بعد مفاوضات عسيرة.. إسبانيا تحسم في قضية مسرح “سيرفانتيس” بطنجة

بعد جدال طويل، دام لأكثر من ثلاثة عقود، ومفاوضات عسيرة انطلقت بشكل متقطِّع منذ عام 2016، صادقت الحكومة الإسبانية خلال اجتماع مجلس الوزراء، أمس الثلاثاء، على اتفاق تهب إسبانيا بمقتضاه للمغرب، بشكل لا رجعة فيه، المسرح الكبير (سيرفانتيس) الذي يوجد بمدينة طنجة، شريطة أن تتكفل المملكة المغربية بترميمه وتجهيزه وتحويله الى مركز ثقافي متعدد الاستخدامات.

وقال بيان لرئاسة الحكومة الإسبانية إنه ” سيتم بمقتضى هذا الاتفاق تقديم البروتوكول الموقع بين إسبانيا والمغرب بشأن هذا التبرع الذي لا رجعة فيه للمسرح الكبير (سيرفانتس) بطنجة إلى البرلمان الإسباني بغرفتيه (مجلس النواب ومجلس الشيوخ) من أجل المصادقة”.

وسيتم نقل ملكية المسرح للمغرب من خلال بروتوكول يشكل حسب مقتضياته ومحتوياته اتفاقا دوليا، مما يفرض أن تتم المصادقة عليه من طرف البرلمان الإسباني بغرفتيه.

وكانت الحكومة المغربية، تقدمت في وقت سابق بعرض يهم ترميم المسرح الكبير وصيانته والإشراف على إدارته، مقابل تملكه، مع الالتزام بالمحافظة على الطابع الإسباني في البرنامج الثقافي لهذه المؤسسة، ومن الراجح أن تستند مهمة تسيير هذا الفضاء إلى لجنة مشتركة من البلدَين.

ويُعدّ هذا المسرح، الواقع أسفلَ “سور المِعكازين”  إحدى أقدم المؤسَّسات المسرحية في البلاد العربية، وهو المؤسَّسة الإسبانية الثقافية الوحيدة التي شُيّدت في القرن العشرين خارج إسبانيا، فيعود تأسيسه إلى مبادرة فردية لإحدى سيّدات المجتمع الطنجي، الإسبانية إسْبِرانْثَا أُورِيَّانا (كان هناك بالقرب من المسرح شارع يحمل اسمها، لكنّ غُيِّر اسمه في الستينيات إلى شارع أنوال) وزوجِها مانويل بِينْيَا، اللذيْن انتبها إلى الوجود الكثيف للجالية الإسبانية في العقد الأوّل من القرن العشرين، وإلى غياب فضاء ثقافي راق يجمع بين الإسبان على غرار الإنجليز والفرنسيين والإيطاليين، فاستقر رأيهما على تشييد مسرح يكون فضاء ثقافياً يُعرِّف بالثقافة الإسبانية، واختارا له اسم “المسرح الكبير: ثربانتيس”.

افتُتح المبنى يوم 11 دجنبر 1913، بحضور أعيان طنجة ووجهائها من مختلف الجنسيات والجاليات، بمن في ذلك وزير سلطان المغرب في طنجة الحاج محمد العربي الطريس، ونائبه محمد المُقري، وقُدِّمت على خشبته ابتداء من ذلك التاريخ أعمال لفرق مسرحية إسبانية عريقة، وخطب عليها شكيب أرسلان، وغنّت عليها أصوات مرموقة، وأُجريْت فيه مقابلات في الملاكمة، ونُظِّمت فوقها معارض فنّيةٌ تشكيلية.

لكن بعد الحرب العالمية الأولى، الأحوال الاقتصادية لعائلة “بينيا” ستتدهور، ولم تعد قادرة على تحمل النفقات، لذلك اقترح الدوق “دوطوبال” على مالكي المسرح  الكبير في طنجة أن يتم تحويله إلى كازينو، لكنهما رفضا المساومة، قبل أن يتنازلا سنة 1928 عنه للدولة الإسبانية في شخص قنصلها آنذاك في طنجة.

وبعد أن شهد المسرح أوجه وتألقه الثقافي في الخمسينات والستينات من القرن الماضي، تعيش هذه البناية الثقافية التاريخية اليوم وضعاً مزرياً، دفعت أصواتاً في الوسط الثقافي بالخصوص في المغرب وإسبانيا إلى الدعوة لإحياء المسرح، الذي يشكل حلقة وصل بين الضفة المغربية والأيبيرية، لتبقى الآن الكرة في ملعب القيمين على مدينة طنجة: هل سينقذون هذه المعلمة الثقافية من الخراب الذي هي عليه الآن؟؟


تساقطات ثلجية ورياح عاصفية تضرب هذه المدن المغربية

whatsapp تابعوا آخر الأخبار عبر واتساب






انضم إلينا واحصل على نشراتنا الإخبارية




زر الذهاب إلى الأعلى