السنتيسي: الخطاب الملكي حمل رسائل واضحة لفرنسا
قال ادريس السنتيسي رئيس الفريق الحركي بمجلس النواب إن الخطاب الملكي ليوم 20 غشت الجاري حمل عدة رسائل هامة تتطلب من الحكومة والبرلمان ومختلف المؤسسات الدستورية والعمومية ومختلف الفعاليات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والمدنية بلورة أليات عملية لتنزيلها وتفعيلها.
ومن هذه الرسائل التي جاءت في خطاب الملك رسالة اعتزاز بالرصيد الدبلوماسي الوطني الذي رسخ مغربية الصحراء بفضل الرؤية الدبلوماسية الحكيمة للملك محمد السادس وتماسك الجبهة الداخلية المتراصة وراءه.
أما ثاني رسالة فتفيد الانتصارات الدبلوماسية المتلاحقة لبلادنا والتي خلقت تجاوبا كبيرا مع عدالة قضية وحدتنا الترابية الراسخة بالبيعة والتاريخ وبمشروعية القانون الدولي في مختلف القارات والمجموعات الجيواستراتيجية سواء في أمريكا وامريكا اللاتينية وفي أروبا الشرقية والغربية وعلى مستوى الفضاء العربي والافريقي وغيرها.
أما الرسالة الثالثة فعلاقة بمضمون الرسالة السابقة وجه الملك رسالة واضحة إلى بعض الدول التي تربطها شراكة تقليدية مع المملكة المغربية مفادها نهاية زمن التساهل مع ازدواجية المواقف مطالبا إياها بالكشف عن موقف واضح والخروج من المنطقة الرمادية والاختباء وراء تصريحات عامة تستثمر في الغموض وتفسح المجال لكل التأويلات.
وفي منظور السنتيسي فإن المعني الأول بضرورة الخروج من هذه الزاوية المغلقة هو فرنسا التي تعد الشريك الاقتصادي الأول للمغرب وبعلاقات تاريخية وسياسية متميزة ومع ذلك تماطل في الكشف عن موقف صريح وحاسم، وقس ذلك على بعض بلدان الفضاء المغاربي.
كما تضمن الخطاب الملكي حسب السنتيسي رسالة واضحة المعالم تؤكد أن الموقف من قضية وحدتنا الترابية هو الميزان الوحيد لقياس علاقات المغرب مع محيطه الإقليمي والدولي أو كما وصفه الملك بالنظارة التي ينظر بها المغرب إلى العالم ويقيس بها الصداقات والشركات، وعمق هذه الرسالة أن زمن بناء علاقات مع المغرب بلغة المصالح على حساب السيادة والوحدة الترابية للمملكة قد ولى ولا مكان له في مسار مغرب يعرف من أين أتى وإلى أين يسير.
أما الرسالة الخامسة، فهي دعوة جميع المغاربة داخل الوطن وخارجه إلى مزيد من التعبئة وتقوية الجبهة الداخلية التي هي مرتكز تحصين وحدتنا الترابية والوطنية، وهي رسالة تستوجب تقوية وتعزيز مختلف الجبهات الدبلوماسية بما فيها الرسمية والبرلمانية والحزبية والمدنية والشعبية برؤية متكاملة ومتناسقة.
كما قال السنتيسي إن الخطاب حمل رسالة شكر وتنويه بالأدوار الطلائعية لمغاربة العالم في الدفاع عن وحدة الوطن والتراب بمقدساته وثوابته وحرصهم المتميز على الارتباط بروح الوطنية والمواطنة بتكامل بين الأجيال، وهذه الرسالة جعلها الملك مدخلا لرسائل أخرى حول حقوق مغاربة العالم على وطنهم ومؤسساته.
في هذا الإطار، وجه الملك رسالة في صيغة استفهامات تحمل في جوهرها جوابا حول نجاعة السياسات العمومية الموجهة للجالية المغربية المقيمة بالخارج والبالغة كما قال الملك خمسة ملايين ومئات الآلاف من المغاربة اليهود. وهي استفهامات موجهة بالأساس إلى الحكومة والبرلمان ومؤسسات الحكامة والهيئات المكلفة بشؤونهم.
ودعا الملك إلى تعزيز الروابط بين الجاليات المغربية بالخارج مع وطنهم، وهو ما يتطلب في نظرنا مراجعة للسياسة الثقافية المنتهجة عبر تفعيل أحكام الدستور في تصديره وفي فصوله من خلال استراتيجية تربط مغاربة العالم باللغات والثقافة المغربية الأصيلة بتنوع مكوناتها وروافدها، كما يتطلب الأمر الاعتناء كذلك بالرافد العبري في الثقافة الوطنية لتجسير العلاقة بين الوطن والآلاف من المغاربة اليهود بالعالم. ولابد كذلك في هذا الإطار من تعزيز سبل التأطير الديني في صفوف الأجيال الجديدة من مغاربة العالم ونشر قيم الوسطية والاعتدال والتسامح في أوساطهم المهددة بجادبية التيارات المتطرفة والمنحرفة.
كما تضمن خطاب الملك رسالة تاسعة مفادها خلق آليات لاستقطاب الكفاءات من مغاربة العالم وإشراكهم في بناء الوطن وفي مؤسساته، وهذا في منظورنا يتطلب أن تبادر الحكومة إلى تفعيل أحكام الدستور المتعلقة بضمان تمثيليتهم السياسية والانتخابية في المؤسسات الوطنية وفي صداراتها المؤسسة التشريعية، كما نعتقد أنه من غير المعقول عدم فسح المجال لهذه الكفاءات والأدمغة للمساهمة في تدبير الشأن العام من خلال القانون التنظيمي للمناصب العليا.
فيما تصمن رسالة أخرى حول خلق مناخ مؤسساتي وإطار تشريعي يستوعب قضايا ومشاكل مغاربة العالم، وهي رسالة تستلزم، في نظرنا، مبادرة الحكومة بتعاون مع البرلمان لاقتراح أرضية تشريعية جديدة وبالتالي مراجعة تركيبة واختصاصات المؤسسات المعنية بشؤون مغاربة العالم كمجلس الجالية ومؤسسة الحسن الثاني، كما أصبح من المطلوب التفكير في خلق قطاع حكومي يتولى شؤون مغاربة العالم برؤية أفقية منسجمة.
وفي صلة بهذا الشق المؤسساتي فالخطاب الملكي دعا بوضوح كذلك إلى خلق الجاذبية في صفوف مغاربة العالم للاستثمار في وطنهم الأم، وهو ما بتطلب من الحكومة وضع حد للمساطر المعقدة ومباشرة إصلاح إداري شامل واستحضار وضعية المستثمرين من مغاربة العالم والشباب منهم في ميثاق الاستثمار الجديد.