الداكي يبرز مجهودات النيابة العامة في التصدي لظاهرة زواج القاصرات بالمغرب

قال الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض، رئيس النيابة العامة، الحسن الداكي،. في كلمة له بمناسبة تقديم خطة العمل المندمجة لمناهضة زواج القاصر يومي 22 و23 نونبر 2022 بالصغيرات، إن زواج القاصر ورش يحظى بقدر كبير من الأهمية ليشكل لبنة أساسية في سياق جهود المغرب الحثيثة لكسب رهان التنمية المستدامة، التي يشكل العنصر البشري قوامها، وأساسها المتين.

واعتبر أن التفاعل من قبل الجميع يشكل نموذجا  للتعاون والتنسيق حرصت رئاسة النيابة العامة على نهجه منذ تأسيسها، إيمانا بفضيلة مد جسور التواصل بين مختلف الفاعلين لتحقيق الالتقائية في البرامج، وتوحيد الرؤى، وهي المقاربة التي دأب صاحب الجلالة على التذكير بأهميتها، ونستحضر في هذا السياق خطابه السامي بتاريخ 29/7/2018 بمناسبة الذكرى التاسعة عشر لتربعه على عرش أسلافه المنعمين، حيث قال جلالته: “إن تحقيق المنجزات، وتصحيح الاختلالات، ومعالجة أي مشكل اقتصادي أو اجتماعي، يقتضي العمل الجماعي، والتخطيط والتنسيق، بين مختلف المؤسسات والفاعلين”.

وأكد أن تحقيق الرؤية الاستراتيجية القادرة على تنزيل المقتضيات الدستورية في مجال توفير الحماية القانونية والاعتبار الاجتماعي والمعنوي لجميع الأطفال بكيفية متساوية، بصرف النظر عن وضعيتهم العائلية، واعتبار التعليم حق للطفل وواجب على الأسرة والدولة، وكذا في مجال مناهضة التمييز ضد المرأة، وتعزيز مبدأ المساواة بين الجنسين والسعي لتحقيق المناصفة، هدف وطني نجاحه رهين بمواجهة التحديات التي يفرضها الواقع الاقتصادي والاجتماعي والثقافي في العديد من الحالات، كما يرتبط بشكل وثيق بالإيمان بأن ثروة المستقبل تتجسد في تثمين الرأسمال البشري، الذي تشكل الطفولة حلقة حاسمة في رسم ملامحه المستقبلية.

وأضاف المسؤول أن هذا الأمر يفرض على الجميع المزيد من التعبئة والانخراط قصد حماية حقوق الطفل بمنظور شمولي يستهدف كل المجالات ذات الصلة، والحرص على توخي تحقيق مصالحه الفضلى،  وهو ما فتئ صاحب الجلالة الملك محمد السادس يدعو لتكريسه ونستحضر هنا رسالة جلالته بمناسبة إطلاق حملة مدن أفريقية بدون أطفال شوارع في 24 نونبر 2018 حيث قال جلالته .

ووفق تصريح الداكي فإنه يجب ألا تنحصر جهود حماية الأطفال في الحفاظ على سلامتهم الجسدية والمعنوية والنفسية، بل ينبغي أن تقترن أيضاً بتوفير الشروط الكفيلة بالنهوض بأوضاعهم الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، مشددا على أن حماية الأطفال لا تنحصر في تجنيبَهم أسباب الخوف فحسب، بل تقتضي كذلك تخليصهم من براثن الفاقة والحاجة، ومدهم بكل ما من شأنه أن يكفلَ كرامتهم..

وأضاف أن هذا التحدي، وإن كان جسيماً بحمولته، فهو جدير بأن نخوض غماره من أجل كسب الرهانات المرتبطة به. فالكرامة، والسلم، والحد من الفقر، والقضاء على الجوع، والنهوض بالصحة، وضمان التعليم الجيد للجميع، والمساواة بين الذكور والإناث، وتأمين خدمات الماء الصالح للشرب ومرافق الصرف الصحي، كلها متطلبات على قدر كبير من الأهمية، وهي مرتبطة في جوهرها بحماية الطفولة.”.

وأوضح أن رئاسة النيابة العامة عملت منذ تأسيسها على إيلاء حماية الطفولة أهمية قصوى، وجعلتها من بين أولويات السياسة الجنائية التي يتعين الحرص على تنفيذها من خلال تدخل النيابة العامة بمحاكم المملكة، وقد أفردت للموضوع عدة مناشير ودوريات تحث قضاة النيابة العامة على تفعيل الصلاحيات المخولة لهم قانونا للحفاظ على حقوق الطفل، وواكبت ذلك بوضع وتنفيذ برامج للتكوين والتكوين المستمر لقضاة النيابة العامة تعزيزا لقدراتهم وخبراتهم في المجال.

وتابع “واستكمالا لهذه المجهودات، وإسهاما منها في رفع التحدي الذي انخرطت فيه بلادنا لمواجهة ظاهرة تزويج القاصر باعتبارها من الممارسات التي ينعكس أثرها السلبي على ضمان تمتع الأطفال بحقوقهم الكاملة؛ جعلت رئاسة النيابة العامة مناهضة الزواج المبكر ضمن أولوياتها وفي مقدمة توجيهاتها للنيابات العامة”.

ويندرج في نفس السياق، ورش الوقاية من الهدر المدرسي الذي خاضته رئاسة النيابة العامة بشراكة مع وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، من أجل تفعيل المقتضيات القانونية المضمنة في قانون التعليم الإجباري والذي ينص على أن التعليم الأساسي حق وواجب لجميع الأطفال المغاربة ذكورا وإناثا، وأن الدولة تلتزم بتوفيره لهم مجانا كما يلتزم الآباء والأولياء بتنفيذه إلى غاية بلوغهم الخامسة عشرة من عمرهم بالحرص على تسجيلهم وترددهم بانتظام على المؤسسة التعليمية، كما ينص نفس القانون من جهة أخرى على معاقبة الأشخاص المسؤولين عن الطفل الذين لا يتقيدون بهذه الأحكام.

وقد استطاعت هذه الشراكة تحقيق نجاح كبير باسترجاع عدد لا يستهان به من الأطفال والطفلات الذين غادروا الدراسة، كما تم التفاعل مع الأسباب التي أدت إلى انقطاعهم بمسؤولية وإيجابية عالية من قبل كافة المتدخلين سواء تعلق الأمر بحاجة للنقل المدرسي أو الإيواء وغير ذلك من الإكراهات الاجتماعية، ما يؤكد هنا أيضا الحاجة الدائمة إلى التنسيق والتعاون والالتقائية التدخلات.

كما عملت رئاسة النيابة العامة على إعداد دراسة تشخيصية شاملة في الموضوع، قاربت من خلالها المعطيات القضائية، وكذا الجوانب الميدانية والاجتماعية المرتبطة بواقع هذه الظاهرة، وخلصت إلى استنتاجات غاية في الأهمية، كانت نتاجا لرصد واقع الممارسة القضائية ذات الصلة بمسطرة زواج القاصر من جهة، وتحليلا للواقع المعيش لفئة مهمة من القاصرات ضحايا هذا الزواج من جهة أخرى.   وقد مكنت المعطيات المستقاة من الدراسة التشخيصية، والتي شكلت نتاجا لاستنطاق واقع تزويج القاصر ببلادنا، من تحديد مجالات التدخل بدقة، كما أظهرت بالملموس أن ظاهرة الزواج المبكر ليست شأنا قضائيا صرفا تنحصر أسبابه في التطبيق العملي لمقتضيات المادتين 20 و21 من مدونة الأسرة؛ بل شأنا مجتمعيا تتعدد أسبابه وتتراوح بين ما هو اجتماعي واقتصادي، وما هو ثقافي، وما هو ديني كذلك في بعض الأحيان ينطوي على تفسير مغلوط للمقتضيات الشرعية، مما يقتضي معه مقاربة الموضوع بشكل شمولي ومندمج بغية كسب الرهان بتطويق الظاهرة في أفق القضاء عليها.

وقد شكل ذلك منطلقا لإعداد خطة بمثابة خارطة طريق للتصدي لهذه المعضلة التي تؤثر على ضمان ممارسة الأطفال لحقوقهم الكاملة وتمحورت هذه الخطة حول أربع مؤشرات جوهرية تتجسد في تغيير العقليات والموروث الثقافي، والسياسات العامة، والإجراءات القضائية، ثم الجانب التشريعي.

وقد عملت رئاسة النيابة العامة بشراكة مع كافة القطاعات المعنية بالموضوع لإعداد هذه الخطة وتملكها من طرف الجميع إثر عدة اجتماعات نظمت لهذه الغاية، وحددت الإجراءات الواجب اتخاذها والمبادرات القطاعية او المشتركة الواجب تنفيذها.

ولفت إلى أن هذه المناسبة تشكل لحظة مفصلية تتطلب من كافة المتدخلين المعنيين شحذ الهمم، ورفع التحديات لإنجاح هذه المبادرة النبيلة في عمقها، البليغة في مراميها، في سعي مشترك لتوفير سبل العيش الكريم الذي يضمن للأطفال والفتيات نموا طبيعيا، وتوازنا نفسيا يؤهلهم لبناء الوطن، ومواصلة المسير.


ظهور “نمر” يثير الاستنفار بطنجة ومصدر يوضح ويكشف معطيات جديدة

whatsapp تابعوا آخر الأخبار عبر واتساب






انضم إلينا واحصل على نشراتنا الإخبارية




زر الذهاب إلى الأعلى