عبد السلام وادو.. حكاية لاعب لن تُبرح ذكراه الأذهان
لحظات هي خلدت أسماء وجعلتهم يسكنون قلوب من عاصروهم، سنوات تنقضي ويزداد معها الشوق والحنين إلى ذاك الماضي المرسخ بتفاصيله في الأذهان، فكل من عايش جيل 2004 من المنتخب الوطني، ستجده يقر بأنه لاعب لم تجد له كارها، تراه في كل مرة وطأت قدماه الملعب يطلق العنان لنفسه ويبدل كل ما في وسعه في سبيل إرضاء نفسه ومتابعيه، لا يعرف للتهاون طريقا وللتعجرف سبيلا، فجديته وتواضعه وكذا حسن أخلاقه جعلاه يتخذ لنفسه مكانا في قلوب متابعيه عنوة، فالجميع يعلم من هو برج المراقبة في دفاع المنتخب الوطني آنذاك، النجم الدولي السابق عبد السلام وادو.
في الجنوب الشرقي للمملكة، رأى عبد السلام وادو النور في فاتح نونبر 1978 بمدينة ألنيف الواقعة جوار الراشيدية، وترعرع في الديار الفرنسية وبالضبط في مدينة لانس، كان طفلا مولعا بكرة القدم ولج أكاديمية نادي جافيل وهو في سن التاسعة، هناك تمرس وادو وصقل موهبته بتدرجه في مختلف فئات النادي السنية، يكبر وادو سنا وتكبر موهبته، انتقل سنة 1995 إلى نادي نانسي، انتظر ثلاث سنوات ليتم تصعيده إلى الفريق الأول ويوقع بذلك عن أول عقد احترافي له، قضى ثلاثة مواسم مع الفريق الفرنسي مشاركا في 53 مباراة كانت كفيلة أن يلفت انتباه نادي فولهام الانجليزي، الذي قرر انتدابه سنة 2001 مقابل 4.6 مليون يورو.
قضى وادو موسمين متذبذبين مع فولهام، خاض 38 مباراة، تألق في إحداها وغاب عنه التوفيق في أخرى، انضم بعدها إلى نادي رين الفرنسي، بعودته إلى بلد نشأته بزغ نجم وادو وارتفعت أسهمه بشكل كبير، قدم مباريات كبيرة وذاع صيته إلى أن أصبح يعد من بين أفضل المدافعين في الدوري الفرنسي آنذاك، قضى ثلاث سنوات مع رين، حمل خلالها قميص الفريق في 92 مناسبة وسجل 5 أهداف.
سنة 2006 قرر وادو خوض مغامرة جديدة خارج فرنسا، استقر اختياره عند نادي اولمبياكوس اليوناني، لم تجري الرياح كما اشتهاها وادو، لم يستأنس النجم المغربي مع فريقه الجديد كما لم تسنح له الفرصة ليبرز ما لديه، لعبه لسبع مباريات فقط لم تكن كافية لطموح وادو، قرر سنة 2007 العودة إلى دوريه المحبب “ليغ1” من بوابة نادي فالينسيان قضى معه سنتين شارك خلالها في 45 مباراة، سنة 2008 قرر العودة الى الديار والارتماء في حضن ناديه الأم نانسي، استعاد جزءا من بريقه معه مدافعا عن ألوانه في 50 مباراة.
سنة 2010 شد وادو الرحال كأي اسم أوشكت نهايته مع كرة القدم كلاعب، إلى الدوريات الخليجية، اختار وادو نادي لخويا القطري لعب لموسم واحد فقط، مسجلا هدفين من أصل 18 لقاء، تم انضم إلى نادي قطر القطري سنة 2011 الذي لعب له موسما واحدا فقط، ليعود سنة 2012 إلى ناديه الأم كلاعب حر واستمر معه إلى نهاية موسم 2012/2013، وهو الموسم الأخير لوادو كلاعب كرة القدم باعتزاله اللعب بعد مشوار امتد لـ15 سنة.
عبد السلام والمنتخب الوطني، حكاية فخر ووفاء تألق وبدل المستطاع، كلما حمل قميص وطنه تجده يقاتل كأنها مباراته الأخيرة، البداية كانت سنة 2000 في المباراة الودية التي جمعت المنتخب الوطني أمام نظيره الليبي، كانت انطلاقة وادو كلاعب دولي، شارك مع أسود الأطلس في 59 مباراة وسجل 3 أهداف، كان ضمن جيل 2004 الذي بلغ نهائي كأس أمم إفريقيا بتونس، كانت معه آخر نفحات السعادة بعد السنوات العجاف التي هبت على الكرة الوطنية.
عبد السلام المدافع المتيم بكرة القدم، الوفي لمنتخب بلاده، لا يهاب أحدا، يقف في الخلف حريصا على تقديم أفضل ما لديه، بدل كل ما في وسعه للدفاع عن القميص الوطني، سيتذكر الجيل الذي عاصره، ذاك المدافع بالمنتخب الوطني الذي أفنى نفسه لنداء قلبه، سيتذكر قتاليته وشغفه الكبيرين، سيتذكر كل هجمة بددها وكل كرة ارتقى لها، وكل محاولاته لتقديم الإضافة للمنتخب الوطني، وهو فعلا ليس ذاك النجم الأول الذي يستحوذ على الأضواء والشهرة، هو فقط لاعب بسيط أحب كرة القدم ومارسها بصدق وشغف.
تابعوا آخر الأخبار عبر واتساب
انضم إلينا واحصل على نشراتنا الإخبارية