لفتيت: المبادرة الوطنية للتنمية البشرية في مرحلتها الثالثة عرفت نقلة نوعية
أكد وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت، اليوم الاثنين بالصخيرات، أن المبادرة الوطنية للتنمية البشرية في مرحلتها الثالثة، والتي عرفت نقلة نوعية من خلال توجيه تدخلاتها نحو الجوانب اللامادية للتنمية البشرية، ستضاعف جهودها لدعم المنظومة التعليمية الوطنية ولا سيما فيما يتعلق بالتدخلات الهادفة إلى الارتقاء بالتعلمات واكتساب المهارات.
وقال لفتيت، خلال الجلسة الافتتاحية للدورة الثانية للمناظرة الوطنية للتنمية البشرية المنظمة تحت الرعاية السامية للملك محمد السادس، إن قضية التعلمات باعتبارها رافعة لتثمين الرأسمال البشري هي إشكالية تساءل الجميع وتقتضي إيلاءها الاهتمام والعناية اللازمين، وخاصة من طرف المتدخلين المؤسساتيين والمنتخبين والأسر والمجتمع المدني وكافة المجالس المنتخبة والقطاع الخاص، وذلك ” بغية إيجاد حلول ناجعة من شأنها تجويد مستوى اكتساب أبنائنا للمعارف الأساسية وتهييئهم للاندماج بسهولة في الحياة العملية والإسهام مستقبلا بفعالية في بناء الصرح التنموي لبلادنا “.
وأبرز الوزير أن الراهنية الملحة والمرجعية العلمية لاختيار موضوع المناظرة “جودة التعلمات: مفتاح التنمية البشرية”، تجد سندها في توجهات المرحلة الثالثة للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية وخاصة في برنامجها الرابع الهادف إلى النهوض بالرأسمال البشري للأجيال الصاعدة من خلال التصدي المباشر وبطريقة استباقية لكافة المعيقات الأساسية التي تواجه التنمية البشرية.
وتابع أنها تجد سندها أيضا في سياق الإصلاحات الكبرى التي تشهدها المملكة ولاسيما فيما يتعلق بالنهوض بمنظومة التربية والتكوين، بهدف الاستجابة لمتطلبات الاهتمام بالجوانب اللامادية للتنمية البشرية وضرورة تطوير الرأسمال البشري، والتي مافتئ جلالة الملك يدعو إلى الحرص القويم على تفعيلها، باعتبارها إحدى المداخل الرئيسية والأولويات الأساسية لتنزيل النموذج التنموي الجديد وتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية المنشودة للبلاد.
وسجل أن إشكالية جودة التعلمات أضحت تشكل في الوقت الراهن إحدى التحديات الكبرى للعديد من الدول، وذلك بالنظر إلى نسب العجز المسجلة على هذا المستوى والتي ساهم في تفاقمها وتعميق انعكاساتها السلبية، توالي بعض الأزمات ولاسيما الصحية منها، لافتا إلى أن ” المعطيات الوطنية المسجلة برسم الموسم الدراسي 2021-2020 خير دليل على هذا الوضع، وخاصة منها تلك المتعلقة بالتلاميذ المنقطعين عن الدراسة وبمستوى العجز في التعلمات لدى الأطفال المتمدرسين الأقل من 10 سنوات، مما حال دون تطور مؤشر التنمية البشرية للمملكة الذي لم يتجاوز نسبة 50 في المائة “.
وت عزى هذه الوضعية، حسب لفتيت، بالأساس إلى ضعف اكتساب المتعلمين للمعارف الأساسية في القراءة والرياضيات والعلوم، وذلك ” حسب نتائج الاختبارات الدولية التي احتل فيها تلامذتنا للأسف مراتب متأخرة مقارنة بنظرائهم من الدول المشاركة، وهو ما يستدعي منا جميعا بذل المزيد من الجهود لبلورة نموذج تربوي وطني قادر على رفع التحديات الراهنة والمستقبلية من أجل توفير تعليم جيد، منصف ومستدام لفائدة كافة التلاميذ المغاربة ولاسيما بالعالم القروي والمناطق النائية “.
وبعد أن ذكر بالتعليمات الملكية السامية للملك محمد السادس الواردة، في خطاب العرش بتاريخ 29 يوليوز 2018، أشار الوزير إلى أن المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، حققت حصيلة جد إيجابية على مستوى مساهمتها في تنفيذ برنامج التعليم الأولي خلال الفترة الممتدة ما بين 2019 و2021، بحيث تم إحداث مجموعة من الفضاءات لاستقبال الأطفال المنحدرين من الوسط القروي، بالإضافة إلى خلق العديد من فرص الشغل القارة لفائدة المربيات والمربيين وتوفير التكوينات الضرورية لفائدتهم.
وأضاف أن المبادرة الوطنية للتنمية البشرية دأبت، منذ انطلاقتها، على المساهمة في إنجاز وتدبير دور الطالبة والطالب التي تمكن من إيواء التلميذات والتلاميذ المنحدرين من أوساط محدودة الدخل بالعالم القروي، ناهيك عن اقتناء أسطول لحافلات النقل المدرسي بهدف تحسين ظروف التمدرس وضمان الولوج إلى المؤسسات التعليمية بشكل يومي وفي ظروف جيدة؛ علاوة على تقديم دروس الدعم المدرسي بالمجان لفائدة تلاميذ المستوى الابتدائي بالمجالين القروي والشبه الحضري بغية تقوية الكفايات الأساسية وتجويد التعلمات في مادتي الرياضيات واللغة الفرنسية، بالإضافة إلى تمكين أزيد من أربعة ملايين ونصف طفلة وطفل سنويا، من اقتناء المقررات والكتب وباقي اللوازم المدرسية في إطار المبادرة الملكية “مليون محفظة”.
وعلى الرغم من الانخراط القوي للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية في دعم المجهودات الجبارة التي يبذلها قطاع التربية الوطنية والتعليم الأولي للرفع من مستوى جودة التعلمات، يسجل لفتيت، فإن ” الواقع لا يزال يشهد عجزا ملموسا بهذا الخصوص، مما يؤثر بشكل سلبي على مؤشرات التنمية البشرية ببلادنا “.
وخلص إلى أن تنظيم هذه التظاهرة يشكل بحق فرصة مواتية لكافة المشاركين ولاسيما منهم الفاعلين في ميدان تثمين الرأسمال البشري، من أجل دراسة وتحليل كافة الجوانب المتعلقة بإشكالية التعلمات وإيجاد السبل والآليات المبتكرة الكفيلة بالرفع من جودتها في ظل التحولات والمتغيرات العديدة التي يشهدها العالم في الوقت الحاضر.