باحث يكشف مستجدات القرار الأخير لمجلس الأمن ومستقبل الوضع بالكركرات

ما هي القراءة السليمة لقرار مجلس الأمن  الصادر يوم أمس بشأن قضية الصحراء المغربية؟ وما هو التعليق الموضوعي لردود الفعل المعبر عنها حتى الآن؟ وكيف يمكن توقع رد فعل “البوليساريو” بعد مطالبته من قبل مجلس الأمن وكبريات دول العالم بالكف عن الاستفزازات بمنطقة الكركرات والخروج من المنطقة العازلة؟ ثلاث أسئلة وجهناها لنوفل البعمري المحامي والباحث في ملف الصحراء، فكانت هذه الإيضاءات … فلنتابع:

– ما هي القراءة السليمة لقرار مجلس الأمن  الصادر يوم أمس بشأن قضية الصحراء المغربية؟

– قرار مجلس الأمن لا يمكن قراءته بمعزل عن النقاش الذي شهده مجلس الأمن لتفسير تصويت الدول على القرار، حيث امتنعت دولتين، وهما روسيا التي يُعد موقفها مفهوما نظرا لعلاقتها مع الجزائر والمغرب، بالتالي فقد اتخذت نوعا من الحياد الإيجابي وهو حياد لصالح المغرب، لأنه لو كان لها موقفا سياسيا رافضا لمضمون القرار لاستعملت حق الفيتو، وتمريرها للقرار رغم امتناعها هو نوع من الدعم الضمني له، ثم جنوب إفريقيا التي وجدت نفسها معزولة بمجلس الأمن، إذ لم تستطع أن تصوت ضد القرار، لذلك كان اختيارها التصويت بالامتناع.
لذلك، فهذا القرار هو تعبير عن إجماع دولي داعم للحل السياسي وللمسار الذي سيتخذه الملف مستقبلا، خاصة ما يتعلق منه بتبني خيار الحكم الذاتي باعتباره المخرج النهائي لهذا النزاع، وهو ما عبرت عنه البعثة الأمريكية بوضوح التي لم تكتفي بالإعلان عن دعم المبادرة، بل اعتبرتها الحل الوحيد للنزاع.
ولذلك أيضا، فقرار مجلس الأمن هو قرار يأتي في ظل هذا الإجماع، وهو إجماع أصبح اليوم يتجه بشكل حثيث لدعم مختلف الاختيارات السياسية، ويتجلى ذلك في مضمون القرار الذي عرف من هذا الجانب تطورا مفاجئا للخصوم، إذ أنه لم يكتفى كما فعل في القرارات السابقة بإحالة الحل على قرار 2440 الصادر سنة 2017 الذي أعلن فيه عن البحث عن حل سياسي عادل متوافق بشأنه بروح ودينامية جديدة، بل أحال القرار الحالي على مختلف القرارات الصادرة عن مجلس الأمن الصادرة منذ سنة 2007 إلى الآن، وهي إحالة على مرجعية الحكم الذاتي باعتبار أن مجلس الأمن اعتمد واعترف بالحكم الذاتي كحل سياسي مقبول وذي مصداقية.
إن قرار مجلس الأمن يعد من هذا الجانب إعلان عن بداية تبني الأمم المتحدة للمبادرة المغربية ليس كخيار ثالث من بين الخيارات الأخرى، بل كحل وحيد وأوحد للنزاع، إلى جانب جوانب أخرى في القرار تعد نوعا من التأكيد على وضعية الجزائر كطرف أصيل في النزاع، و في أي حل مستقبلي، واعتبار النزاع ذي طبيعة إقليمية، وهو ما يحمل المسؤولية للجزائر ليضعها أمام مسؤوليتها السياسية اتجاه النزاع واتجاه مستقبل المنطقة.
– طيب، ما هو التعليق الموضوعي لردود الفعل المعبر عنها حتى الآن؟
– ردود الفعل الصادرة الي الآن متعددة، منها ما هو صادر عن “البوليساريو”، إذ أصدرت أمانته العامة بيانا في الموضوع تزامن مع صدور القرار، و هو بيان يعكس حالة التخبط السياسي والتنظيمي الذي أصبحت تعيشهما الجبهة منذ تقرير الأمين العام للأمم المتحدة حول الصحراء المقدم أواخر شهر شتنبر، وهو يعكس رد فعل سلبي اتجاه الأمم المتحدة واتجاه مجلس الأمن ويضعها في مواجهة مباشرة معهم، خاصة مع إعلان الجبهة عن عدم انخراطها في العملية السياسية لأنها استشعرت الموقف الجديد والواضح للأمم المتحدة والداعم للحكم الذاتي، والذي سينعكس على وضعية بعثة المينورسو، إذ ستشهد ولايتها في المنطقة تغيرا سياسيا كبيرا من خلال الإقرار بوضعيتها الجديدة، وضعية الإشراف على الأمن والسلم بالمنطقة فقط، مع إسقاط استفتاء تقرير المصير بشكل رسمي من جدول أعمالها.
باقي الدول هناك ردود فعل مباشرة، تلك المعلن عنها بعيد صدور القرار، إذ أن كل الدول تناقش أسباب تصويتها و كلها بالإجماع، أي 13 دولة المصوتة بالايجاب على القرار اعتمدت الحل السياسي المشار إليه سابقا، الداعم لحل سياسي بديل عن استفتاء تقرير المصير، متمثلا في مبادرة الحكم الذاتي باعتبارها تحقق الوجه الديموقراطي لفكرة تقرير المصير ولروحها.
– وكيف تتوقعون رد فعل “البوليساريو” بعد مطالبته من قبل مجلس الأمن وكبريات دول العالم بالكف عن الاستفزازات بمنطقة الكركرات والخروج من المنطقة العازلة؟
– لقد كان قرار مجلس الأمن وكذا تقرير الأمين العام للأمم المتحدة واضحين فيما يتعلق بالكركرات، باعتبار ما يحدث يشكل تهديدا للسلم بالمنطقة، خاصة مع تزايد أعمال الفوضى التي أحدثها عناصر الجبهة بالكركرات، وهي بالمناسبة كلها تحركات تتم في نقطة تتواجد ما بعد المعبر الذي أقامه المغرب الذي ينظم من خلاله عملية العبور، لذلك فبعد قرار مجلس الأمن حول الصحراء، فإن البوليساريو ستكون  في مواجهة مباشرة مع الأمم المتحدة وستكون قد أعلنت عن نفسها كتنظيم لا يمكن أن يكون موضوع أي تسوية سياسية أممية، إذ لا يمكن الدخول في مباحثات مع تنظيم لا يحترم التزاماته السياسية الاممية، ووضعته الأمم المتحدة في حكم التنظيم الغير الشرعي، لذلك البوليساريو ستكون محكومة بأمرين : إما أن تسحب عناصرها وتحترم تعهداتها، أو ستتحمل عواقب ما يمكن أن يحدث خاصة شرعية الأعمال التي يمكن أن يقوم بها المغرب في المعبر.

هزة أرضية تضرب إقليم جرسيف

whatsapp تابعوا آخر الأخبار عبر واتساب






انضم إلينا واحصل على نشراتنا الإخبارية




زر الذهاب إلى الأعلى