المؤسسة الزوجية من التفكك، فالمشاكل التي يعيشها الزوجين بسبب تأخر الإنجاب تؤثر على حياتهم الزوجية وقد تتسبب في أحيان كثير في الطلاق.
تابعوا آخر الأخبار عبر واتساب
انضم إلينا واحصل على نشراتنا الإخبارية