مدرجات مهجورة وهدوء قاس.. كرة القدم يتيمة بدون جماهير
المرء يدرك قيمة ما يمتلك عند فقدانه، عند فراق ما اعتاده، عند نزوح قرينه الذي ظن ابتعاده كابوسا يستحال حدوثه، فراغ يؤلم، وصمت يحزن، ومشهد يثير حسرة وحنين كل متابع اعتاد كرة القدم بتواجدهم، مدرجات مهجورة تفتقد لمعمريها، لشاغريها الأوفياء، للأنصار الذين أفقد غيابهم كمال كرة القدم.
بدأت كرة القدم تنبعث من جديد، بعد سباتها الذي دام قرابة الشهرين بسبب فيروس “كورونا”، وكانت ألمانيا سباقة لاستئناف مباريات الدوري ولتصبح النموذج الذي يحتدى به؛ عادت كرة القدم مغايرة عن ذي قبل، بدت غريبة عن المتابع الذي اعتاد ما يميزها، اعتادت الحشد الذي يدفع باللاعبين إلى تقديم ما لديهم وبث الروح والحماس في وجدانهم.
المدرجات مقفرة، وأصوات اللاعبين والمدرب تعلو المكان، المسامع تلتقط ما كانت تراه الأعين همسا من شدة الصخب، الجمهور لم يسلم من كورونا حتى وإن عادت الكرة للمستطيل، تدابير وبروتوكولات منعت الأنصار من التواجد خلف أنديتهم، وذلك حرصا على سلامتهم وخوفا من استمرار تفشي الفيروس.
أظهر الدوري الألماني مدى أهمية الأنصار وإضافتهم الكبيرة لكرة القدم، ومشهدها وضح مدى اختلاف اللعبة بين الأمس واليوم، صور الأنصار في المدرجات، وتسجيل هتافاتهم، وغيرها من المحاولات التي أثبتت أن الجماهير ليسوا مجرد أفواه وصخب أو أجساد تملأ جنبات الملعب، الأنصار هم نفس كرة القدم وشغفها.
ولم يتقبل نجوم كرة القدم التواجد في الميدان بدون جماهير، خاصة بعد المشهد الذي بدا عليه الدوري الألماني عقب التوقف جراء فيروس “كورونا”، إذ قاد ميسي فئة اللاعبين والمدربين الذين عبروا عن استيائهم من غياب الجماهير إذ تحدث عن الخصاص الكبير الذي سيشكله عدم تواجد الأنصار في الملعب واصفا إياها، بـ”مباريات الأشباح” مضيفا: “على الجميع الاستعداد للعب في غياب الجماهير لأن ذلك سيكون غريبا للغاية”.
في حين علق مدرب المنتخب الإسباني لكرة القدم، لويس إنريكي، بدوره عن افتقاد الملاعب للجماهير بقوله: “اللعب من دون جمهور أمر محزن وليس أمراً جميلاً، تابعت الدوري الألماني، وهو أمر مؤسف.. نفتقد خصوصية الأوقات الجميلة.. علينا أن نفهم أيضاً أن كرة القدم تؤمن الكثير من الأموال، حتى وإن كان المشهد بعيداً من أعلى مستوياته مقارنة بما سيكون عليه مع وجود أشخاص في المدرجات، فهو قد يساعد في تجاوز تبعات فترة الحجر الصحي”.
كما عبر قائد نادي ليفربول الانجليزي عن حزنه من غياب الجماهير لحظة تتويج الفريق بالدوري الإنجليزي، مشيرا إلى أنه لا يتقبل هذا الواقع، بقوله: “سيكون شعورا مختلفا لأنه إذا حسمت لقبا وتوجت به دون حضور الجماهير، سيكون أمرا غريبا”.
هي قناعة تأكدت لدى كل من تابع كرة القدم بعد التوقف، من لمس الاختلاف وأعاده الشوق للماضي القريب، الجمهور يبقى روح اللعبة، فهم ليسوا مجرد أجساد تحيط بالميدان، أو مصدر صخب يهز الملعب، هم شغف اللعبة وشعلة عواطفها.