هيرفي رونار.. حكاية نجاح لمدرب نثر سحره على الجميع
هي أسماء لا ندري كيف جمعتنا بها الأقدار، يأتون كقطرة غيث تسقط على أرض قاحلة، أحدهم قدم الينا بعدما صال وجال وأذهل الجميع بدهائه ،مدرب أينما وطأت قدماه أدغال السافانا الا وأزهرت، اتخذ القارة السمراء ملاذا لتحقيق أحلامه وإنجازاته، هو المدرب الفرنسي هيرفي رونار الذي اعاد شريان الحياة للمنتخب الوطني.
ولد هيرفي رونار في 30 شتنبر 1968 ببلدية ايكس لي بان الفرنسية، حبه لكرة القدم لازمه منذ صغره خاض مسيرته الاخترافية كلاعب لكرة القدم، وشغل مركز المدافع حمل قميص كلا من نادي كان وفالوريس وايضا نادي دراغينيان، الى ان قرر اعتزال اللعب ولكنه لم يعتزل اللعبة التي يكن لها شغفا كبيرا، بدأ مساره التدريبي مع نادي دراغنيان سنة 1999، استمر معه لسنتين تم انتقل الى فريق غوانزهو الصيني ليصبح مساعد المدرب كلود لوروا، وانتقل الى فريق كامبريدج يونايتد سنة 2004، ولكنه سرعان ما تركه لينتقل الى فريق تشيريورغ سنة 2005 تم استقال سنة 2007، وعاد ليرافق المدرب كلود لوروا كمساعد له وهذه المرة مع المنتخب الغاني.
نضج التلميذ ونال المعرفة من استاذه، وصقل امكانياته، فقرر ان يبحث عن مغامرة جديدة في الادغال الافريقية، ليتولى سنة 2008 قيادة منتخب زامبيا والذي نجح في قيادته بعد ذلك الى الربع النهائي، ليغادره بعد ذلك ويقرر الانضمام لمنتخب انغولا، بعدها بأشهر فقط قرر الاستقالة من منصبه، توصل لاتفاق سنة 2011 مع فريق اتحاد الجزائر ولكنها لم تكن تجربة ناجحة، وعاد لمنتخب زامبيا في السنة نفسها، ليبدأ رونار في كتابة مجده الخاص واسمه رصع بالذهب بعدما قاد المنتخب الزامبي لانجاز تاريخي بتتويجه بلقب كأس امم افريقيا سنة 2012 لأول مرة في تاريخ زامبيا ورونار اصبح بطلهم الاول.
بعد الانجاز التاريخي قرر ان يفسخ عقده مع منتخب زامبيا وانتقل سنة 2014 الى فريق سوشو، لم تنجح تجربته مع الفريق الفرنسي اذ صارع على تجنب الهبوط ليقدم رونار استقالته، ويوقع مع منتخب ساحل العاج خلال نفس السنة ليعود معها الى العزف على اوتار النجاح، لتتضح الجاذبية الكبيرة بين الثعلب وافريقيا، اذ نجح في تحقيق لقب امم افريقيا مع منتخب الفيلة ليضع لنفسه حيزا مهما في تاريخ الكرة الافريقية كأول مدرب فاز بلقب امم افريقيا مع منتخبين مختلفين.
وبعد تجربة لم يكلل لها النجاح مع فريق ليل الفرنسي سنة 2015، ساقته الأقدار سنة 2016 بالمنتخب الوطني المغربي الذي كان يحاول في تلك المرحلة استعادة أمجاده، كطائر “الفينيق” الذي ينهض من رماده، وافق على قيادة الأسود، ومباراة بعد أخرى بدأت تتضح معالم التغيير، وسحره بدأ يظهر للعامة، منتخب قوي مقاتل شغوف، يرغب في اسعاد المغاربة وإعادة الكرة الوطنية الى الواجهة، ومع الوقت أصبح من اقوى المنتخبات الافريقية وصل لربع النهائي من كأس امم افريقيا سنة 2017، كمانجح في التأهل لكأس العالم بروسيا وتحقيق حلم جيل كان في الماضي صعب المنال، ورغم قوة المجموعة التي وقع فيها الأسود، قدموا كرة جميلة في ثلاث مباريات بدون استثناء وكانوا الاجدر بالفوز ليغادروا المونديال شامخين.
هي حكاية لم يطو غلافها بعد، لازالت تنتظر بما ستدون صفحاتها البيضاء، حكاية من ظهر لكي يعيد النبض للمنتخب، بعدما سقاه بإكسير الحياة، فكرة القدم تجعلك عاشق لمن جعلك تعشقه، تتعلق بمميزات المتميز، نراه ولا نرى غيره جالسين في خلوة مع النفس، نعيد شريط الماضي القريب ونرسم ابتسامة خفيفة ونفكر في المستقبل، مستحضرين متمنياتنا المتضاربة نرددها بصوت لا يكاد يسمع، “كم نتمناها نهاية سعيدة له مع المنتخب.. أو لنكتف بالقول: هي سعادة فقط بدون نهاية”.
تابعوا آخر الأخبار عبر واتساب
انضم إلينا واحصل على نشراتنا الإخبارية