انتحار طبيب بالبيضاء.. البرفيسور حمضي يطالب بالبحث عن الأسباب لمعالجتها من الجذور
في تعليقه على واقعة انتحار طبيب مقيم في مصلحة المسالك البولية في المستشفى الجامعي ابن رشد بالدار البيضاء، يوم الخميس فاتح شتنبر الجاري، قال الطيب حمضي، طبيب وباحث في السياسات والنظم الصحية، إن اصلاح ظروف تكوين الأطباء من نجاح تحدياتنا الصحية، مبرزا أنه “بعد تحرر الألسن الدي تلى انتحار طبيب شاب، يظهر جليا أننا أمام ظاهرة يجب البحث عن أسبابها لمعالجتها من الجدور، لمستشفياتنا وكلياتنا وأساتذتنا وأطبائنا وطلبتنا كل القدرة والعزيمة لتنقية المسار التكويني من هده الشوائب وهده الممارسات المشينة بمحاسبة المسؤولين عنها وبتغيير مؤسسي لظروف التكوين”.
وكتب حمضي مقالا طويلا، توصل به “سيت أنفو” جاء فيه “الحديث عن الاضطهاد والضغط والابتزاز خلال التكوين الطبي كان موضوعا مسكوتا عنه او تقريبا، إلى أن فجرته هذه الواقعة”.
وأضاف حمضي “قبل الحديث عن الموضوع استذكر واقعتين وأدكر بحقيقتين يجب التذكير بهما لنكون منصفين وعلميين.
1- الواقعة الأولى: الفيديو المرفق مع هذه التدوينة هو لطبيب أستاد في طب العيون غادر مصلحة العيون بالمركز الاستشفائي بالرباط والتحق بالقطاع الخاص منذ عدة سنوات. يتحدث قبل سنوات في ثوان، من منصة ندوة طبية متميزة حيث كان يُديرُ الجلسة، عن هذه الظاهرة وتحدث عنها بألم ووصفها بقوة. مشاهدة الفيديو القصير جدا تغنينا عن الكلام.
2- الواقعة الثانية: وقد حكاها لي أستاذي وصديقي البروفيسور عبد المجيد بوزوبع استاد امراض القلب والشرايين رحمه الله عن معاناته حين ولج مصلحة طب القلب والشرايين بالرباط للتكوين في بداية السبعينات، وعن الفرق الدي وجده حين دهب لإجراء تداريب بأحد المستشفيات الفرنسية وكيف ان الاستاد رئيس المصلحة هناك استقبله وقدمه لفريق المصلحة وفتح له مكتبته الخاصة لأخذ الكتب الطبية منها، واستضافه وساعده حتى في قضايا خارج المصلحة كشاب اجنبي، وكيف يتعامل الاستاد مع الفريق ويتقاسم مع تلامذته معارفه وخبرته ويشجعهم ويصحح اخطائهم ببيداغوجية ودون تعالي ….”.
وفيما يتعلق بالحقيقة التي يجب التذكير بها، قال حمضي “المستشفيات الجامعية مليئة بالأساتذة والمُكونين الاكفاء، ولاد الناس، الدين لا يدخرون جهدا في تقاسم معارفهم وتجاربهم مع الأجيال الجديدة. ولكن كدلك بجانبهم هناك آخرون يسيئون لمهنة الطب ولشرف مهنة الطب ويدمرون اجيالا من الأطباء والصيادلة الدين يتكونون تحت إمرتهم. والحديث عن الفئة الأخيرة لا يجب مطلقا أن تحجب عنا الفئة الأولى”.
وأوضح البرفيسور حمضي، أن التكوين الطبي في دول العالم يجعل الأطباء طور التكوين تحت ضغط هائل من حيث ظروف العمل وساعات العمل وغيرها من العوامل، فإدا أضيفت اليها ظروف عنف مؤسساتية أو اضطهاد شخصي من طرف الرؤساء تصبح المسألة قنبلة موقوتة.
“قضية انتحار الدكتور رشيد ياسين رحمه الله وارتباطها من عدمه بمعاناته من الضغط والاضطهاد خلال تداريب بإحدى المصالح الاستشفائية بالمغرب، حسب روايات عائلته وزميلاته وزملائه هي قيد بحث إداري وبحث قضائي لتدقيق الأسباب وترتيب المسؤوليات”، يقول حمضي.
لكن، سواء كانت واقعة الانتحار مرتبطة مباشرة او بطريقة غير مباشرة بما عاناه المرحوم خلال تكوينه الطبي، فان الوقائع التي يسجلها زملائه والتي تؤكد تعرضه للاضطهاد والضغط والترهيب خلال تكوينه بمصلحة معينة، بل يتحدث هؤلاء عن معاناتهم من نفس الظروف التي عانى منها زميلهم المتوفى. لذلك فإن الإمر لا يتعلق بمجرد حالة معزولة يتقصى التحقيق القضائي بل بظاهرة على التحقيق الإداري والأبعد من إداري أن يذهب ابعد من دلك لمعرفة مدى صدقية اتهامات الحكره والابتزاز والاضطراد داخل بعض المصالح المعروفة بالمستشفيات الجامعية، ومدى اتساع رقعة هده الظاهرة وتمظهراتها، والأسباب الحقيقية والإجراءات التي يجب اتخادها لمحاسبة المسؤولين عنها، والأهم من دلك بلورة الإجراءات التي يجب اتخادها لعدم تكرار مثل هده الممارسات، يورد الطيب حمضي.
وتابع حمضي “تفشي هده الممارسات وسكوت الضحايا عنها راجع بالأساس لكون مستقبل هؤلاء الأطباء معلق بتوقيع فرد واحد بإمكانه أن يحرمك من إكمال تكوينك بدون حسيب ولا رقيب، ومن هنا يجب ان تنطلق الآليات لإصلاح هده الاختلالات.
القضية اليوم ليست فقط قضية انتحار طبيب وأسبابها ومخلفاتها، القضية اليوم تتعلق بكيف نطهر مستشفياتنا وأماكن تكوين اطبائنا من ممارسات شاذة وغير أخلاقية وغير قانونية وحاطه من الكرامة وابتزازية تسيء لجامعاتنا الطبية ولمستشفياتنا ولأساتذتنا ولطلبتنا. قيام بعض رؤساء مصالح أو من يقومون مقامهم أو مساعديهم بممارسات حاطه من الكرامة من قبيل الابتزاز والاستغلال والسخرة والحكرة والتحرش والاتاوات، ممارسات إن صح بعضها فقط وليس كلها، فإن ذلك يعتبر جريمة بل جرائم ضد نبل وشرف مهنة الطب وضد نبل وشرف مهنة التعليم والتكوين وضد الوطن. نعم ضد الوطن. لنعد لدراسة منشورة قبل أشهر فقط أكدت أن 70% من طلبة السنة النهائية من الطب في المغرب يفكرون في الهجرة نحو الخارج، ثلثا هؤلاء من النساء وسطروا معي على هدا الرقم، ويشكل مشكل التكوين الطبي 97.6% من أسباب التفكير في الهجرة. الذين يقومون بهده الممارسات يساهمون في افراغ المغرب من أطره الطبية وما أمسنا حاجة إليها”.
وشدّد حمضي قائلا: “لذلك يمكن القول أن إصلاح ظروف تكوين الأطباء من ظروف مادية وتأطير طبي وظروف آمنة صحيا ونفسيا جزء لا يتجزأ من مجهودات بلادنا للحد والتحكم في هجرة الأطباء نحو الخارج، وجزء لا يتجزأ من إنجاح اوراشنا الطموحة لتعميم التغطية الصحية وتأهيل المنظومة الصحية الوطنية”.
تابعوا آخر الأخبار عبر واتساب
انضم إلينا واحصل على نشراتنا الإخبارية