إيطاليا ضيف شرف الدورة الـ 28 لمهرجان فاس للموسيقى العالمية العريقة

تم اختيار إيطاليا كضيف شرف خلال مهرجان فاس للموسيقى العالمية العريقة 2025، وهو الاختيار الذي فرضه موضوع هذه الدورة الثامنة والعشرين المرتبط بفكرة “انبعاثات” في إشارة إلى عصر النهضة ، تلك الحركة الثقافية التي أثرت على الحياة الفكرية الأوربية.
وتماشيا مع روح المغرب، أرض التجديد الثقافي، والروحي والفني، سيتم بالطبع ربط هذا الموضوع بالحركة الإيطالية للنهضة التي تمخضت عنها، ما بين نهاية القرن الرابع عشر وبداية القرن الخامس عشر، مجموعة من المتغيرات الفلسفية، والثقافية والفنية كانت كلها وراء الانتقال من أوربا القرون الوسطى نحو الحداثة.
كما تؤشر مبادرة الدبلوماسية الفنية ما بين بلدين مرتبطين بدينامية قوية للتعاون للتوأمة ما بين فاس وفلورنس. فهاتان المدينتان مرتبطتان بالفعل منذ سنة 1961 باتفاقية توأمة تعكس روابطهما التاريخية والإبداعية واختيارهما، منذ قرون، لاعتماد الثقافة كرافعة تاريخية بامتياز.
وكعربون على هذه الشراكة، قررت الهيئات الدبلوماسية والثقافية الإيطالية بالمغرب مقاربة مهرجان فاس من نظرائه الإيطاليين الأكثر شهرة، على غرار مهرجان مونتي فيردي دي كريموني، باعتباره واحدا من التظاهرات المهمة الأكثر احتفاء بالموسيقى العريقة. وللإشارة، فدورته الثانية والأربعين ستنعقد في الفترة من 13 إلى 29 يونيو القادمين بمسقط رأس الملحن الكبير كلاوديو مونتفي فيردي، الشهير بلقب “القديس كلاوديو”.
وبهذا، ستشهد الخشبة الرئيسية لباب الماكينة، يوم السبت 17 ماي الجاري، عرض التحفة الموسيقية “”صلاة الغروب للسيدة العذراء”، أول عمل موسيقي مقدس من إبداع مونتي فيردي في سنة 1567 والمشتمل على نصوص الكتاب المقدس المكرسة تقليدياً لطقوس أعياد مريم العذراء. عمل جد مبتكر في حقبة جد مبكرة من النهضة، استعملت فيه تقنيات صوتية، ولاسيما المؤثرات المبهرة للتكرار والصدى.
ومن جانب آخر، سيقترح عرض “صلاة الغروب للسيدة العذراء” فرصة الاستمتاع بمعزوفات موسيقية من الطراز الرفيع، تجمع ما بين الأستاذين أنطونيو كريكو عن فلورنس، رئيس الفرقة الموسيقية والمجموعة الصوتية لمهرجان مونتي فيردي، ومحمد بريول، مدير الأركسترا العربية الأندلسية لفاس.
“شرف لنا أن نعيد إحياء القرب ما بين مدينتي فاس وفلورنس، المدينتان العريقتان اللتان استطاعتا، على امتداد العصور والأزمنة، مد جسور الصداقة والمحبة ما بين الثقافات والحقب”، كما صرح بذلك عبد الرفيع زويتن، رئيس مؤسسة روح فاس. “ولذا، فمدينة فاس، التي يعود تأسيسها للقرن الثامن الميلادي والتي يرمز لها بمعلمة القرويين-أقدم جامعة في العالم- شكلت محورا للمعارف بمجموع القارة الإفريقية وبلدان البحر الأبيض المتوسط. نفس الأمر ينطبق على مدينة فلورنس مركز الثقافة والفن، التي ساهمت في نشر معارف العصور الغابرة وبروز رؤيا متجددة للعالم من خلال هذه الفترة الرائعة لعصر النهضة وما أعقبها من متغيرات”.
هذا، وقد تأتى عقد هذا اللقاء الثقافي رفيع المستوى بفضل الجهود المبذولة من قبل معالي سفير إيطاليا لدى المملكة المغربية والمعهد الثقافي الإيطالي للرباط بتعاون مع مهرجان مونتي فيردي دي كريموني.
ومن جانبه، أكد سفير إيطاليا بالمغرب، أرماندو باروكو، الذي سبق لبلده أن احتفل بمرور عشر سنوات على اتفاق التعاون ما بين إيطاليا والمغرب للحفاظ على التراث الأركيولوجي المغربي، (أكد) قائلا:”إيطاليا والمغرب يتقاسمان تاريخيا حافلا بحوض البحر الأبيض المتوسط يعكسه عشقهما للفن، والذي يعتبرانه واحدا من أرقى وأرفع الأشكال الروحانية. ويمثل هذا الحفل مرحلة مهمة في الحوار ما بين بلدينا: لقاء ما بين تقليدين موسيقيين كبيرين يشتركان في بحثهما المشترك عن الجمال، والروحانية والتفاهم المتبادل ما بين الشعوب.”
“نحن فخورون اليوم بالمساهمة في الجمع ما بين هاتين التظاهرتين المبنيتين على قيم مشتركة للانفتاح والتقاسم. شرف لنا، ومسؤولية كبرى أيضا، بالنسبة لإيطاليا للمشاركة في لحظة رمزية، بالمدينة الرائعة لفاس، العاصمة العلمية والروحية للمغرب، وشعار التعايش السلمي الذي يدعو له الإسلام، واليهودية والمسيحية. وللإشارة، فمدينة فاس تحتل مكانة متميزة بالتاريخ الإيطالي، كما يشهد على ذلك الالتزام والنشاط الدبلوماسي لجيورجيو لابيرا، الذي شغل مرتين منصب عمدة فلورانس؛ هذا المثقف المحنك والوجه البارز لدى مقدمة الكاثوليكية الإيطالية؛ والذي كان واحدا من رواد الدعوة للحوار الثقافي والديني، بفضل علاقة الصداقة المتميزة والاحترام المتبادل الذي كان يربطه بالملكين الراحلين محمد الخامس والحسن الثاني“، يضيف معالي السفير.
ومن جهة أخرى، عبرت مديرة المعهد الإيطالي بالرباط عن سعادتها بهذه المناسبة، قائلة:”بحماس كبير يجدد المعهد الثقافي بالرباط تعاونه مع مؤسسة روح فاس بالمشاركة بأحد أعرق المهرحانات المنظمة بالمغرب والقارة الإفريقية، بحفل موسيقي تصبح فيه الموسيقى واللغة الإيطالية والعربية أدوات للحوار ما بين الثقافات. وستسافر النغمات المؤداة من طرف عازفين منفردين والمجموعة الصوتية والأركسترا التابعة لمهرجان مونتي فيردي رفقة الأركسترا العربية الأندلسية لفاس بالجمهور من كريمونا، مسقط رأس كلاوديو مونتي فيردي-الذي تعتبر موسيقاه تعبيرا عن توليفة رائعة بين عصر النهضة وعصر الباروك الموسيقي-إلى فاس، الملتقى التاريخي للحضارات.”
ولعشاق موسيقى عصر النهضة موعد آخر مع حفل موسيقي لفرقة زنايدة، التي أسسها مجموعة من طلاب برنامج الماجستر بمدرسة كونتوروم باسيلينس الشهيرة بمدينة بال السويسرية. وينحدر هؤلاء الطلاب من أربع قارات، يحملون فيما بينهم فسيفساء من الخبرات والتجارب الموسيقية، ويؤلف بينهم شغف عميق بالموسيقى العريقة. موعدكم مع هذه المجموعة يوم الأربعاء 21 ماي على الساعة التاسعة مساء بحدائق جنان السبيل في عرض مستوحى من تقاليد عصر النهضة الفرنسية الفلامانية المستمدة من الترانيم الغريغورية من خلال مقاربة جديدة متعددة الألحان. ينظم هذا الحفل في إطار شراكة دبلوماسية أخرى مع سفارة سويسرا بالمغرب.
تابعوا آخر الأخبار عبر واتساب


انضم إلينا واحصل على نشراتنا الإخبارية