بالبراهين الدامغة.. صوت الحق يدوي بالأمم المتحدة يفند أوهام الانفصال: “الصحراء مغربية بلا جدال”
تحليل إخباري: مصطفى وغزيف
في لحظة فارقة شهدتها أروقة الأمم المتحدة، ارتفع صوت الحقيقة عالياً على لسان البروفيسور المرموق رافائيل إسبارزا ماتشين، ليضع النقاط على الحروف في قضية الصحراء المغربية. هذا الخبير في شؤون المغرب العربي، القادم من جامعة لاس بالماس الإسبانية، وهو أيضاً رئيس جمعية ACAMA ، لم يترك مجالاً للشك في تأكيده على الحقائق التاريخية والقانونية التي تثبت مغربية الصحراء، بلا جدال ولامنازع.
فبلغة الحق الساطع والمنطق الدامغ، فند إسبارزا أوهام الانفصاليين وكشف زيف ادعاءاتهم. مغربية الصحراء حقيقة لا تقبل الجدل، ويجب على الجزائر أن تقبل الشعور السائد لدى المجتمع الدولي لحل هذه القضية. هكذا كان العنوان الأبرز لمعطيات خطابه، ليطلق بعدها سيلاً من الحقائق التي تؤكد شرعية السيادة المغربية على أراضيها الجنوبية.
وكأنه يرسم لوحة متكاملة بكلماته، لم يكتف الأكاديمي الإسباني بسرد الحقائق، بل أخذ الحاضرين في رحلة عبر الزمن، مستعرضاً التحول المشهود في الموقف الدولي منذ اعتراف الولايات المتحدة الأمريكية بالسيادة الكاملة للمغرب على الصحراء، إذ استمرت هذه الديناميكية الدولية بدعم العديد من الدول حول العالم، والقرار الأخير لفرنسا بدعم السيادة المغربية على الصحراء، خير برهان.
ويشير الأكاديمي الإسباني إلى أن بلده، إسبانيا، القوة الاستعمارية السابقة للصحراء، تدعم، مثل العديد من الدول الأوروبية الأخرى، المبادرة المغربية للحكم الذاتي كأساس وحيد لإنهاء هذا النزاع المصطنع. لذلك، فإن سيادة المغرب على صحرائه هي أيضًا حقيقة لا جدال فيها، مبرزا في السياق ذاته، تفاصيل خريطة دبلوماسية جديدة، حيث أشار إلى الـ32 قنصلية التي فتحت أبوابها في العيون والداخلة، كشهود عيان على الثقة الدولية في الرؤية المغربية.
ولم يكتف الأكاديمي الإسباني بسرد الوقائع السياسية، بل غاص في عمق التحولات الاقتصادية والاجتماعية التي تشهدها الأقاليم الجنوبية. إذ وصف بإسهاب كيف تحولت الصحراء المغربية إلى “واحة للتنمية والازدهار”، بلغة الأرقام والمشاريع، أبرز صورة مشرقة للتنمية المستدامة في الأقاليم الجنوبية للمملكة. من خلال النموذج التنموي الجديد ومستشهداً بالمشاريع العملاقة، حيث أبرز أن كل هذه التطورات تستند إلى الحقوق التاريخية للمغرب على الصحراء، ولكن أيضًا إلى الديناميكية التي لا رجعة فيها التي تشهدها المنطقة على أرض الواقع، وخاصة تنفيذ النموذج التنموي الجديد للأقاليم الجنوبية، المزود بميزانية المليارات، بالإضافة إلى المبادرات الملكية على الواجهة الأطلسية، وانفتاح دول الساحل، وخط أنابيب الغاز بين المغرب ونيجيريا، والتي تهدف إلى توطيد منطقة الصحراء المغربية كمنصة للسلام والاستقرار والتنمية المشتركة في المناطق الأطلسية والصحراوية والإفريقية والمتوسطية.
وبحقائق فاضحة، عرّى إسبارزا حقيقة الكيان الوهمي، مشيراً إلى البوليساريو. بكلمات نافذة، أظهر كيف أن هذا الكيان يفتقر لأبسط مقومات الدولة، وكشف النقاب عن كونه مجرد أداة في لعبة جيوسياسية أكبر تديرها الجزائر.
وفي هذا الصدد، أكد أن “البوليساريو المزعومة” ليست سوى انبثاق للمصالح الجيوسياسية وأجندة الهيمنة للبلد، الجزائر، الذي يستضيف مخيمات تندوف. ليس لديها أرض ولا سكان ولا حكومة، حيث تعيش الغالبية العظمى من السكان الصحراويين في الصحراء المغربية، يشاركون بنشاط في تنمية المنطقة وحياتها الديمقراطية من خلال ممثليهم المحليين المنتخبين، بعضهم يشارك أيضًا في أعمال لجنة الـ 24. في الوقت نفسه، لا تعترف غالبية الدول الأعضاء في الأمم المتحدة بـ “البوليساريو” المزعومة، وتدعم العملية السياسية، تحت الرعاية الحصرية للأمم المتحدة، كطريق وحيد للتوصل إلى حل سياسي نهائي للنزاع الإقليمي.
ولم يغفل الأكاديمي الإسباني عن كشف الستار حول المأساة الإنسانية في مخيمات تندوف. بحس إنساني عميق، ذكر بمعاناة الآلاف الذين وصفهم بالرهائن، محاصرين بين مطرقة البروباغندا وسندان الظروف القاسية.
وأوضح أن السكان الذين يعيشون في المخيمات لا يُعتبرون حتى لاجئين، لعدم رغبتهم في إجراء إحصاء موثوق، بسبب معارضة البوليساريو والبلد المضيف، إذ سيثبت أن غالبية سكان المخيمات ليسوا، ولم يكونوا في الإحصاء الإسباني لسنة 1974، بل هم خليط من الأشخاص القادمين من الجزائر وموريتانيا ومالي والمغرب، الذين يتقلب عددهم بشكل تعسفي ومصلحي للاستمرار في تلقي المساعدات الدولية.
من ناحية أخرى، ذكر بأن “البوليساريو” ليس لها أي وضع أو شرعية، إذ أنها مثبتة ومدعومة من قبل الدولة المضيفة لمخيمات تندوف، مرتكبة أسوأ انتهاكات حقوق الإنسان لقمع المعارضة في المخيمات، على مرأى من العالم أجمع، وهو أمر أصبح أكثر وضوحًا بفضل استخدام الهواتف المحمولة. هذا الوضع مأساوي يتطلب إجراءً عاجلاً من الأمم المتحدة ووكالاتها المتخصصة لجعل الجزائر تحترم التزاماتها بموجب القانون الإنساني الدولي.
وفي مواجهة هذا الزخم الذي لا مفر منه، انغمست “البوليساريو” وبلدها المضيف في استراتيجية الهروب المستمر إلى الأمام. والدليل على ذلك أنه اليوم، الجزائر وحدها هي التي أعربت عن معارضتها لمبادرة الحكم الذاتي، إذ إن إصرار الجزائر على رفض الانخراط بحسن نية في العملية السياسية يؤخر الحل النهائي للنزاع الإقليمي حول الصحراء المغربية، مع احتجاز سكان مخيمات تندوف كرهائن ورهن مستقبل شعوب المنطقة، ما يمنع بناء المغرب العربي الكبير الذي يهم كثيرًا رفاهية الشعوب بشمال افريقيا، ومصالح الاتحاد الأوروبي، والاتحاد الإفريقي، والأمم المتحدة.
إن الدعم المتزايد للسيادة المغربية على الصحراء وإشارة قرارات مجلس الأمن إلى ضرورة التوصل إلى حل نهائي للنزاع الإقليمي حول الصحراء يؤكدان الاختفاء النهائي للنظريات الانفصالية، التي لا يزال يؤمن بها فقط “البوليساريو” وبلدها المضيف.
ختام كلمته كان بمثابة صرخة مدوية في وجه العالم. إذ دعا إسبارزا الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للتحرك العاجل والتدخل لإنهاء معاناة المحتجزين في تندوف. وحذر من مغبة استمرار هذا النزاع المفتعل.
هكذا، وبكل قوة وثقة، دافع هذا الأكاديمي عن الحق المغربي الراسخ، مقدما درساً في التاريخ والجغرافيا السياسية، مؤكداً من جديد عدالة القضية الوطنية المغربية. وترك الحاضرين في قاعة الأمم المتحدة أمام حقيقة لا مفر منها: مستقبل المنطقة يكمن في مغربية الصحراء والمضي قدماً نحو التنمية والازدهار، مسطراً بحروف من نور حقيقة لا يمكن إنكارها، والتاريخ والواقع يشهدان.
تابعوا آخر الأخبار عبر واتساب
انضم إلينا واحصل على نشراتنا الإخبارية