33 معلما كناويا يستقبلون أصواتا من العالم في دورة لا حدود لها

منذ إحداثه عام 1998، فرض مهرجان كناوة وموسيقى العالم بالصويرة نفسه كحدث موسيقي فريد، قائم على تقليد أساسي قوامه معلمو كناوة، باعتبارهم حماة تراث عريق، يفتحون أبواب فنهم سنوياً أمام موسيقيين من جميع أنحاء العالم.
في قلب هذا الزخم الفني، يبرز المزج الموسيقي غير المسبوق والساحر، حيث يتناغم المغرب مع موسيقى العالم — من إفريقيا جنوب الصحراء إلى الأمريكيتين، ومن أوروبا إلى آسيا، مروراً بسواحل البحر الأبيض المتوسط.
تشكل لحظات الابداع المتنوع هذه روح المهرجان، وتجسد قوة انفتاح نادرة، حيث تتقاطع الفروقات وتتداخل، لتلد أعمالًا مكثفة، سخية، وغير متوقعة.
بعد الكشف عن أولى لحظاته القوية، يعلن المهرجان اليوم عن سلسلة جديدة من حفلات المزج التي ستُميز هذه الدورة السادسة والعشرين. كما سيتم تقديم حفلات موسيقية ولحظات بارزة أخرى خلال الأسابيع القادمة.
إيقاع استثنائي بلا حدود: المعلم خالد صانصي × سِيمافنك
فنان من الدارالبيضاء وأحد الوجوه الصاعدة في الساحة الكناوية، يجسد المعلم خالد صانصي تجديد فن عريق يمزجه مع إيقاعات العالم. ينحدر من سلالة كناوية، وتلقى تكوينه على يد والده منذ الصغر، إذ طوّر أسلوباً يمزج الروحاني، والرقص، والأداء المعاصر. من تعاونه مع جاك شوارز-بارت إلى أعماله مع راقصين وموسيقيي الجاز الأفارقة، يبني جسوراً بين التقاليد والحداثة.
هذه السنة، يعود إلى منصة مهرجان كناوة في لقاء موسيقي مع سِيمافنك، الظاهرة الكوبية للفانك الأفرو-لاتيني. يحدث سِيمافنك صدمة موسيقية قوية عبر طاقة لا تقاوم، إذ يعتبر الوريث الروحي لجيمس براون، حيث يمزج بين فانك ذي حيوية وإيقاعات أفرو-كوبية، مع جذوره الإفريقية، في تركيبة استثنائية. إنه لقاء غير مسبوق بين إيقاعات الكاريبي والطقوس الكناوية، يقوده فنانان يسعيان إلى فضاء رحب للإبداع والابتكار.
حوار صوفي بين إرثين عريقين: المعلم مراد المرجان × ظافر يوسف
باعتباره وجها من الجيل الجديد للكناويين، يرتبط المعلم مراد المرجان بالإرث الموسيقي والروحي لمن سبقه، منفتحاً في الوقت نفسه على أصوات جديدة من عوالم موسيقية أخرى. وُلد في الرباط، وتكوّن على المسارح في مهرجانات المملكة، إذ تميز بأسلوبه التعبيري، وتواضعه، ورغبته في نقل الفن.
لقاؤه مع ظافر يوسف، سيد العود وعبقري الجاز الروحي، يعد لحظة استثنائية: حوار بين شكلين من التعبير السامي، حيث تتجاوب نغمات الكمبري مع نوتات العود الصوفية. يعد التونسي ظافر يوسف، من أبرز فناني الساحة العالمية، يجمع بين العود، والجاز، والغناء الصوفي والتأثيرات الإلكترونية بمهارة نادرة. وقد تعاون مع عمالقة كهيربي هانكوك وماركوس ميلر، ويجسد رؤية حرة ومضيئة لموسيقى العالم. هذا المزج ينبئ بحفل عميق ومؤثر.
نساء قويات، وذاكرة حية: أسماء حمزاوي وبنات تمبكتو × رقية كوني
استطاعت أسماء حمزاوي، ابنة المعلم رشيد حمزاوي، بموهبتها وإصرارها، أن تفتح فضاء نسائياً داخل تقليد ظل طويلًا حكراً على الرجال. مع فرقتها «بنات تمبكتو»، تعيد ابتكار فن كناوة في قالب نسائي، من خلال مواضيع عميقة كالهجرة، والجذور، والذاكرة. صوتها العميق، وطريقتها المتمكنة في العزف على الكمبري، وحضورها على المسرح، يجعلون منها شخصية بارزة في تجديد الفن الكناوي.
تتقاسم اليوم المنصة مع رقية كوني، المغنية المالية ذات الصوت القوي والملتزم. تنحدر من سيغو وتُلقب بـ «وردة باماكو»، وتمثل قوة الأصوات النسائية الإفريقية الكبرى. عضو في فرقة «أمازونيات إفريقيا»، كشفت عن نفسها للعالم عبر ألبوم «بامانان»، حيث تمزج جذورها الموسيقية بالتأثيرات المعاصرة بكثافة مؤثرة.
منذ بداياته، حرص المهرجان على تكريم الأصوات النسائية الإفريقية العظيمة، في تفاعل مع المعلمين – كما حدث مع
أومو سنغاري وفاطوماتا ديوارا. هذا الثنائي الجديد يواصل هذا التقليد، بين التبادل، والأخوة الموسيقية، ومزج الإرث.
إضافة إلى المزج.. ثلاث حفلات فردية استثنائية
إلى جانب حفلات المزج، سيؤدي كل من سِيمافنك، ورقية كوني، وظافر يوسف حفلات فردية على منصة مولاي الحسن، الفضاء الرمزي لمهرجان كناوة. إذ سيقدم كل واحد منهم للجمهور لحظة خاصة وشخصية، تغوص في جوهر عالمه الموسيقي. من خلال هذه الحفلات، يواصل المهرجان مهمته في ربط موسيقى العالم بالإرث الكناوي، مع تسليط الضوء على رموز الإبداع الموسيقي المعاصر.
لأكثر من 25 سنة، يكتب مهرجان كناوة وموسيقى العالم بالصويرة قصة موسيقى بلا حدود. فكل دورة هي في الحقيقة دعوة للتبادل، للدهشة، وللتجربة الجماعية المتجددة. إنه أكثر من مجرد مهرجان، إنه تجربة فريدة ومشتركة تُغني الروح.
تابعوا آخر الأخبار عبر واتساب


انضم إلينا واحصل على نشراتنا الإخبارية