إسدال الستار على فعاليات مهرجان مراكش وسط تتويج عالمي للسينما

أسدل ليلة أمس السبت، الستار على فعاليات الدورة الـ 22 للمهرجان الدولي للفيلم بمراكش، والتي عرفت تتويجا كبيرا بالجوائز.
وتوج فيلم “سماء بلا أرض“ للمخرجة التونسية، أريج السحيري بالنجمة الذهبية للمهرجان.
وأشادت لجنة التحكيم بالعمل سينمائي الذي يجرؤ على مقاربة العالم من منظور مختلف، مستندًا إلى قوة شاعرية نادرة ورؤية فنية منخرطة بعمق في الواقع. من خلال هذه الجائزة، تحتفي لجنة التحكيم بتجربة سينمائية جريئة تدعو إلى إعادة التفكير في علاقتنا بالآخرين وبأنفسنا.
وكشفت هذه الدورة عن أعمال مفعمة بالجرأة، أبدعها سينمائيون يتأملون في تعقيدات العالم بمنظور جديد. ومنحت لجنة التحكيم جائزتها مناصفة لفيلمي “بابا والقذافي“ لجيهان ك و“ذاكرة” لفلادينا ساندو: فيلمان يحملان بصمة شخصية عميقة، يتقاطع فيها الحميمي مع محطات كبرى من التاريخ.
أما جائزة أفضل إخراج، فعادت لأوسكار هدسون عن فيلم “دائرة مستقيمة“، الذي ترك انطباعا لا ينسى بفضل صرامته الشكلية وإبداعه الفني. فيما يخص جائزتي التمثيل، فقد توجت ديبورالوبي ناني عن أدائها في فيلم “سماء بلا أرض“ لأريج السحيري، وسوبي ديريسو الذي نال جائزة أفضل ممثل عن دوره في فيلم “ظلأبي” لأكينولا ديفيز جونيور. كما أشادت لجنة التحكيم بالأداءالمتميز لكل من إليوت ولوك تيتنسور في فيلم “دائرة مستقيمة“لأوسكار هدسون، والذين منحا تنويها خاصا. تعكس هذه الاختياراتقوة المسابقة الرسمية، وتشهد على سينما جريئة، لا تخلو من عنصرالمفاجأة، قادرة على تحريك المشاعر، ومدفوعة برؤى متفردة وبأداء قويللممثلين.
وتشكلت لجنة التحكيم، التي ترأسها بونغ جون هو، من مبدعين يعكس مسارهم الإبداعي انفتاح المهرجان على جميع التجارب السينمائية الدولية. فقد رافق المخرج الكوري الجنوبي، المخرج البرازيلي كريم عينوز، والمخرج المغربي حكيم بلعباس، والمخرجة الفرنسية جوليا دوكورناو، والممثل والمخرج الإيراني بيمان معادي، والممثلة الأمريكية جينا أورتيغا، والمخرجة الكورية الكندية سيلين سونغ، والممثلة البريطانية الأرجنتينية أنيا تايلور–جوي، فقدمت هذه اللجنة نظرة متعددة ودقيقة مفعمة بالالتزام العميق حول أفلام المسابقة.
يذكر أن الدورة الثانية والعشرون أيضا فرصة للاحتفاء بشخصيات بارزة من عالم الفن السابع. جودي فوستر، التي حظيت بالنجمة الذهبية عن مسارها الفني المتميز، ألقت كلمة مؤثرة تحدثت فيها عن علاقتها بالسينما: “ما زلت استرشد بنفس الحب: سرد الحكايات، تجسيد الشخصيات، مناقشة علاقاتنا ونقاط ضعفنا، واستكشاف إنسانيتنا. تتيح لنا السينمابضعَ ساعات نحلم خلالها معا، نعيش سويا، وننتمي إلى مجتمع إنسانيعميق. إنها الفضاء الوحيد الذي نمسك فيه بأيدي بعضنا البعض، جنباإلى جنب، في الظلام“. كما أشادت جودي فوستر بالمغرب قائلة: “هذاالحماس و الدفء الروحي هو المغرب: بلد يسحر الحواس كلها. يا له منشرف أن اكتشفه معكم“.
كما ترك الممثل المصري حسين فهمي أثرا كبيرا في الجمهور حين عاد للحديث عن ارتباطه الوثيق بالمدينة الحمراء: “سعيد بحضور الدورة الأولى من المهرجان، هذا التكريم يغمرني فرحا وتشريفا، كما سعدت بعودتي إلى مراكش، المدينة الساحرة، حيث صورت في بداية السبعينيات أحد أفلامي الأولى “دمي ودموعي وابتسامتي“، إنها ذكرى غالية على قلبي!”.
وكانت لحظة تكريم راوية – السيدة العظيمة في السينما المغربية – مؤثرة للغاية بالنسبة للجمهور، فقد جمعت العديد من الفنانين الذين حضروا للاحتفاء بمسيرتها الفنية الرائعة. وصرحت راوية بتأثر صادق قائلة: “قبل تسع سنوات، كنت هنا على هذه المنصة عضوا في لجنة التحكيم. أعود هذه السنة لتكريمي بفضل المخرجين الذين وضعوا ثقتهم في شخصي المتواضع لتجسيد مخيلاتهم على الشاشات الكبرى والصغرى، ليستمتع بها جمهورنا المغربي والعالمي. هذا تقدير كبير لمسيرتي الفنية المتواضعة، الحافلة بالشغف الفني. أهدي هذا التكريم للجمهور المغربي وللمغاربة حول العالم.”
كما عرفت هذه الدورة تكريم المخرج غييرمو ديل تورو، أحد الضيوفالمعتادين للمهرجان ولمراكش، المدينة التي تربطه بها علاقة إبداعية وعاطفيةقوية. “إنه لشرف عظيم أن أُكرّم بين أصدقائي في أحد أعظم المهرجاناتالسينمائية في العالم. مراكش هي السينما، وستظل ملاذا دائما وملجأللسينمائيين من مختلف الأجيال، ونافذة تطل على السينما العالمية“، يقولديل تورو حين تسلم نجمته الذهبية.
إلى جانب عروض الأفلام، حظي جمهور المهرجان بفرصة حضور“الحوارات“، إحدى أبرز فعاليات المهرجان. فقد جمعت هذه اللقاءاتشخصيات بارزة تقاسمت مع الجمهور الحاضر مساراتها المهنية، ووجهاتنظرها حول السينما، واستكشفت الإبداع في مختلف أشكاله وتجلياته. فقد شاركت أصوات رائدة في السينما العالمية تجاربها في حوارات معالجمهور ومع مهنيي السينما، من بينهم بونغ جون هو، وغييرمو ديلتورو، وجودي فوستر، وبيل كرامر، المدير العام لأكاديمية فنون وعلومالصور المتحركة، وجعفر بناهي، وطاهر رحيم، ويسرا. فتم ذلك بروحمن التقاسم وحب المعرفة التي تميز مهرجان مراكش.
ومن جهته، استجاب الجمهور بحماس كبير، حيث حضر عروض المهرجانأزيد من.47.000 متفرجا، من بينهم 7.000 طفلا ومراهقا تابعوا برمجةقسم الجمهور الناشئ والأسرة، مما يؤكد أهمية نقل الإبداع والمعارف، والذي يعد جزءا لا يتجزأ من هوية المهرجان.
وأثبتت ورشات الأطلس مرة أخرى دورها الأساسي في دعم السينمامن جميع أنحاء القارة والمنطقة. بحضور 350 مهنيا اجتمعوا حول 28 مشروعا، واكب هذا الفضاء الخاص بالتوجيه والاحتضان والتأطير الفنيأعمالا واعدة ستأخذ مسارها للعرض على الشاشات العالمية في المستقبلالقريب.
وتحت الرئاسة الفعلية لصاحب السمو الملكي الأمير مولاي رشيد، واصلالبعد الاجتماعي للمهرجان تجسده على أرض الواقع. حيث تم إطلاق حملةجديدة لمكافحة العمى، نظمت خلال الفترة من 1 إلى 5 دجنبر في تحناوت، استفاد منها سكان الحوز المتضررون، مما أتاح إجراء 3000 فحص طبيو400 عملية جراحية للساد – في بادرة تضامنية تواصل نهج الالتزام الذييميز المهرجان.
هكذا تختتم فعاليات هذه الدورة التي تميزت بالاكتشاف والمشاركةوالجرأة. فقد تكشفت في مراكش مسارات فريدة، وتجلت حوارات جديدة، ولاقت إبداعات سينمائية صدى واسعا لدى جمهور متفاعل. من خلالالكشف عن مواهب جديدة وتكريم مخرجين متمرسين، يواصل المهرجانالدولي للفيلم بمراكش تجسيد هويته: فضاء تتنقل فيه السينما بحرية، وتواصل التقريب بين من يصنعونها ومن يستمتعون بمشاهدتها.
تابعوا آخر الأخبار عبر واتساب


انضم إلينا واحصل على نشراتنا الإخبارية


