ربيع الجوهري ينجز فيلم “سيكا” المطول حول الصحراء المغربية-صور
أنهيا المخرج ربيع الجوهري والمنتج مصطفى بوحلبة، أخيرا، تصوير فيلم “سيكا” المطول حول قضية الصحراء المغربية، وتنبع فكرة الفيلم من تجربة المخرج المعاشة.
وأفاد ربيع الجوهري، مخرج فلم “سيكا” في تقرير حول الفيلم، توصل به “سيت أنفو”، قائلا ” الفيلم هو تأويلي الشخصي لمقولة صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، حينما قال بإحدى خطبه إن “قضية الصحراء هي قضية وجود و ليست حدود”، فلقد أثارتني هذه المقولة بحكمتها و عمقها و تلخيصها لهذا الصراع الاستعماري المفتعل، و الفيلم هو محاولة مني لترجمة هذه المقولة الحكيمة على شكل صور إبداعية، أو بالأحرى أعطتني هذه المقولة إلهاما قويا آخذني في رحلة البحث عن قضية الوجود هذه المرتبطة بالصحراء المغربية”.
وقد دفعت هذه المقولة بربيع الجوهري، إلى استحضار شذرات من هذا الصراع من خلال رؤية ذاتية تتعلق بتجربته الشخصية والتي تنقسم إلى شقين، شق نظري بحثي وشق ميداني معاش، فأثناء تواجد المخرج ربيع الجوهري بالعديد من المهرجانات العالمية كمهرجان حقوق الإنسان بجنيف على سبيل المثال لا الحصر، كان ربيع الجوهري يدخل في سجالات فنية وفكرية مع مخرجين إسبانيين وفرنسيين عرضوا أفلامهم لتمويه الرأي العام العالمي حول موضوع الصحراء المغربية، فمثلا في مهرجان جنيف لسنة 2013 تحدى الدكتور ربيع الجوهري المخرج الإسباني ألفارو لونغوريا Alvaro Longoria حين عرض في فيلمه من بطولة (راوي الفيلم) الممثل خافيير بارديم Javier Bardem، أن سكان الصحراء المغربية لا علاقة لهم بسكان شمال المملكة، مغيبا إما عن قصد أو عن جهل الروابط العائلية والنسبية والعرقية والدينية والثقافية والتاريخية التي لازالت متينة إلى يومنا هذا، معلومات مغلوطة كهذه دفعت بالدكتور ربيع الجوهري أن يتحدى مباشرة المخرج الاسباني بأن يأتي بدليل واحد حول ما يقوله، يقول ربيع الجوهري: “…لقد عرض في فيلمه و أثناء نقاشه مع الجمهور أن سكان الصحراء هم عرب خالصي العرق فجأة وجدوا بالمنطقة قبل قرون مخفيا أو جاهلا بكيفية و ظروف هذا التواجد، و أن سكان الشمال هم أمازيغ نزلوا منطقة الصحراء بعد الاستعمار الاسباني فاحتلوا العرب، و هذا ما جعلني أواجهه بالحقيقة، وهي أن العديد ممن كان يسانده من البوليساريو هناك في جنيف كانوا يتحدثون الأمازيغية في دليل صارخ على أن المغربي لا يمكن تقسيمه بهذه السهولة ما جعل وجه لونغوريا يحمر بشدة، بل زاد ارتباكه عندما واجهته بأن قبيلة الركيبات والعروسيين وغيرها من القبائل الصحراوية تعود أصولها إلى المولى عبد السلام بن مشيش (دفين جبل العلم بشمال المغرب بعيدا عن إسبانيا فقط ببضعة كلومترات)، الذي عاش في القرن السابع للهجرة و الثالث عشر للميلاد، أي قبل الاحتلال الإسباني للصحراء وأيام الخليفة الناصر لدين الله الموحدي، و ما عبد السلام بن مشيش إلا حفيد المولى إدريس، أي باختصار ما سكان الصحراء إلا أدارسة اختلطوا بالأمازيغ الذين قطنوا المنطقة قبل التواجد العربي، وعندما استرسلت بشرح الحيثيات التاريخية، التي آثارت ضجة بالقاعة، طلبت مني امرأة فرنسية مدعمة للبوليساريو التحدث باللغة الفرنسية، فأجبتها لماذا؟ و الكل يتحدث بالإنجليزية؟ فردت علي لأنني مغربي يجب أن ألتزم باللغة الفرنسية، فقلت لها و لماذا المخرج و الكل يتحدثون الانجليزية ولم تطلبي منهم التحدث بالفرنسية، ففهمت مرادها من خلال ذلك، لأن حججي كانت دامغة وبدأت ضجة يحدثها أجانب من آسيا ودول لا تفهم الفرنسية وتتواصل بالانجليزية، إذ كان هدفها ألا تصل الحقيقة إليهم… وفجأة وعندما استرسلت باللغة الانجليزية أشرح مغالطات المخرج ألفارو لونغوريا، تقدمت إلي فتاة من اللجنة التنظيمية مسرعة كالبرق ونزعت مني المايك، حينذاك رفعت صوتي بالقول، ينزع صوتي بإحدى أهم الأماكن التي تعلمنا حقوق الإنسان، أما أنا فيكفي أن أقول لكم، مرحبا غدا لمشاهدة فيلمي، وعقبه سوف لن أقاطع أو أنزع المايك لأحد، بل سأناقش معكم لأنني صاحب حق وصاحب الحق لا يخاف شيئا، بل مرحبا بكم في المملكة المغربية لمناقشة هذا الأمر و سترون أن لا أحد سينزع لكم المايك أو يقاطعكم…”
و حادثة نزع المايك لربيع الجوهري، أدخلها في سيناريو “سيكا”، معيدا إياها لأنها من المفارقات الغريبة جدا والتي تفضح أفلام البروباغاندا، أما فيلم سيكا فهو فيلم متشبع كثيرا بمفاهيم تفكك النظرة الاستعمارية التي تستمر في محاولة إضعاف مملكتنا وتقسيمها، فهو فيلم استمد روحه الفكرية من فلسفة ادوارد سعيد و هومي بابا التي تفكك أطروحة الاستعمار و الهيمنة و يستمد روحه الإبداعية من فنانين سايروا هذا التوجه ولو ضد بلدانهم الاستعمارية كالفنان السسينمائي “جون لوك جودار”، الذي انتفض في أفلامه ضد كل فكرة كولونيالية سائدة… بل يستعرض ربيع الجوهري حادثة أخرى بفوروم عالمي للشباب بالسينغال سنة 2011، عندما ناظر أمام أنظار العموم حقوقي إسباني ادعى أنه من الصليب الأحمر الاسباني والذي أراد قمع ربيع الجوهري عندما قال إن لا حق له الحديث عن الصحراء لأنه من سكان الشمال، فكان رد الدكتور الجوهري، أن الحقوقي الإسباني هذا هو الذي لا حق له ببساطة لأن للجوهري روابط عمومة مع قبائل الصحراء بحكم علاقة النسب بين مؤسس مدينة وزان مولاي عبد الله الشريف وشيخه القطب الصوفي مولاي عبد السلام بن مشيش، جد أغلبية الصحراويين، أما الاسباني فلا يمثل إلا الفكر الاستعماري التقسيمي.
و أضاف ربيع الجوهري أنه مغربي بجذور أمازيغية وعربية ويهودية وفينيقية، بل كل تلك الثقافات تتجلى في الوقت الراهن في سلوكات المغاربة قاطبة، إنه تنوع شبيه بالفسيفساء المغربية التي رغم تعدد أشكالها الهندسية غير أن هذه الأشكال هي متداخلة وتخلق جمالا رائعا، فقوة المغرب في هذا الجمال الآخاذ الذي منبعه هو التعدد لا التعصب، أما اللعب على التفرقة، لم يعد يجدي في زمن الخريطة الجينية التي تتبث التعدد وتدحض الفكر العنصري القائم على القبيلة و العرق… والفيلم هو ترجمة لكل هذه الخلفيات التي تشرح طبيعة هذا الصراع المفتعل…
السيناريو و ظروف انتاجه:
كتب الدكتور ربيع الجوهري هذا السيناريو سنة 2006، ولم يكتب له الخروج إلى الوجود لما يتطلبه من ميزانية لم يستطع توفيرها مكتفيا فقط بإخراج الفيلم الوثائقي واسع الانتشار”تندوف، قصة مكلومين” (أول فيلم وثائقي سينمائي يعالج موضوع الأسرى المغاربة الذين عاشوا أكثر من ثلاثة و عشرين سنة بمعتقلات تندوف) بإمكانيات بسيطة منتظرا فرصة الفيلم للخروج، إلى أن قرأ السيناريو المنتج مصطفى بوحلبة وهو سينمائي اشتغل في أفلام عالمية سنوات عديدة، و اشتغل في ما يزيد عن خمسين فيلما بورزازات والمناطق المجاورة، إذ راكم تجربة سينمائية ليست بالهينة، بل كان ربيع الجوهري يضيف إلى هذا السيناريو و ينقحه بين الفينة والأخرى كأن أدخل فيه حدث “نزع المايك” مثلا الذي حدث سنة 2013 بجنيف، و لما قرأ المنتج مصطفى بوحلبة السيناريو، تحمس كثيرا لتصويره و سارع في إنتاجه مؤمنا بضرورة المساهمة بمادة فنية في موضوع قضيتنا الأولى…
و قصة السيناريو تروي الروابط المتينة بين سكان الشمال والجنوب، و كيف أنه من الصعب تفرقة الأمازيغي عن العربي، فجيوش المقاوم الشيخ ماء العينين مثلا معظمها كان من قبائل سوس الأمازيغية، بل تتخلل مناطق الصحراء قبائل أمازيغية والدليل هو أسماء الأماكن بما فيها “تندوف” و التي تعني “برج المراقبة” باللغة الأمازيغية… لكن لجهل الآيادي الخفية بتفاصيل القبائل سقطوا في شرك التفرقة، و نظرا لبعدنا عن القراءة والتاريخ، فقد لعبت هذه الآيادي على جهل الناس بالتاريخ، و أصبحوا يروجون أن لا علاقة بين سكان شمال المملكة و جنوبها، و هذه هي فكرة الفيلم.
حري بالذكر، أن فيلم “سيكا” المطول حول قضية الصحراء المغربية، من إخراج ربيع الجوهري، وإنتاج مصطفى بوحلبة، فيما الممثلون الذيم لعبوا أدوار رئيسية في الفيلم، فيتعلق الأمر بـتوفيق شرف الدين، فضيلة الهامل، حسين بوحسين، فاطمة بوشان، محمد شكاف، مصطفى الزغاري، سارة الدريوش، محمد بهياج، حسن الخيام، التهامي الهاني، حمادة آملوكو، مصطفى التوبالي.
تابعوا آخر الأخبار عبر واتساب
انضم إلينا واحصل على نشراتنا الإخبارية