ملف الصحراء.. محلل سياسي يكشف أسباب تصويت فرنسا لصالح المغرب
قال محمد بودن، رئيس مركز اطلس لتحليل المؤشرات السياسية و المؤسساتية و المحلل السياسي، إن محددات الموقف السيادي ومكاسب المملكة المغربية في ملف الصحراء المغربية دبلوماسيا وتنمويا فرضت تحولات هامة في مواقف عدد من القوى الدولية والاقليمية بمجلس الأمن بفضل القيادة الحكيمة والتوجيهات السديدة للملك محمد السادس.
وأوضح بودن في تصريح لـ “سيت أنفو”، أن دعم 90 بلدا في العالم لمبادرة الحكم الذاتي وعدم اعتراف حوالي 84% من بلدان العالم بالكيان الانفصالي وفتح 30 قنصلية عامة بالصحراء المغربية، يظهر من جهة الاتجاه الدولي الواسع لدعم المغرب ووحدته الترابية ومن جهة أخرى يعبر عن الأهمية التي توليها دول وازنة للعلاقات مع المملكة المغربية.
وأضاف المحلل السياسي، أنه بخصوص تفسير التصويت فإن دعم القرار الأممي الذي صاغته الولايات المتحدة الأمريكية بأغلبية 13 مقابل امتناع روسيا و كينيا يمثل من جهة تعبيرا عن نجاح الدبلوماسية المغربية في شرح مواقفها للمجتمع الدولي ومن جهة أخرى يمثل تعبيرا عن عالم اليوم.
أما الموقف الفرنسي الذي صوت لصالح القرار فإنه يمثل استمرارية للموقف الفرنسي الايجابي تجاه مبادرة الحكم الذاتي و لا يلبي انتظارات الجزائر لكن ينبغي الانتباه إلى أن فرنسا لم تتناول الكلمة هذه المرة بمجلس الأمن لتفسير موقفها كالمعتاد، وفي تقديري فإنها حاولت عدم تقييد نفسها وهي تفكر في تكلفة موقفها في سياق يشهد ايقاعا مختلفا للعلاقات الفرنسية مع كل من المغرب و الجزائر..
أما بخصوص امتناع روسيا التي تملك حق النقض عن التصويت لصالح القرار الأممي، قال المحلل فهذا لا يعبر بالضرورة عن معاكسة للمصالح المغربية لكنه يوازن المصالح الروسية ويعبر عن طبيعة العلاقات الدولية اليوم بحيث أن روسيا تذهب في الاتجاه المعاكس للغرب في أغلب القرارات الأممية .
بالنسبة لمواقف الولايات المتحدة الأمريكية و الامارات العربية المتحدة و الغابون، قال بودن فإنها تعبر عن الطابع المستدام والثابت للعلاقات التي تجمعها بالمملكة المغربية.
أما بالنسبة لكينيا قال المحلل السياسي، إنه يتصور أن موقفها متأثر ببيئة تنافس كبيرة بالقارة الافريقية بحيث أصبحت ملعبا جديدا للمصالح في القارة الافريقية ولهذا دخل موقفها مرحلة الشك بفعل الارتباك الواضح في التعبير عنه لكنه قابل للمراجعة بعد نهاية ولاية كينيا في مجلس الأمن و ترسيخ الرئيس الجديد و يليام روتو الذي يؤيد الموقف المغربي لقناعاته بعيدا عن تأثيرات إدارة أوهورو كينياتا التي لا زالت تنسق مع الجزائر وجنوب إفريقيا.
وأضاف المحلل السياسي، أن أهمية القرار الأممي 2654 الذي تم اعتماده في جلسة مجلس الأمن رقم 9168 تكمن في ما جاء به من مستجدات وما أكد عليه من حقائق كامتداد للقرارات الأممية السابقة، وبالتالي فرؤية المجموعة الدولية من منطلق القرار الأممي 2654 تتضمن أربع عناصر أساسية:
وتابع المحلل السياسي، أن أول هذا العنصر هو أن القرار الأممي 2654 يعبر عن إرادة أممية قوية لدعم المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة ستيفان ديميستورا و يركز على صيغة المائدة المستديرة باعتبارها الآلية الوحيدة للتوصل إلى حل نهائي للنزاع الإقليمي حول الصحراء المغربية و بالتالي فمجلس الأمن الذي يمثل الهيئة التنفيذية للأمم المتحدة يعبر عن عدم قبوله لتجاهل الجزائر لصيغة المائدة المستديرة بعد المشاركة في اجتماعي جنيف 2018 و 2019 بحيث لا يمكن محو الجهود التي قام بها المبعوث الأممي السابق هورست كوهلر التي عمل عليها بشق الأنفس.
ثانيا: القرار الأممي الجديد يكرس سمو وتفوق المبادرة المغربية للحكم الذاتي المقدمة سنة 2007 بحيث تحضى هذه المبادرة الخلاقة و البناءة بدعم كبير للسنة ال 15 على التوالي بمجلس الأمن و قد عبرت الولايات المتحدة الأمريكية والامارات العربية المتحدة و الغابون عن دعمها لمبادرة الحكم الذاتي في تفسيرها للتصويت بنعم على القرار الأممي 2654.
ومن خلال تأكيد مجلس الأمن في توصيته الثانية على أن الحل يجب أن يكون واقعيا و عمليا و مستداما و قائما على التوافق فإنه يزكي مبادرة الحكم الذاتي التي تنسجم مع هذه المعايير الأممية بشكل تام ومع روحها و أساسها المنطقي.
من الملاحظ أن عجلات القرار الأممي 2654 تسحق مجددا الآطروحة المتجاوزة للجزائر و جبهة البوليساريو بحبث أنه للسنة ال 21 على التوالي لم تتضمن القرارات الأممية أية اشارة لتقرير المصير على أساس الاستفتاء.
ثالثا: القرار الأممي 2654 يركز على الجزائر كطرف رئيسي في النزاع الاقليمي حول الصحراء المغربية و يطالبها بالواقعية في إشارة إلى سلوكها الأحادي المعاكس لإرادة قرارت مجلس الأمن ومحاولتها إخراج العملية السياسية عن مسارها.
من الواضح أن المجموعة الدولية تعارض بشدة مرة أخرى استمرار الجزائر في عدم السماح بتسجيل ساكنة مخيمات تندوف وفقا لاتفاقية اللاجئين لسنة 1953.
وبالتالي فالجزائر عليها أن تتصرف بمنطق يستحضر أنه لا يمكن العمل مع المجتمع الدولي على أساس أنه لا يوجد احتمال للتوافق مع المغرب على أساس مبادرة الحكم الذاتي وفي ظل الاحترام الكامل للوحدة الترابية المغربية.
رابعا: مجلس الأمن في مستجد بارز يوجه رسالة حازمة للبوليساريو التي تقوم بعرقلة قدرة و نطاق عمل بعثة المينورسو ويتضمن القرار مساءلة واضحة بخصوص القيود التي تفرضها البوليساريو على الأنشطة الجوية والبرية للبعثة الأممية وقدرتها على رصد الأوضاع و الانتهاكات المتكررة لوقف اطلاق النار شرق منظومة الدفاع المغربية.
و بقراءة لرد فعل الجبهة الانفصالية بخصوص القرار الجديد لمجلس الأمن يتبين أن الكيان الوهمي لازال يقرأ قرارات مجلس الأمن الدولي بالأبيض و الأسود بينما انتقل المجتمع الدولي إلى مرحلة متقدمة تركز على السلم و الأمن في بعده الاقليمي على مستوى الأطلسي والساحل والصحراء.
يمثل قرار مجلس الأمن 2654 مساهمة جوهرية وهادفة لتحريك المسار السياسي وفرصة جديدة يتحتم على الجزائر والبوليساريو اغتنامها بواقعية من أجل مستقبل المنطقة كما أن القرار يمثل نافذة تسلط الضوء على المسؤولية الحقيقية للجزائر و التناقض الحاصل بين أقوالها و تصرفاتها وعرقلة البوليساريو لعملية الإمداد الآمن والمنتظم لبعثة المينورسو.
تابعوا آخر الأخبار عبر واتساب
انضم إلينا واحصل على نشراتنا الإخبارية