استهتار المواطنين وتراخيهم في محاربة “كورونا”.. ما الذي حدث في مدينة طنجة؟

لا أحد كان يتوقع أن تعود مدينة طنجة إلى الوراء في محاربة وباء كوفيد 19؟

أكثر المتشائمين ممن يؤكدون أن العديد من الساكنة لم يحترموا الإجراءات الاحترازية بعد الرفع الجزئي للحجر الصحي، لم يكونوا يعتقدون أن تعود المدينة إلى المنطقة الحرجة.

كل شيء بدأ ليلة الأحد الماضي، حينما تم التأكيد على ظهور بؤر جديدة بمجموعة من أحياء مدينة طنجة، حيث أصدرت وزارة الداخلية، بلاغا دقيقا يقر بتشديد القيود الاحترازية والإجراءات الوقائية وإغلاق المنافذ المؤدية للمناطق المستهدفة بالمدينة، ابتداء من يوم الأحد 12 يوليوز 2020 عند منتصف الليل.

وعلى الرغم من أن بلاغ وزارة الداخلية لم يشر بالاسم إلى الأحياء المعنية بالبلاغ، إلا أن أبناء المدينة كانوا يعرفونها، ولويعرفون أن قرارات وزارة الداخلية لم تتوقف عند هذا الحد حيث  قررت إغلاق الأسواق والمراكز والمجمعات والمحلات التجارية والمقاهي والفضاءات العمومية (منتزهات، حدائق، أماكن عامة…) على الساعة الثامنة مساء، والإبقاء على إلزامية التوفر على رخصة استثنائية مسلمة من طرف السلطات المحلية من أجل التنقل خارج مدينة طنجة، والإبقاء أيضا على جميع القيود الأخرى التي تم إقرارها من خلال حالة الطوارئ الصحية (منع التجمعات، الاجتماعات، الأفراح، حفلات الزواج، الجنائز…)، وتشديد المراقبة من أجل عدم مغادرة الأشخاص المتواجدين بها لمحلات سكناهم إلا للضرورة القصوى مع اتخاذ الاحتياطات الوقائية والاحترازية الضرورية من تباعد جسدي وقواعد النظافة العامة وإلزامية ارتداء الكمامات الواقية وتحميل تطبيق “وقايتنا”، واشتراط مغادرة مقرات السكن باستصدار رخصة للتنقل الاستثنائي مسلمة من طرف رجال وأعوان السلطة، وكذا إغلاق الحمامات والقاعات والملاعب الرياضية.

إنها نفس القرارات التي تعيد للأذهان شهر مارس وأبريل وماس التي عشا تحت ظلالها كل المغاربة قبل أن يتم الرفع الجئي للحجر الصحي في العديد من المدن والأقاليم، وعاد معها الكثير من المغاربة إلى ممارسة حياتهم بشكل طبيعي لكن بدون احترام للإجراءات الاحترازية، وكأن الفيروس لم يعد موجودا على حد قول رئيس الحكومة الذي اضطر للتوضيح بالقول أن تخفيف الحجر الصحي من خلال السماح للمواطنين بالرجوع إلى أعمالهم وعودة الأنشطة الاقتصادية لا يعني زوال الخطر بشكل نهائي، أو أن الفيروس لم يعد موجودا، بل هذا يعني “أننا استطعنا أن نتحكم فيه وأنه لابد من الاستمرار في الإجراءات الضرورية الاحترازية والوقائية والتزام الحيطة والحذر”.

ولأن الصورة أصبحت هكذا في مدينة طنجة، كان على وزارة الداخلية أن تنهي بلاغها بالعبارة الدقيقة التي أزعجت الساكنة: ” يبقى تخفيف هذه التدابير مرتبطا بتطور الوضعية الوبائية بهذه المدينة، وتحقيق نتائج ملموسة في تطويق هذه البؤر، وتراجع عدد المصابين، بما يمكن من الحد من انتشار هذا الوباء “.

باختصار، وضعت وزارة الداخلية المسؤولية بين يدي المواطنين بطنجة، وكل إمكانية تخفيف الحجر الصحي يعود إلى تحسن الحالة الوبائية بالمدينة، وفي انتظار هذا الحلم زادت وزارة الداخلية من شروط التشديد لكي تشمل كل المدينة وليس فقط الأحياء المعنية بالبلاغ الأول: « … في سياق حرص السلطات العمومية على المتابعة المستمرة لتطورات هذا الوباء، واتخاذ التدابير اللازمة من أجل تطويقه والحد من انتشاره، فقد تقرر توسيع المجال الجغرافي المستهدف بالقيود والإجراءات المشددة المعلن عنها سابقا ليشمل كافة المجال الترابي لمدينة طنجة، ابتداء من يوم الاثنين 13 يوليوز 2020 على الساعة الثانية عشرة زوالا”.

وليس هذا فقط، بل تقرر تعليق خدمات النقل العمومي، سواء الطرقي أو السككي، انطلاقا من أو في اتجاه مدينة طنجة، وكذا تشديد المراقبة من أجل حث المواطنات والمواطنين على ملازمة منازلهم وعدم الخروج إلا للضرورة القصوى، حيث يشترط التنقل داخل المجال الترابي لمدينة طنجة باستصدار رخصة للتنقل الاستثنائي مسلمة من السلطة المحلية، مع إلزامية التوفر على رخصة استثنائية مسلمة من طرف السلطة المحلية من أجل التنقل خارج المدينة.

وهكذا عادت مدينة طنجة إلى النقط الأولى لمحاربة الوباء، أو على الأقل في الأحياء التي عرفت ارتفاعا في عدد المصابين، ولذلك أيضا تقرر تعليق رحلات القطارات من وإلى طنجة ابتداء من اليوم الاثنين، يهم محاور طنجة/ الدار البيضاء عبر قطارات البراق، وطنجة/ فاس عبر قطارات الأطلس، وذلك في أعقاب التدابير الوقائية الأخيرة التي اتخذتها السلطات العمومية على مستوى مدينة طنجة.

ولأن الخطر ما يزال قائما ومستمرا، على حد قول وزارة الداخلية، فقد نبهت وزارة لفتيت أنها لن تتساهل مع أي تهاون في احترام الإجراءات الاحترازية المعتمدة، وأنها ستلجأ إلى إغلاق الأحياء السكنية التي قد تشكل بؤرا وبائية جديدة، حيث سيتم تطويقها وتشديد إجراءات المراقبة بها وإغلاق المنافذ المؤدية إليها، كما حدث في مدينة طنجة، التي تم بها إغلاق مجموعة من الأحياء السكنية يوم الأحد، لماذا؟ لأنه « … تم تسجيل عدم التزام البعض من خلال سلوكات غير مسؤولة تضرب في العمق الإجراءات الاحترازية والتدابير الصحية المعلن عنها من طرف السلطات العمومية »، وبالتالي فإن «  السلطات العمومية لن تتساهل مع أي تهاون في احترام الإجراءات الاحترازية المعتمدة، تحت طائلة تفعيل المقتضيات الزجرية في حق أي شخص ثبت إخلاله بالضوابط المعمول بها ».

نقطة الضوء الوحيدة التي عاشتها مدينة طنجة في الآونة الأخيرة، هو قرار استئناف رحلات القطارات على محاور طنجة / الدار البيضاء عبر قطارات البراق، وطنجة/فاس عبر قطارات الأطلس، ابتداء من يوم غد الأربعاء.

 


الكاف يصدم اتحاد العاصمة الجزائري بحكم جديد

whatsapp تابعوا آخر الأخبار عبر واتساب






انضم إلينا واحصل على نشراتنا الإخبارية




زر الذهاب إلى الأعلى