العنف ضد النساء والطرد من بيت الزوجية يُجمعان قضاة وحقوقيين بفاس

نظمت جمعية مبادرات لحماية حقوق النساء، أمس السبت، بتعاون مع المندوبية الوزارية المكلفة بحقوق الإنسان، ندوة علمية حول موضوع “المادة 53 من مدونة الأسرة واقع التطبيق وسبل تدارك الثغرات”.

;استهلت أشغال اللقاء بكلمات افتتاحية ركزت على أهمية الموضوع الذي يتزامن مع مرور أزيد من سنتين على صدور قانون 103.13 المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء والذي تضمن عدة مستجدات، سواء من حيث تجريم مجموعة من الأفعال كالطرد من بيت الزوجية والامتناع عن إرجاع الزوج المطرود إليه، أو التنصيص على تدابير حماية للناجيات من العنف أهمها المنع من الاتصال أو الاقتراب من الضحية، وإيداع المعنف داخل مؤسسة للعلاج النفسي، كما تمت الإشارة إلى أن مقتضى إرجاع الزوج المطرود إلى بيت الزوجية من طرف السلطات المكلفة بإنفاذ القانون وُوجه بعدة إشكاليات على مستوى التطبيق، وهو الهدف من تنظيم هذا اللقاء.

انطلقت أشغال الندوة بتقديم شهادات حية لعدد من الناجيات من العنف استعرضن من خلالها جانبا من معاناتهن في الوصول إلى الانتصاف، نتيجة تكرار أفعال العنف، وغياب التمكين الاقتصادي، وصعوبة المساطر، وغياب تفعيل تدابير الحماية وصعوبة عبء الإثبات الذي يؤدي إلى تكريس الإفلات من العقاب، وهي شهادات عمل الدكتور خالد تيسير، أخصائي ومعالج نفسي داخل مركز البطحاء متعدد الاختصاصات لتمكين النساء بفاس، على تحليلها، مؤكدا على أهمية العلاج النفسي في دعم الناجيات من العنف، وبالأخص المطرودات من بيت الزوجية.

وقدمت القاضية سهام بنمسعود، عضوة الودادية الحسنية للقضاة مداخلة تناولت فيها دور النيابة العامة في حماية الزوجة والأبناء ضحايا الطرد من بيت الزوجية، أكدت من خلالها وجود نوع من التمييز الإيجابي في التعامل مع الشكايات المقدمة من طرف الزوجات مقارنة مع شكايات الأزواج بخصوص نفس الفعل، والتي تتخذ المسار العادي من حيث دراسة الشكايات، وتوقفت عند بعض الإشكاليات المتعلقة بالموضوع من بينها في حالة رغبة الزوجة عدم الرجوع إلى بيت الزوجية ومطالبتها بأخذ جزء من أمتعتها أو متعلقاتها الشخصية ومعارضة الزوج ذلك، حيث يبقى الاختصاص في حل هذا النزاع لقضاء الموضوع، مقترحة تفعيل مقتضيات المادة 121 من مدونة الاسرة في حالة عدم تمكن النيابة العامة من حل المشكل في اطار التدابير الاحترازية.

من جهته توقف  سعيد بوهلال نائب رئيس المحكمة الابتدائية بمكناس، عند دور القضاء الاستعجالي في حماية بيت الزوجية، مؤكدا أن البت في هذه النزاعات التي لا تمس فقط الزوجين بل تمس الأبناء، مشروط بضرورة احترام حالة الاستعجال وعدم المساس بجوهر الحق، وأشار في هذا الصدد الى وجود تداخل بين المادة 53 من مدونة الأسرة المتعلقة بإرجاع الزوج المطرود الى بيت الزوجية، والمادة 121 من نفس القانون المتعلقة بالتدابير المؤقتة التي تتخذها المحكمة عند عرض النزاع عليها وتعذر المساكنة بين الزوجين، مستعرضا في نهاية مداخلته عددا من اجتهادات القضاء الاستعجالي ذات الصلة بالموضوع في النزاعات المتعلقة بتمدرس الأبناء أو الحضانة.

وقدم الدكتور أنس سعدون عضو نادي القضاة، مداخلة حول “التجارب الدولية وتدابير حماية الناجيات من العنف” قال فيها إن اللجنة المعنية بالقضاء على التمييز ضد المرأة أكدت على أنه: “لا يمكن التضحية بحقوق الإنسان المكفولة للمرأة في الحياة والسلامة البدنية والنفسية على مذبح حقوق أخرى، بما فيها الحق في الملكية والحق في الخصوصية”؛ كما أوصت اتفاقية إسطنبول، بضرورة “أن تكون أوامر الحماية متاحة لتأمين حماية فورية، ودون عبء مالي أو إداري إضافي على الضحية، وصادرة لفترة معينة أو إلى غاية تعديلها أو إلغائها، وصادرة، عند الاقتضاء، في غياب المدعى عليه، وبمفعول فوري.

وأشار الى أن بعض القوانين المقارنة ومن بينها قانون القضاء على العنف التونسي الجديد منح صلاحية تطبيق تدابير الحماية لقضاة الأسرة، دون اشتراط ضرورة تقديم شكاية جزائية، مؤكدا أن حصيلة تطبيق قانون 103.13 المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء كشفت عن ندرة اللجوء الى تفعيل تدابير الحماية، وصعوبات تداخل الاختصاص بين القضاء الزجري وقضاء الأسرة والقضاء الاستعجالي وهو ما يشكل عقبة أمام ولوج الناجيات من العنف الى العدالة، مقترحا في تفعيل تدبير ابعاد الزوج المعنف فورا من بيت الزوجية، والاستعانة بالشكايات السابقة في الموضوع كقرينة لإثبات العنف، مع إمكانية تسليم الزوجة جزء من أمتعتها ان أرادت مغادرة بيت الزوجية، مع تسجيل ذلك في محضر قانوني حماية لمصالح الطرفين الى حيت بت قضاء الموضوع في النزاعات المتعلقة بالشوار والأمتعة والممتلكات المشتركة بين الزوجية.

واعتبرت الفاعلة الحقوقية، خديجة الروكاني المحامية بهيئة الدار البيضاء، أن من أسباب الإشكاليات العملية التي تثيرها المادة 53 من مدونة الأسرة عدم الاستجابة لمطلب الحركة النسائية في إصدار قانون شامل لمحاربة العنف ضد النساء، مشيرة إلى أن عددا من تدابير الحماية الواردة في صلب القانون الجنائي غير مفعلة، رغم إقرارها في قانون حماية الضحايا والشهود السابق على صدور قانون 103.13، معتبرة أن تنصيص المشرع على اعتبار شكاية الزوجة شرطا لتحريك الدعوى العمومية في بعض قضايا العنف الاقتصادي ضد النساء، سببا لتكريس سياسة الإفلات من العقاب خاصة في قضايا العنف الاقتصادي.

وخلص المشاركون في أشغال هذه الندوة إلى ضرورة النهوض بمؤسسة المساعدة الاجتماعية ومدها بالموارد المالية والبشرية الكفيلة بالقيام بمهامها كجهاز مساعد للقضاء، والاهتمام بتوفير العلاج النفسي للناجيات من العنف، وضرورة توفير مراكز الايواء وتعميمها على كافة الجهات ومدها بالموارد البشرية والمادية اللازمة، وإتاحة دلائل عملية لتيسير مهام الجهات المتدخلة، وتوفير احصائيات مفصلة ودقيقة تأخذ بعين الاعتبار لبعد النوع الاجتماعي، وتوفير الشباك الوحيد للناجيات من العنف لحل إشكال تنازع الاختصاص وتعدد المسارات والتي تحول في كثير من الأحيان دون حقهن في الولوج الى العدالة، وإعادة النظر في قانون المساعدة القضائية بهدف تيسير سبل الحصول عليها للفئات الهشة، وتفعيل تدابير الحماية الواردة في قانون محاربة العنف ضد النساء أو في قانون حماية الشهود والضحايا، ومراجعة مقتضيات مدونة الأسرة لملاءمتها مع مستجدات دستور 2011 والمعايير الدولية ذات الصلة، ومحاربة الإفلات من العقاب في قضايا العنف القائم على أساس النوع الاجتماعي خاصة في مجال العنف الاقتصادي، والاهتمام بجبر ضرر الضحايا.


هزة أرضية تضرب سواحل الحسيمة وخبير في الزلازل يوضح

whatsapp تابعوا آخر الأخبار عبر واتساب






انضم إلينا واحصل على نشراتنا الإخبارية




زر الذهاب إلى الأعلى