استعداداً لصيف 2025.. منطق “من سبق نزل” يختفي في أعماق التنظيم بشواطئ أكادير

مع اقتراب الصيف، حين تبدأ الشمس في التمدد فوق زرقة الأطلسي، وتتهيأ الرمال لاحتضان خطوات المصطافين، تعيش شواطئ جهة سوس ماسة على إيقاع استعدادات مكثفة؛ فصيف 2025 يبدو أنه لن يكون كسابقيه، والبحر هذه المرة لن يفتح ذراعيه إلا في حضرة نظام صارم، وتنظيم دقيق، وإرادة واضحة لكسر نمط الفوضى الموسمية التي ظلت تعكر صفو الجمال.

لم تعد أكادير تكتفي بالأدوار الثانوية في دفتر السياحة الصيفية، بل تتقدم اليوم بثقة إلى الصفوف الأولى. الفوضى الموسمية، التي كانت تسرق من الشاطئ سكينته ومن الزوار بهجتهم، أصبحت هدفًا مباشرا لحملة تنظيمية غير مسبوقة، أطلقتها ولاية جهة سوس ماسة في خطوة وُصفت من قبل الفاعلين المحليين بأنها “تحول جذري في فلسفة تدبير الشاطئ العمومي”.

من أورير إلى إمسوان، مرورًا بتغازوت وتامري، تستعد السلطات للتحرك كخلايا نحل، تستجيب لتوجيهات صارمة أصدرها والي جهة سوس ماسة، عامل عمالة أكادير إداوتنان، سعيد أمزازي، الذي اختار أن يضع حدًّا نهائيًّا لمظاهر العشوائية التي لطالما شوهت صورة المدينة لدى زوارها.

السلطات الولائية لم تكتفِ بالتنظيم الإداري، بل شددت أيضًا على الحضور الأمني، من خلال التنسيق مع الدرك الملكي، الأمن الوطني، والقوات المساعدة.. لضمان حماية المصطافين، وردع كل سلوك يمس النظام العام أو يهدد راحة الزوار.

وتشدد فعاليات محلية على ضرورة إخضاع استغلال الشواطئ لمنطق القانون، وليس لمنطق “من سبق نزل”. عبارة طالما تردّدت على لسان المصطافين، وشكّلت قانوناً غير مكتوب في فوضى الاصطياف المحببة. لكنها اليوم تغرق تدريجياً في أمواج التنظيم الجديد الذي تفرضه السلطات الولائية استعداداً لموسم صيف 2025.

لا مظلات عشوائية بعد اليوم، لا كراسي تحتل الشواطئ بلا وجه حق، ولا استغلال للملك العمومي دون ترخيص شفاف يكرّس مبدأ تكافؤ الفرص.

يقول الحاج الطاهر، من أبناء المدينة القدامى، وهو يتأمل الشاطئ من وراء عدسات نظارتيه الشمسية:”منذ سنوات ونحن ننتظر أن يستعيد الشاطئ هيبته… فهو يتحول في الصيف إلى فوضى، اليوم سمعنا بأن هناك نظام واحترام، وهذا يُشرف أكادير”.

أما عبد الجليل، شاب من أبناء أكادير، فيضيف بنبرة التذمر:”كان الشاطئ يتحول في الصيف إلى صفقة مفتوحة. اليوم نريد أن تُدار الأمور بعقلانية، وهذا يعكس احترام المواطن”..

سارة، شابة جاءت من مراكش لقضاء عطلة نهاية الأسبوع، فتضيف بنبرة إعجاب: “نريد شاطئا نظيفاً، لا أحد يفرض عليك كراء مظلة، فيه إحساس بالأمان. هذه التفاصيل الصغيرة تصنع الفرق”.. الخطوة اللافتة كذلك، هي التنسيق الأمني المتقدم. فقد دعت التعليمات الولائية إلى حضور ميداني دائم للسلطات العمومية، ضمانًا لسلامة المصطافين، وردعًا لكل من تسوّل له نفسه العبث بالنظام.

أكادير على موعد مع صيف على المقاس… صيفٌ تُصاغ فيه العلاقة بين المواطن والبحر من جديد، حيث لا أحد يُقصى، ولا أحد يتسلّط، والمدينة تستعيد وهجها، لا فقط بجمالها الطبيعي، بل بقدرتها على التنظيم، وعلى احترام حق الجميع في الاستمتاع.. فلا سياحة بدون أمن، ولا استجمام بدون احترام.

يبدو أن أكادير لن تكتفي هذه السنة باستقبال الصيف، بل هي تُعيد تعريفه، من خلال اعتماد سلسلة من التدابير النوعية التي تمثل تحولاً في منهجية التدبير، وفي صدارتها تفعيل مفهوم “الشريك” الذي أطلقته الولاية، يعكس علاقة جديدة بين الإدارة والمستثمر، عبر دفتر تحملات واضح وشفاف ومسطرة طلب عروض تكفل جودة الخدمات وضمان مردودية تدبيرية مبنية على التشاركية والوضوح.

مدينة البحر والضوء تتهيأ لأن تمنح زوارها صيفًا مختلفًا: منظمًا، أنيقًا، وآمنًا. صيف لا يُختزل في صورة مظلة على الرمال، بل يُروى كحكاية جميلة عن مدينة قررت أن تعود إلى نفسها، وأن تصالح البحر مع النظام، والسائح مع الجودة..


حسابات فلكية.. هذا تاريخ عيد الأضحى بالمغرب لسنة 2025

whatsapp تابعوا آخر الأخبار عبر واتساب






انضم إلينا واحصل على نشراتنا الإخبارية




زر الذهاب إلى الأعلى